نِتاش جيوستراتيجيّ... صدارة مصريّة وطموح إسرائيليّ
نِتاش جيوستراتيجيّ... صدارة مصريّة وطموح إسرائيليّ

خاص - Tuesday, December 14, 2021 12:56:00 PM

باتريك إيليّا أبي خليل

لطالما تغنّت مصر بأدوارها السياسيّة البارزة على الصعيدين الإقليميّ والعالميّ لميزة موقعها الإستراتيجيّ على قمّة القارة السمراء، ونقطة ارتكاز يلتقي فيها الجنوب الأوروبيّ بتوأمه الآسيويّ، وقناة وحيدة بفرادة ميزاتها للنّقل العالميّ.


ما لا يدركه السواد الأعظم من الناس هو مركزيّة مصر في مرور كابلات الإتّصالات البحريّة في العالم، أضف إليها الكميات الهائلة لحقول الغاز الطبيعي المُكتشفة في قعر بحرها، ما يعزّز ويعظّم دورها على كافة المستويات.


لكن، وانطلاقاً من هذه المعطيات، تسعى إسرائيل لتثبيت موقعها الجيوسياسيّ ولعب دور استراتيجي دوليّ من خلال الإستيلاء على مكانة مصر ودورها، وذلك عبر مشاريع تتحضّر لها من شأنها إضعاف الوهج المصري ومركزيّته.
أبرز هذه المشاريع تتمثّل بشقّ قناة بن غوريون الموازية لقناة السويس المصرية والذي أُعيد إحياء مشروعها بعد حادثة جنوح السفينة العملاقة "إيفرغرين" وتوقف حركة الملاحة في السويس.


كذلك تتحضّر إسرائيل لإطلاق مشروع الكابل الأزرق "بلو رمان" كبديل عن كابلات الإتصالات في مصر، والذي يتمتّع بقدرة هائلة على نقل بيانات من شأنها تطوير اتصال دول العبور الرقميّ مع العالم الخارجي بشكل كبير، ومضاعفة أهميّة إسرائيل وتكريسها نقطة التقاء ووصل بين قارتي آسيا وأوروبا.
هكذا مشروعان، إذا ما أُنجزا، سيهدّدان حكماً مكانة مصر وعائداتها، والمزايا الإستراتيجيّة واللّوجستية التي تحصل عليها.


ناهيك عن المشروع الإسرائيليّ الأبرز والمتمثّل بخط غاز ال "إيست ميد" الذي يربط إسرائيل وقبرص واليونان بعيداً عن المنطقة البحريّة الإقتصاديّة المصريّة بعدما ارتضت الأخيرة ترسيماً بحريّاً على حسابها، يسمح بتماس بحريّ حدوديّ بين إسرائيل وأوروبا.


وتبقى الإشكاليّة المطروحة هنا متمحورة حول إمكانيّة إسرائيل في إنجاز ما تطمح إليه في ظلّ عراقيل متشعّبة، تبدأ مثالاً لا حصراً بارتفاع تكلفة إنشاء هذه المشاريع، ولا تنتهي أمام العقبات الجغرافيّة والسياسيّة والإستراتيجيّة، أكانت إقليميّة أو دوليّة.


أمام هذا الواقع، هل ستقف مصر مكتوفة الأيدي أمام التسلّق الإسرائيليّ على مصالحها أم سيكون لها الكلمة الفصل في قطع أوصال جموحها ؟

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني