اقتصادياً ومالياً، رغم الأجواء الايجابية التي يشيّعها افرقاء في الحكومة، في شأن التقدّم الذي تمّ احرازه في مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي، يلف الغموض غير البنّاء هذا الملف، انطلاقاً من حقائق لا تدعو الى مشاطرة اهل السلطة التفاؤل المفرط في قرب موعد الوصول الى اتفاق مع الصندوق، من أهمها:
اولاً- لم يُعرف حتى الآن ما إذا كان الصندوق وافق على رقم الخسائر الذي اتفق عليه الجانب اللبناني (69 مليار دولار).
ثانياُ- لم يُعرف بعد كيف سيتمّ توزيع هذه الخسائر، خصوصاً انّ رئيس الوفد اللبناني سعادة الشامي عدّد المعنيين بتحمّل الخسائر، وعلى رأسهم الدولة، من دون وجود مؤشرات الى التوافق السياسي على إشراك الدولة في تحمّل جزء من الخسائر.
ثالثاً- لم تظهر بوادر الخطة الاقتصادية والمالية التي قد تقدّمها الحكومة اللبنانية ليجري على أساسها التفاوض والاتفاق.
رابعاً- لا بوادر توحي بقدرة الحكومة على اتخاذ اي إجراء إصلاحي مطلوب، خصوصاً بعد دخول البلد في العصر الانتخابي، حيث يصعب إقرار اصلاحات موجعة يحتاجها البلد للبدء في تنفيذ خطة التعافي.
كل هذه المعطيات لا تسمح بمجاراة الوزراء المتفائلين، وتدعو الى الريبة والحذر، خصوصاً انّ كل التجارب السابقة لا تشجّع للمراهنة على تغيير حقيقي في العقلية التي أوصلت البلد الى ما هو عليه اليوم، ومستمرة في تدميره الممنهج.