لا تعزلوا لبنان عن العالم!
لا تعزلوا لبنان عن العالم!

أخبار البلد - Tuesday, December 28, 2021 8:56:00 AM

بقلم الدكتور فؤاد زمكحل، خبير اقتصادي، رئيس الاتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين MIDEL وعميد كليّة إدارة الأعمال في جامعة القدّيس يوسف USJ.

بعد أن تعايشنا وواجهنا بشرفٍ وشجاعة استهداف جميع القطاعات الانتاجية الأساسية في لبنان، بما فيها القطاع المالي، والنقدي، والصناعي، والتجاري، والزراعي، والاستشفائي، والسياحي، ها نحن اليوم نشهد استهدافًا لأحد أهم القطاعات ألا وهو قطاع الاتصالات عامةً، والانترنت خاصةً.

تكمن الخطورة في هذا الاستهداف في أن قطاع الانترنت يؤمّن انفتاح لبنان على العالم. ويشكّل هذا القطاع حبل الخلاص الأخير لعدد كبير من اللبنانيين الذين يحاولون التصدّي للأزمة الحالية، عبر تصدير أفكارهم، وعلمهم، ومعرفتهم، وسلعهم، ونجاحاتهم إلى العالم بأسره. ويشكّل قطاع الاتصالات عامةً والانترنت خاصةً العامودَ الفقريّ لهذا الانفتاح والتصدير اللبنانيين إلى العالم. كما ويؤمّن "الأوكسيجين" الضروري لكي تواجه الشركات والمستثمرون الحصار الكبير الذي يُمارَس على لبنان واقتصاده. إن المشكلة الأساسية هي أن القطاع، شئنا أم أبينا، قائم عل ارتكاز الاتصالات بالعالم وبالشركات العالمية. وذلك يعني أن تشغيل قطاع الاتصالات وشبكة الانترنت واستمراريتهما يتطلّبان دفع الكلفات التشغيلية بالعملات الصعبة. وهذا ينطبق على الشركات التي تعمل في القطاعين الخاص والعام. وهذه ضرورة ملزِمة لكيلا ينقطع لبنان عن الشبكة، ويصبح معزولًا عن العالم. وكذلك الأمر، شئنا أم أبينا، ينبغي دفع العديد من الكلفات التشغيلية

الإضافية الأخرى بالعملات الصعبة، لكي تتمكن الشركات من صيانة منشآتها وشبكاتها، كما وتشغيلها عبر تأمين كلفات المازوت والبنزين وغيرها.

إذًا، من الواضح جدًا أننا نواجه حاليا معضلة في قطاع الاتصالات هي التالية: إما أن ندفع مباشرةً الكلفات التشغيلية بالعملة الصعبة لوقف الخسائر، أو الاستمرار بمراكمة الديون التي لن يدفعها أحد في نهاية المطاف، مما سيفضي إلى انقطاع لبنان التام عن الشبكة الدولية. وبما أننا نتخوّف من هذه الأزمة التي يبدو أنها آتية لا محالة، نتوجّه اليوم إلى كل المعنيين اللبنانيين وبصوت عالٍ، وبكل شفافية وواقعية، لكي يتداركوا هذه الكارثة قبل أن تقع. لأننا، إذا لم نتمكّن من إيجاد حلول لهذه الأزمة، التي تعني الشعب عامةً والشركات خاصةً، فإن لبنان ذاهب إلى الانقطاع الكلي عن العالم. ونخشى أيضًا أن هذا الموضوع لا يلقى حاليًا التجاوب والمواكبة اللازمَين. كما ونتخوّف من أن تتشكل سوقٌ سوداء رديفةً، خالقةً نوعًا جديدًا من التهريب، يشبه إلى حدٍّ كبيرٍ عمليات التهريب التي عانى منها اللبنانيون مؤخرًا في سلعٍ حيويةٍ مثل مادتي البنزين والمازوت والأدوية وغيرها. والجميع يعلم أن سوء إدارة هذه الأزمة قد أدّى إلى انقطاع مادة البنزين وانقطاع الأدوية، وإكراه الشعب اللبناني على الوقوف في طوابير الذلّ والتوسّل بغية توفير المواد الحيوية. والجميع يعلم أيضًا أن الحل لهذه الأزمات كان رفع الدعم عن هذه السلع الأساسية جميعها.

أخيرًا، لا يمكن للقطاع الخاص والشركات اللبنانية، التي تكافح بغية تخطّي هذه الأزمة الوجودية التي لم يشهد لها لبنان مثيلًا، أن تتحمل تبعات كارثة انقطاع الانترنت. إذًا، على الجميع، بمن فيهم الدولة بكافة أجهزتها، والشركات اللبنانية العامة والخاصة، والشعب، أن يواجه هذه الكارثة قبل حصولها، بكل شفافية وموضوعية، وإيجاد الحلول، وعدم السماح بخلق سوقٍ سوداء مدمِّرَة وحرم اللبنانيين من الانترنت.

المصدر: ليبانون فايلز

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني