اختراق ماكرون - بن سلمان يقترن بالتزامات سيادية وإصلاحية
اختراق ماكرون - بن سلمان يقترن بالتزامات سيادية وإصلاحية

أخبار البلد - Sunday, December 5, 2021 7:57:00 AM

النهار 

أياً تختلف الانطباعات والمعطيات والتقديرات لدى الأوساط السياسية اللبنانية حيال ما حصل أمس في لقاء جدة بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان فإن أحداً لا يمكنه إنكار الطابع المفاجئ الذي خرج به هذا اللقاء حيال لبنان تحديداً. فقد بدا من الواضح تماماً أن الرئيس ماكرون نجح في تحقيق اختراق ديبلوماسي لا يستهان به من خلال مضيّه في الاضطلاع بدور مؤثر ومثابر لرعاية الوضع المأزوم في لبنان وهذه المرة من باب اختراق الانسداد الخطير الذي أصاب علاقات لبنان مع المملكة العربية السعودية، إحدى أعرق الدول في مد الدعم السياسي والمالي والاقتصادي تاريخياً للبنان. وتمثل هذا الاختراق في اتّصال ثلاثي بين ماكرون وبن سلمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي مترافقاً مع الإعلان عن إعادة ضخّ الحياة في العلاقات اللبنانية السعودية من جهة والتزامات لبنانية في شأن القضايا السيادية والإصلاحات من جهة أخرى.

شكل نجاح ماكرون مفاجأة ينتظر أن تترك تداعيات إيجابية ربما تبدأ في انعكاس مباشر على سعر الدولار في الساعات المقبلة فيما ترصد الأوساط المعنية ترجمة إضافية لهذا الاختراق الذي جاء غداة استقالة وزير الإعلام السابق جورج قرداحي.

وجاء تحقيق الاختراق على لسان الرئيس ماكرون، من جدّة، الذي أعلن عن مبادرة فرنسية سعودية لمعالجة الأزمة بين الرياض وبيروت. وقال ماكرون أنه تحاور مطولاً مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حول لبنان وعمل معه حول الملف اللبناني، ثم اتصلا معاً برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وقالا له أن السعودية وفرنسا ستلتزمان معاً العمل لدعم الشعب اللبناني. وكان الأمير واضحاً في قوله أنه سيبذل كل الجهود لإعادة فتح المجالات الاقتصادية والتجارية مع لبنان، وأنه سيعمل أيضاً لمساعدة الشعب اللبناني، فيما يخصّ الاحتياجات الطارئة إن كان بالنسبة للطاقة أو الحاجات الإنسانية. ولفت ماكرون إلى ضرورة أن تتمكن الحكومة من الاجتماع و العمل بسرعة والقيام بالإصلاحات المطلوبة. وكشف أنه سيتصل غداً بالرئيس اللبناني ميشال عون. وختم قائلاً: "الرسالة كانت واضحة بين السعودية وفرنسا، وأننا توصلنا إليه معاً، وقد أبلغناه معاً في اتصالنا للرئيس ميقاتي. والآن سنعمل معاً على تنفيذ هذا البرنامج".

وعما إذا كان انطباع ماكرون أن السعودية ستعود وتلتزم بمساعدة لبنان مالياً عندما ينفذ البلد إصلاحاته وتعمل الحكومة، قال ماكرون: "نعم هذا التزامهم إزاء فرنسا".

وسألت مراسلة "النهار" رندة تقي الدين الرئيس الفرنسي إذا كان ولي العهد السعودي دعا ميقاتي إلى السعودية، فقال: "في الوقت الحاضر السعودية أخذت في عين الاعتبار الأمرين: استقالة وزير الإعلام اللبناني بعد ما قاله من تصريحات وموقف، وتصريحات الرئيس ميقاتي القويّة بالنسبة للسعودية، فأعتقد أن هذا اللقاء يمثّل إعادة التزام للسعودية في لبنان وعمل وثيق بين فرنسا والسعودية إزاء هذا البلد".

ولاحقاً صدر عن الديوان الملكي السعودي البيان الآتي:

"أجري اتصال هاتفي ضمّ كلاً من الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، حيث أبدى الأخير تقدير لبنان لما تقوم به المملكة العربية السعودية وفرنسا من جهود كبيرة للوقوف إلى جانب الشعب اللبناني والتزام الحكومة اللبنانية باتخاذ كلّ ما من شأنه تعزيز العلاقات مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون ورفض كل ما من شأنه الإساءة إلى أمنها واستقرارها. وتمّ الاتفاق بين الدول الثلاث على العمل المشترك لدعم الإصلاحات الشاملة الضرورية في لبنان. كما تمّ التأكيد على حرص المملكة العربية السعودية وفرنسا على أمن لبنان واستقراره".

وصدر بيان سعودي فرنسي مشترك شدّد فيه الجانبان على "ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بإجراء إصلاحات شاملة، لا سيّما الالتزام باتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان وأن تشمل الإصلاحات قطاعات المالية والطاقة ومكافحة الفساد ومراقبة الحدود "، كما اتفق الطرفان على العمل مع لبنان لضمان تطبيق هذه التدابير.

وأكّدا في البيان المشترك "ضرورة حصر السلاح بالمؤسّسات الدولة الشرعية، وألّا يكون لبنان منطلقاً لأيّ أعمال ارهابية تزعزع أمن واستقرار المنطقة، ومصدراً لتجارة المخدرات"، وشدّدا على "أهمية تعزيز دور الجيش اللبناني في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان، بالإضافة إلى الاتفاق على استمرار التشاور بين البلدين في كافة تلك القضايا، وإنشاء آلية سعودية-فرنسية للمساعدة الانسانية في إطار يكفل الشفافية التامة، وعزمهما على إيجاد الآليات المناسبة بالتعاون مع الدول الصديقة والحليفة للتخفيف من معاناة الشعب اللبناني، ولفتا إلى "أهمية الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن (1559) و(1701) و(1680) والقرارات الدولية ذات الصلة".

وما لبث رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي أن غرّد عبر "تويتر" ردّاً على تغريدة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وقال: "إن الاتصال الذي جرى بيني وبين فخامة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وسمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو بمثابة خطوة مهمة نحو إعادة إحياء العلاقات الأخوية التاريخية مع المملكة العربية السعودية".

وأضاف: "أودّ أن أخص بالشكر فخامة الرئيس ماكرون وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لحرصهما على ديمومة الصداقة تجاه لبنان. وإنني أود أن أؤكّد التزام حكومتي باحترام التزاماتها بالإصلاح".

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني