"الشعب يدفع ثمن صراعات ونزاعات إقليمية ودولية"... دريان لغوتيريش: دار الفتوى تؤكد حرص لبنان على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية
"الشعب يدفع ثمن صراعات ونزاعات إقليمية ودولية"... دريان لغوتيريش: دار الفتوى تؤكد حرص لبنان على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية

أخبار البلد - Monday, December 20, 2021 12:11:00 PM

أعلن مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، خلال لقائه وقادة روحيين، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، "ان دار الفتوى الإسلامية، تقدر كل التقدير، الدور الذي تضطلع به الأمم المتحدة، في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين في العالم. كما تتوجه إلى أمينها العام السيد أنطونيو غوتيريس بالشكر على مبادرته المسؤولة، في الاجتماع إلى المرجعيات الدينية في لبنان، للاستماع إلى آرائهم، والاطلاع منهم على ما يعانيه لبنان من مشاكل اقتصادية ومالية واجتماعية، وما يتعرض له من مخاطر وتحديات على أمنه وسلامة استقراره".
 
وقال دريان: "ان دار الفتوى الإسلامية، من موقعها، الديني والوطني ، تؤكد احترامها لدستور البلاد، والتزامها أحكامه، ودعوة اللبنانيين جميعا والمسؤولين، للتقيد بمضمونه، نصا وروحا، والاحتكام إليه في كل ما يتعلق بشؤون الحكم، وإدارة أعمال الدولة. وإن دار الفتوى، انطلاقا من أحكام هذا الدستور، تؤكد المبادئ الأساسية والجوهرية التي يقوم عليها نظام الحكم في لبنان، ومنها، وفقا لما جاء في مقدمته:
 
1-إن لبنان وطن سيد حر مستقل، وطن نهائي لجميع أبنائه، واحد أرضا وشعبا ومؤسسات.
2-إن لبنان عربي الهوية والانتماء، وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية، وملتزم مواثيقها، وهو عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة، وملتزم ميثاقها، والدولة اللبنانية تجسد هذه المبادئ في جميع الحقول والمجالات دون استثناء.
3-إن لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية، والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل.
4-إن النظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات، وتوازنها وتعاونها.
5-إن النظام الاقتصادي حر، يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة.
6-إن الإنماء المتوازن للمناطق ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، ركن أساسي من أركان وحدة الدولة، واستقرار النظام.
7-إن أرض لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيين. فلكل لبناني الحق في الإقامة على أي جزء منها، والتمتع به في ظل سيادة القانون. فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان، ولا تقسيم ولا توطين".
 
اضاف: "كما تؤكد دار الفتوى تمسكها بالعيش المشترك الإسلامي-المسيحي، الذي تعتبره جوهر وجود لبنان، وحجر الزاوية في الاجتماع السياسي اللبناني، وفي بناء الحياة المشتركة بين المسلمين والمسيحيين، والضمانة الحقيقية لسيادة لبنان وحريته واستقلاله، والذي يجسد إرادة اللبنانيين الجامعة في العيش معا بأمان وسلام، في ظل نظام سياسي، يكفل الحقوق والحريات، ويقوم على مبادئ الحق والعدالة والمساواة، والاعتدال والتسامح، والاعتراف بالآخر، والكرامة الإنسانية، ويؤمن كرامة العيش، ويطبق مفهوم الديموقراطية وقيمها، والفصل بين السلطات، واستقلال السلطة القضائية".
 
وتابع: "يهم دار الفتوى أن تؤكد أن مبدأ العيش المشترك، ووحدة لبنان، وموضوع سيادة لبنان وحريته واستقلاله، واستقلال القضاء، والنظام البرلماني الديموقراطي، ومبدأ الفصل بين السلطات، وإبعاد لبنان عن سياسات المحاور، وعدم إقحامه في النزاعات والصراعات الإقليمية والدولية، هي محل إجماع رؤساء المرجعيات الدينية، كما هي محل إجماع اللبنانيين جميعا".
 
وقال: "وتؤكد دار الفتوى التزامها بالشرعية الدولية، وحرص لبنان على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، التي تعتبر الوظيفة الأساسية للأمم المتحدة، وخصوصا مجلس الأمن الدولي، إلا أن ما يؤسف له، أن مجلس الأمن، لم يقم بهذه الوظيفة، كما يجب، ولا يزال الشعب الفلسطيني يعاني، نتيجة ذلك، مأساة التهجير من أرضه، ولا تزال إسرائيل تزرع المستوطنات، وتدمر بيوت الفلسطينيين أصحاب الأرض، وتعتدي على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتنكر على فلسطينيي الشتات حق العودة المكرس بقرار مجلس الأمن رقم  194، وأفشلت كل المساعي الدولية والعربية، لإنشاء دولة فلسطينية على أرض فلسطين، كما أفشلت قرار مجلس جامعة الدول العربية، الذي اتخذ في اجتماع القمة، الذي انعقد في بيروت سنة 2002 تحت شعار (الأرض مقابل السلام) ، ولا يزال الشعب الفلسطيني يعاني مأساة إنسانية منذ سنة 1948 دون أمل بأي حل، وهو ما انعكس على حالة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط برمتها، ومنها على وجه الخصوص لبنان".
 
واضاف: "وتلفت دار الفتوى نظر الأمم المتحدة، وخصوصا أمينها العام السيد غوتيريش، أن قسطا كبيرا مما عاناه لبنان ويعانيه اليوم من مآس وآلام وانهيار اقتصادي ومالي، واضطرابات أمنية وسياسية، دون نكران لمسؤولية الدولة اللبنانية، يعود إلى عدم قيام الأمم المتحدة بدور فاعل على صعيد حل المشكلة الفلسطينية، وإيجاد حلول للصراعات الإقليمية والدولية، التي تفتك بالأمن والسلم الدوليين، وقد آن الأوان لكي تقوم الأمم المتحدة، ولا سيما مجلس الأمن، بهذا الدور. ولا بد لدار الفتوى، ويشاركها في ذلك، رؤساء المرجعيات الدينية المشاركة في هذا اللقاء، أن تؤكد أن الشعب اللبناني، يعيش اليوم مأساة إنسانية لا يستحقها، على الرغم من أن هذا الشعب، قد ساهم في نهضة شعوب وأمم كثيرة وتقدمها وازدهارها، لما يتمتع به من قدرات وإمكانات عالية، علمية وفكرية وثقافية، وهو يدفع ثمن صراعات ونزاعات إقليمية ودولية، تدور رحاها في منطقة الشرق الأوسط، وترتد بمفاعيلها السياسية والأمنية، والاقتصادية والمالية، والاجتماعية والمعيشية على لبنان وإنسانه، وكرامة عيشه واستقراره".
 
وقال المفتي دريان: "سعادة الأمين العام للأمم المتحدة، أردت الاستماع إلينا، والوقوف على رأينا في شأن ما يحصل في بلدنا، بصدق وأمانة، عسى أن يكون للعالم، من خلالك، آذان مصغية، ليكون للبنان نصيب من سمعه واهتمامه، وليحل الأمن والسلام في العالم وبين البشر، وليسود منطق الحق والعدالة العلاقات الدولية، وهذه مهمتكم".

والتقى أنطونيو غوتيريش بعض القادة الروحيين، وأكد المشاركون، وفق بيان عن مكتب الامم المتحدة في بيروت، "التزامهم قيم الانفتاح والتسامح والتعايش باعتبارهما جوهر هوية لبنان واستقراره".

وشددوا على "أهمية الحفاظ على هذه القيم التي هي من صلب الإيمان، وخصوصا في هذه المرحلة الحرجة التي تشهد أزمة مالية واقتصادية واجتماعية متفاقمة تلقي بوطأتها الخانقة على عموم الناس".

 وأعربوا عن "عزمهم التركيز على ما يوحد لبنان ويجمع ابناءه"، وشجعوا "أبناء الديانات والمذاهب المختلفة على فعل الشيء عينه"، واعتماد "الحوار وسيلة لحل الخلافات بروح التوافق والعمل الجماعي".

وأكدوا "الرغبة المشتركة بين أبناء الأديان والمذاهب لرؤية لبنان يتعافى ويزدهر"، والتزموا "القيام بكل ما في وسعهم لإعادة الأمل إلى شعبه".

 وجددوا "دعم الأمم المتحدة للبنان لوضع حد لأزماته وتجنيب الناس المزيد من المعاناة".

إشارة إلى أن القادة الروحيين هم: البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، القاضي الشيخ مهدي اليحفوفي ممثلا سماحة الشيخ علي الخطيب نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، بطريرك الروم الأرثوذوكس يوحنا العاشر يازجي، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز سامي أبي المنى، بطريرك الأرمن الأرثوذكس الكاثوليكوس آرام الأول كشيشيان.

طالب شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والمجتمع الدولي، بمساعدة لبنان لتأمين الأمن الصحي والغذائي والتربوي"، وذلك اثناء اجتماع غوتيريش بالرؤساء الروحيين في فندق الموفمبيك في بيروت صباح اليوم. وسأل غوتيريش: "هل يجوز أن يترك لبنان وحيدا ليحتضن مئات الآلاف من اللاجئين والنازحين، ألا يتوجب على المجتمع الدولي مساعدته في إيجاد حل لهم، وكذلك في تطمين اللبنانيين باحترام القرارات الدولية المتعلقة بالصراع مع العدو الإسرائيلي، وبعدم فتح الأبواب لعودة الإرهاب إلى بلادنا، وثانيها ترسيم الحدود البحرية لمساعدة لبنان في الاستفادة من الثروة النفطية".
  
وقال شيخ العقل في كلمته: "زيارتكم بلادنا مهمة ومقدرة، وأنتم تسعون للوقوف مخلصين على هموم الشعب اللبناني وهواجسه في هذا الوقت الاستثنائي الذي يعيشه لبنان. إنها رسالة دعم لبلاد الأرز، كما قلتم، وتأكيد منكم أن لبنان ليس متروكا لقدره، وأن الأمم المتحدة متضامنة ومعنية بمساعدة لبنان. وأنتم تعلمون أن لبنان هو بلد التنوع، وأنه رسالة إنسانية وحضارية فريدة يجب الحفاظ عليها".
 
واضاف: "إننا نشكركم على وصفكم الشعب اللبناني بالسخاء وكرم الضيافة والحيوية. ونتفهم قلقكم على لبنان وحرصكم على تحقيق العدالة فيه، ودعوتكم إلى احترام الدستور والاستحقاقات الدستورية وإجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها وإعطاء فرصة للشباب والنساء للمشاركة والتجديد، وإلى مناقشة أفضل السبل لتقديم الدعم من أجل التغلب على الأزمة وتعزيز السلام والاستقرار والتنمية واحترام حقوق الإنسان. كما نقدر موقفكم القائل بأن الإصلاحات تبدأ من الداخل، من خلال اعتماد الشفافية واجتثاث الفساد. وبأنه الوقت المناسب والفرصة السانحة، وربما الأخيرة، لإنقاذ لبنان، وفي ذلك ما يشبه التحذير قبل إعلان لبنان دولة فاشلة. نحن ندرك معكم سعادة الأمين العام أن الانقسامات شلت المؤسسات، وأن التجاذب السياسي أعاق الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. لكننا في الوقت نفسه نتساءل: هل يجوز أن يترك لبنان وحيدا ليحتضن مئات الآلاف من اللاجئين والنازحين، ألا يتوجب على المجتمع الدولي مساعدته في إيجاد حل لهم، بتأمين العودة الآمنة للنازحين، وبتنظيم وجود اللاجئين، وبتمكينه من معالجة قضاياه الاقتصادية والمعيشية المتأثرة بهذا وبذاك من العوامل الضاغطة عليه؟".
 
وتابع: "قلتم للسياسيين: ساعدونا لنساعدكم، ونحن نقول معكم ولهم أيضا: فلنترفع عن المطالب الآنية المتقابلة، ولتجتمع الحكومة، وليتحمل الرؤساء والوزراء والنواب مسؤولياتهم، وفق المبدأ القائل والقول المأثور: "إن لله رجالا إذا أرادوا أراد"، أي أن الواجب يقضي باتخاذ المبادرات للإصلاح وليس الركون إلى الخلاف والعجز وانتظار الفرج من الخارج. صحيح أن الحكومة مسؤولة عن الإصلاح، لكن المجتمع الدولي مسؤول ومعني أيضا بالعمل على خلق مناخ إيجابي محيط يساعد الحكومة على النجاح. المجتمع الدولي مسؤول ومعني بالمساعدة في حل قضايا المنطقة المؤثرة على الواقع اللبناني، وفي منع التدخل السلبي في شؤون الدول، كما أنه معني بالمراقبة والتوجيه والتنبيه والإعانة والإغاثة".
 
واردف شيخ العقل: "المجتمع الدولي مسؤول معنا عن السعي إلى حل الإشكالات العالقة؛ وأولها تطمين اللبنانيين باحترام القرارات الدولية المتعلقة بالصراع مع العدو الإسرائيلي، وبعدم فتح الأبواب لعودة الإرهاب إلى بلادنا، وثانيها ترسيم الحدود البحرية لمساعدة لبنان في الاستفادة من الثروة النفطية، ومنع التهريب للحد من الانهيار الاقتصادي، وثالثها بذل الجهود الحثيثة لمعالجة القضايا الخلافية التي لها ارتباط مؤثر بمحاور إقليمية ودولية".
 
وقال: "إننا إذ نشكركم على زيارتكم وإتاحة الفرصة لنا للقائكم، فإننا نجدها مناسبة للمصارحة والقول إن لبنان الرسالة قائم على المحبة والرحمة والأخوة؛ المحبة المسيحية "أحبوا بعضكم بعضا"، والرحمة الإسلامية "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، والأخوة الإنسانية؛ تلك التي أكد عليها قداسة البابا وسماحة شيخ الأزهر، وبالتالي يحق لنا أن نطالب باعتماد لبنان مركزا دائما للحوار في هذه المنطقة من العالم، كما يحق لكم أن تطالبوا لبنان بأن يكون رائدا دائما، بالفعل لا بالقول فقط، في مجال الحوار والتثاقف واحترام التنوع".
 
وتوجه شيخ العقل الى الامين العام للامم المتحدة ايضا: "إن الموحدين الدروز الذين نمثلهم يؤكدون على رسالة الحوار والاعتدال دائما، واليوم أكثر من أي وقت مضى، ويصرون على ذلك من خلال اعتبار جبل لبنان نموذجا صالحا للمصالحة والعيش الواحد المشترك، ذلك لأنهم طائفة أساسية ومؤسسة لهذا الوطن، بل طائفة جامعة ولاحمة بين الطوائف، قدمت التضحيات الكبيرة واستفادت من العبر الكثيرة عبر التاريخ للوصول إلى وطن سيد ومستقل".
 
وقال: "إننا ضنينون بلبنان الوطن النهائي، العربي الانتماء، وحريصون على صيغة الشراكة والتكامل مع شركائنا في الوطنية، وبالمساهمة في بناء الدولة الوطنية الجامعة التي تميز بين الدين والسياسة، والتي تحافظ على حقوق المؤمنين وتحترم طقوسهم وتقاليدهم، كما يحترمون فيها القانون، ويعملون وفق مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات وتحقيق العدالة الاجتماعية".
 
اضاف: "لذلك نقول مع إخواننا الرؤساء الروحيين للطوائف الشقيقة، بضرورة التفاهم على القضايا الوطنية، وندعو أبناء الطوائف جميعهم إلى التلاقي دائما على كلمة سواء، وإلى التزام رسالتنا الروحية والقيام بمهمتنا الإنسانية لإشاعة المناخ الإيجابي في البلاد وخلق جو مشجع للسياسيين، علهم يستفيدون منه ويتحملون مسؤولياتهم ويتلقفون المبادرات الخارجية والداخلية الداعية إلى الإصلاح والإنقاذ ويسعون معا، وكل من موقعه، إلى معالجة القضايا العالقة والتخفيف من آلام الناس بمحبة ورحمة وأخوة".
 
وختم: "إننا، باسم هؤلاء الناس المتألمين والخائفين على مستقبلهم ومستقبل أولادهم ومصير عائلاتهم، نطالبكم، بما لكم من موقع ودور وتأثير، ونطالب المجتمع الدولي، بمساعدة لبنان لتأمين الأمن الصحي والغذائي والتربوي على الأقل، وذلك من خلال المؤسسات الإنسانية العاملة فيه والتي هي موضع ثقة الناس واحترامهم، ومن خلال المرجعيات الروحية الحريصة كل الحرص على حفظ الأمانة وحمل الرسالة، والساعية إلى زرع الأمل في نفوس المواطنين كي لا يتمكن منهم اليأس والإحباط، وكي تبقى روح التعاضد الإنساني حية بينهم.
شكرا لكم على المبادرة وعلى الاستماع، وشكرا لكم بالتأكيد على التفهم والتجاوب.
حفظكم الله".

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني