رنى سعرتي
لا يبشّر الوضع المتأزم حالياً على الاصعدة السياسية أولاً، والاقتصادية والمالية ثانياً، بانطلاق مرحلة التعافي في العام 2022 كما تأمل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، حيث ان الاصلاحات الاولية المطلوبة سواء كانت شعبوية ام لا، لم يترجم أيّ منها بعد، في حين لا يوجد أي قرار جدّي سياسي بالاصلاح او بوضع حدّ للانهيار وانزلاق البلاد اكثر نحو القعر.
اعتبر النائب ياسين جابر انّ بعض الاصلاحات المطلوبة قد تكون شعبوياً غير مقبولة إلا ان غيرها من الاصلاحات مقبولة ومطلوبة من قبل المواطنين أوّلها الكهرباء التي تؤثر في حياة كلّ فرد من افراد المجتمع.
وقال لـ«الجمهورية» ان السؤال الاساسي هو: «هل هناك قرار سياسي ناضج بتغيير المسار السابق والمضيّ في طريق الاصلاح الحقيقي؟ للاسف الشديد لا توجد بوادر على ذلك. ليس هناك استيعاب بعد لمقدار الكارثة التي تحلّ بلبنان. البلاد في حالة اكثر من خطرة، وفي حال عدم الاسراع باتخاذ قرارات حاسمة وحازمة ومستعجلة، فإننا متجّهون نحو الاسوأ والاعظم.
واشار جابر الى ان رئيس الحكومة بعد عودته من فرنسا ولقائه الرئيس الفرنسي صرّح انه أبلغ ماكرون انه عاجز عن تطبيق الاصلاحات لأن أحد الاطراف السياسية يعرقل ذلك خصوصا في ملف الكهرباء.
واضاف: الدليل الاكبر على عدم وجود نيّة للاصلاح هو موضوع الكهرباء حيث يشترط البنك الدولي بنوداً عدّة لتمويل استجرار الغاز المصري، منها على سبيل المثال الهيئة الناظمة، ولم يتم بعد تنفيذ أي منها. بالاضافة الى ذلك، عرض البنك الدولي تمويل استجرار الغاز بقرض قيمته 250 مليون دولار في السنة الاولى، ولكن كيف سيصار الى تمويل كلفة الغاز في العام المقبل وكيف سيتم تسديد قيمة القرض؟ هل يعقل ان مؤسسة كهرباء لبنان لا تزال تقوم بجباية فواتير عن العام 2019؟ ما الذي كانت تقوم به شركات مقدمي الخدمات طوال تلك الفترة؟».
واكد جابر: «اننا عملياً، رغم كلّ الاجتماعات والمفاوضات والتصاريح والوعد، نراوح مكاننا».
وذكّر انه منذ عامين كان الخلاف على ارقام خطة الرئيس حسان دياب، «علماً ان الارقام ضرورية ولكنها غير كافية»، مشيرا الى ان الخلاف لم يكن على وجود او عدم وجود خسائر مالية بل بين المصارف ومصرف لبنان من جهة وفريق دياب من جهة اخرى حول حجم الخسائر، إلا ان الاهمّ ليس بالتشخيص اي بالـ 5 او 10 مليارات «بالناقص او بالزايد»، بل بالمعالجة اي بوجود قرار جدّي بالاصلاح. كما ذكّر بأن خطة دياب فشلت عندما حاولوا البدء بمعالجة أزمة الكهرباء وتوجهوا الى مجلس الوزراء للتصويت على موضوع إنشاء محطتين لإنتاج الكهرباء حيث أجبرهم رئيس الجمهورية بعد أسبوع على تعديل مواقع المحطتين، مما أدّى الى «انتهاء» الحكومة التي تبيّن انها عاجزة عن القيام بأيّ خطوة اصلاحية نتيجة القرارات السياسية العشوائية.
ورأى جابر ان كلّ خطوة اصلاحية يتم الطعن بها، كقانون الشراء العام الذي تم الطعن به إلا انهم خسروا الطعن.
وحول التعويل على عقد اتفاق مع صندوق النقد الدولي، اعتبر انّ الصندوق هو مصرف الدول وليس الصليب الاحمر او جمعية خيرية، وبالتالي هو يتعامل مع الارقام. وأوضح: لدى صندوق النقد الدولي 3 ميّزات نحن بحاجة اليها هي:
- الدولارات المطلوبة.
- الجدية بالتعاطي مع الدول حيث انه لا يقوم بتحويل أي دولار قبل تطبيق بنود الاجندة الموقّعة معه تباعاً.
- يعتبر صندوق النقد مفتاحا نحتاجه لفتح ابواب اخرى. فقد عرضت جهات عدّة زارت لبنان من قبلها وفود مثل الاتحاد الاوروبي وغيره، مساعدتنا، ولكن جميعها اشترطت توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي لكي يصار بعده الى وضع برامج خاصة من قبلها لمساعدة لبنان.
واكد جابر ان لا أحد ولا دولة مستعدّة لمساعدة بلد مثل لبنان يرفض معالجة نفسه، مشددا على ان التوصل الى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي (MOU) قد يأخذ وهجاً لأيام معدودة، إلا انه عندما يصل الامر الى تطبيق وتنفيذ بنود البرنامج، ستتم عرقلة الامور لأنه لا يوجد قرار سياسي بالاصلاح. وبالتالي، فإنّ المفتاح الاساسي هو الجدّية بالاقدام على الاصلاح فقط.
في الختام، أبدى جابر تشاؤماً حول المرحلة المقبلة حيث ان الحكومة معطّلة والاطراف المعنيّة لم تتخذ قرارا بعد بالسير جدياً بالاصلاحات.