أكرم حمدان
بمعزل عن قرار المجلس الدستوري المنتظر بشأن الطعن بتعديلات قانون الإنتخاب، والذي يفترض أن يصدر كحد أقصى في 21 كانون الأول الجاري، أي الثلثاء المقبل، وبمعزل عن الأحاديث والتسريبات من هنا وهناك حول المقايضات بين عودة الحكومة إلى الإجتماع وفتح دورة إستثنائية لمجلس النواب، فإن الثابت حتى الآن هو أن البلاد لا تزال في حال من الشلل والمعاناة والمزيد من التحلل في مؤسسات الدولة، وبالتالي إذا استمر "النكد السياسي" بين الأطراف فمن الطبيعي أن ينسحب هذا الشلل والتعطيل على مؤسسة مجلس النواب من باب عدم فتح دورة إستثنائية للمجلس مع نهاية الشهر الحالي والعقد العادي وبداية السنة الجديدة.
وكانت "نداء الوطن" أول من أشار إلى تخوف رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال الإجتماع الأخير لهيئة مكتب المجلس منذ نحو أسبوعين، من تعطيل المجلس، عبر عدم فتح دورة إستثنائية له. لكن الأجواء المتوفرة من مصادر نيابية مختلفة، تنفي أولاً وجود ترابط أو مقايضة، كما يحلو للبعض تسميتها، بين عودة الحكومة إلى الإجتماع وبالتالي حلّ عقدة المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، وبين فتح دورة إستثنائية لمجلس النواب.
فالنائب علي درويش، العضو في كتلة "الوسط المستقل" التي يرأسها الرئيس نجيب ميقاتي أبلغ الى "نداء الوطن" أن "هناك مروحة إتصالات داخلية يقوم بها الرئيس ميقاتي من أجل إعادة تفعيل مجلس الوزراء، وهناك مسافة قطعت قد تفضي إلى عودة جلسات مجلس الوزراء، كما أن هناك ليونة تجاه فتح دورة إستثنائية لمجلس النواب، وتفاهماً بين الرئيسين عون وميقاتي وتتم معالجة الأمور بينهما ضمنه، وليس كل ما يثار في الإعلام صحيحاً أو دقيقاً".
بدوره، عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب محمد خواجة قال لـ"نداء الوطن": "نحن نطالب رئيسي الجمهورية والحكومة بفتح دورة إستثنائية لمجلس النواب لأن عدم فتحها يشلّ مؤسسة مجلس النواب كمؤسسة لا سيما وأنه لا يزال أمام المجلس خمسة اشهر من ولايته ويمكنه ان ينتج العديد من القوانين التي تحتاجها البلاد في هذه الظروف العصيبة".
أما عضو "اللقاء الديموقراطي" النائب بلال عبد الله فأكد لـ"نداء الوطن" رفض منطق "المقايضة السياسية، فنحن مع فتح الدورة الإستثنائية لمجلس النواب، ولكن تبقى الأولوية والأساس للحكومة التي يجب أن تجتمع وتعالج قضايا الناس الأساسية والملحة، فتعطيل الحكومة هو جريمة بحق المواطن والوطن، والإستمرار في هذا الأمر هو لعب على حافة الهاوية، كما أن قيام الحكومة بممارسة دورها مجدداً يساعد المجلس النيابي في القيام بدوره الرقابي والتشريعي المواكب لها".
في الخلاصة، لا يمكن الجزم بأن مشكلة الحكومة قد حُلّت ولا مسألة فتح الدورة الإستثنائية لمجلس النواب التي لم يصدر أي موقف رسمي من قبل رئيسي الجمهورية والحكومة بشأنها وهما المعنيان حسب الأصول الدستورية بهذا الأمر.
لكن الأكيد، حسب مصادر مواكبة أننا نشهد حالة إرباك من قبل جميع القوى السياسية التي تتخبط في حسابات الربح والخسارة بالسياسة في ما بينها، بين أين كنا وأين أصبحنا، لقد كان لبنان المركز المالي والمصرفي والسياحي والصحي والتربوي العالمي الرائد في المنطقة بينما أصبح الآن، يا للأسف، مستودعاً للجوء وأرضاً للصراع، وبتنا ننتظر على قارعة التفاوض الذي يجري على إيقاع الأدوار الإقليمية والدولية للدول الكبرى، وبات الحديث عن التفاصيل اليومية للمواطن اللبناني في آخر سلم اهتمامات المسؤولين.