فاتن الحاج
مع الحديث عن وجود عدد كبير من الإصابات بفيروس كورونا في صفوف الأساتذة والتلامذة وإعلان روابط المعلمين في القطاع الرسمي مقاطعة التعليم، ونقابتهم في القطاع الخاص تأجيله لأسبوع، ستشهد المدارس عطلة غير رسمية أو غير «معلنة» في ظل إصرار وزارة التربية وأصحاب المدارس على العودة إلى الصفوف
لن ينتظم التعليم الحضوري، الاثنين المقبل، في المدارس والثانويات الرسمية والخاصة. وإذا لم يصدر وزير التربية، عباس الحلبي، قراراً رسمياً بتمديد العطلة أسبوعاً واحداً بالحد الأدنى، ستشهد المدارس، عطلة غير معلنة، بالنظر إلى إصرار روابط الأساتذة والمعلمين ولجان المتعاقدين في التعليم الثانوي والأساسي والمهني الرسمي على «اللاعودة»، وإعلان نقابة المعلمين في المدارس الخاصة عدم تلبية قرار العودة، ولمدة أسبوع قابلة للتجديد.
وخلال اجتماع دام 3 ساعات، لم يستطع وزير التربية أن يقنع روابط «الرسمي» ولجان المتعاقدين بأسباب تأخير دفع التقديمات الاجتماعية والحوافز (90 دولاراً شهرياً) لا سيما لجهة التذرع بالإجراءات الإدارية وصحة الجداول المرفوعة من المديرين، مقابل إصراره على العودة، مهما كلف الثمن، بالتشديد على الأهمية التربوية والنفسية من جهة وضرورة التحاق الأساتذة والمعلمين بصفوفهم للقيام بـ «رسالتهم» من جهة ثانية.
وبحسب المكتب الإعلامي لوزير التربية، يتم التحويل إلى صناديق المدارس أو الدفع إلى شريحة من الأساتذة والمتعاقدين بصورة مستمرة وقد شمل نحو 34 ألف شخص، ويمكن أن يكون الشخص الواحد أحياناً قبض شهرين متتاليين، كما تبين أن هناك حتى اليوم نحو 2250 خطأ في أرقام حسابات التحويل، ما يعوق التحويل ويعيد اللوائح إلى المربع الأول. وطالب الحلبي «الحكومة بتنفيذ وعودها بالمنحة الاجتماعية ورفع بدل النقل ومضاعفة بدل ساعة التعاقد، وسداد قيمة 35 في المئة من مستحقات التعليم المهني والتقني عن العام الدراسي الماضي»، مؤكداً «استمرار حملات التلقيح في المدارس وعبر العيادات النقالة لوزارة الصحة والمتطوعين».
وفيما جددت رابطة الأساتذة الثانويين طرحها بالتأجيل حتى 21 الجاري، طالبت رابطة المعلمين في الأساسي التأجيل أسبوعاً بالحد الأدنى ريثما يتوضح المشهد صحياً ويتحدد مصير المساعدات المالية في مجلس الوزراء. ووضع رئيس الرابطة حسين جواد الوزير في أجواء دراسة أعدتها الرابطة وأظهرت أن هناك 1177 أستاذاً وعاملاً قبضوا الـ 90 دولاراً في 469 مدرسة (من أصل 14906 في 970 مدرسة)، منهم 1042 أستاذاً في الملاك، و8 متعاقدين، و59 مستعاناً به و68 عاملاً (مكننة، خدم، حرس، سائق).
من جهته، وضع عضو رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، عصمت ضو، الأساتذة الثانويين في أجواء الاجتماع مع الحلبي، من خلال تسجيل صوتي، شدد فيها على موقف الرابطة بالاستمرار في مقاطعة التعليم في انتظار تلبية المطالب، ومنها إعطاء الأساتذة راتباً كاملاً إضافياً شهرياً، وبدل نقل يومي يوازي 100 ألف ليرة، على أن يبنى على تنفيذها المقتضى اللازم.
اشترطت بعض المدارس الخاصة على كل التلامذة إجراء الـPCR قبل العودة
اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين أبلغت الحلبي بقرارها عدم العودة إلى المدارس حتى تشريع الحقوق وتحويل المستحقات إلى جيوب الأساتذة، داعية، في بيان، الحكومة إلى تحمل مسؤولياتها وتوقيع المراسيم ووزارة التربية إلى الضغط في هذا الاتجاه.
في المقابل، أعلنت إدارات المدارس الخاصة التزام قرار الوزير بالعودة إلى الصفوف، واشترط بعضها ومنها مدارس كاثوليكية على جميع التلامذة إجراء فحص الـPCR قبل الاثنين، وإبراز النتيجة السلبية. إلا أن الأمين العام للمدارس الكاثوليكية يوسف نصر أوضح، في اتصال مع «الأخبار» أن الفحص ليس شرطاً للعودة ولن يكون ملزماً، بما أن الرأي العلمي يقول إنه إجراء لا يقدم ولا يؤخر، متسائلاً ما إذا كانت هناك تجارة في هذا المجال لا سيما وأن بعض المؤسسات نظمت حملة فحوص لمن يرغب من الطاقم التعليمي بأسعار مخفضة جداً، أي بـ 90 ألف ليرة و130 ألفاً.
إلى ذلك، قال نصر إنه يتفهم معاناة المعلمين ويقر بحقوقهم، إلا أنه يدعوهم إلى التحلي بالعقلانية والتحاور لإيجاد طريقة لإنقاذ العام الدراسي، باعتبار أن الهيكل إذا سقط سيسقط على رؤوس الجميع، والحل لن يكون بالتأجيل بل بالجلوس معاً، خصوصاً أن المؤسسة هي مصدر تعليم وتمويل، باعتبار أنها تدفع رواتب المعلمين.
لكن نقابة المعلمين رفضت تلبية العودة، ولمدة أسبوع قابل للتجديد، على خلفية أن أحوال المعلمين في المدارس الخاصة لا تخف وطأة عن أحوال زملائهم في التعليم الرسمي، والخطر الاقتصادي والمالي عليهم، كما قال رئيس النقابة رودولف عبود في مؤتمر صحافي، ليس أقل من الخطر الصحي، إذ أصبحت الحاجة أكثر بكثير من الحقوق القانونية في ظل الانخفاض غير المسبوق لقيمة العملة الوطنية مقابل الدولار، والتراجع المخيف للقيمة الشرائية للرواتب والأجور.
وحتى فتح باب الحوار الجدي، طالب عبود بإعطاء حوافز إضافية للمعلمين، تطبيق بدل النقل الجديد، تطبيق قانون سلسلة الرتب والرواتب بكل مندرجاته في صندوق التعويضات والانتهاء من بدعة «الدفعة على الحساب»، والضغط على مصرف لبنان وجمعية المصارف لتحرير رواتب المعلمين الذين هم في الخدمة ورواتب وتعويضات المعلمين المتقاعدين وتطبيق التعميم 161 (استفادة المعلمين من السحب بالدولار وفق سعر منصة صيرفة).
لكن هل سيلتزم المعلمون في القطاع الخاص بقرار نقابتهم أم سيرضخون لضغوط الإدارات؟ عبود أشار في اتصال مع «الأخبار» إلى أن قرار النقابة بتأجيل العودة نابع من إرادة المعلمين «هم الذين طلبوا منا ذلك وعليهم الالتزام به والمدارس لا تستطيع أن تستبدلهم بآخرين». وأثار عبود مشكلة تأمين المعلمين لتكاليف فحوص كورونا، فيما لا يبدو أنها ستكون مجانية كما وعد وزيرا التربية والصحة.
حرص اتحاد الأهالي وأولياء الأمور في المدارس الخاصة على العودة الحضورية وعدم ضياع عام دراسي ثالث، لا يمنع، كما قالت رئيسة الاتحاد لمى الطويل، التأجيل لأسبوع ريثما يبدأ انخفاض أعداد الإصابات بسبب الأعياد، والسماح للمدارس والجهات المعنية أخذ الإجراءات الوقائية وتدابير السلامة والتجهيز، وتفادي تصاعد الإصابات وما ترتبه إصابة العائلات من تداعيات صحية ونفقات تمريضية ومالية يسببها التعطيل عن العمل نتيجة الإصابة، خصوصاً في ظل فقدان الأدوية في السوق اللبنانية، فضلاً عن تسريع حصر الانتشار الواسع المتوقع في حال عدم الإغلاق العام، علماً بأن تضاعف الإصابات سينتج منه إغلاق غير رسمي وغير معلن للصفوف والمدارس على مدى 3 أسابيع بالحد الأدنى.