قام البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بزيارة إلى القطاع التركي شمال قبرص، برفقة لفيف من المطارنة والكهنة، والراهبات، والوفد اللبناني من الرابطة المارونية ورابطة قنوبين للرسالة والتراث وتجمع موارنة من اجل لبنان، حيث جال على الرعايا المارونية المهجرة من القطاع التركي في الجزيرة.
المحطة الاولى من الزيارة كانت في رعية آيا مارينا حيث رحب مختار القرية باستيليس حاجي فاسيس بالبطريرك والوفد المرافق بحضور النائب الماروني جون موسى وقال: "نشكر اهتمامكم ونصلي ليوفقكم الله بجهودكم المتعلقة بهذه القرية وبكل موارنة قبرص، ولتتوج مساعيكم مع قداسة البابا وسائر المرجعيات بتسهيل عودتنا الى قرانا وترميم بيوتنا واستئناف حياتنا الطبيعية فيها لان استمرار الوضع على ما هو عليه ينهي الوجود الماروني في الجزيرة العائد لالف سنة مضت."
ثم القى الخوري يوسف اسكندر كلمة قال فيها: "سنة 1974 تهدمت هذه القرية ولكن لن نفقد الأمل بالعودة اليها مجددا وهي شاهدة على تاريخ من الالام والصعوبات نستعيد معها ما تحمله اباؤنا واجدادنا في وادي قنوبين، نطلب منكم متابعة المساعي والتدخل ليعود اهلنا الى هذه الامكنة المهجورة وممارسة حرية العبادة والعيش بكرامة، آملين التمكن من ترميم البيوت واعادة الحياة اليها".
ثم كانت كلمة للمطران سليم صفير مما جاء فيها: "نرى في وجهكم يا صاحب الغبطة حارس الكنيسة المارونية والراعي الصالح الذي يرى في أرض قرانا المارونية المقدسة ومنها آيا مارينا، وننتظر بفارغ الصبر ترميم كل القرى المارونية ومنها آيا مارينا. ونرى أن زيارتكم هي زيارة رجاء".
ختاما تحدث البطريرك الراعي قائلا: "بالرغم من الحزن الواضح على الوجوه والبيوت نحن ابناء الرجاء، اننا نزور آيا مارينا للمرة الثانية وفي المرتين عندما نرى البيوت ندمع حزنا، الا اننا اليوم حين رأينا الكنيسة وقد رممتموها بإمكاني ان اعلن ان ايا مارينا بحالة قيامة".
وتابع: "ان ارض آيا مارينا هي ارض مقدسة قدستموها بجهود وتضحيات ابائكم واجدادكم ومنذ سنة 1974 قدستموها بشهادة الالم والموت اننا نتابع قضيتكم لدى كل المراجع الدولية وانتم بقلبنا دوما وبصلاتنا ومن يصبر للمنتهى يخلص."
كما تطرق البطريرك الراعي الى دور الرهبانية اللبنانية المارونية منذ العام 1735 في المنطقة لغاية اليوم، مؤدية مع موارنة الجزيرة شهادة الحقيقة والالم".
ثم قدم نائب رئيس لجنة الكنيسة نينوس جوزفيديس مجسم كنيسة ايا مارينا هدية تذكارية.
بعد ذلك، قدمت في باحة الكنيسة ضيافة تقليدية ترمز لإنتاج القديسة مارينا وقدم بعض المشاركين اغان تراثية.
محطة ثانية
المحطة الثانية في الجولة كانت في أسوماتوس حيث زار البطريرك الراعي كنيسة القديس ميخائيل واقام فيها الصلاة على نية أبنائها.
وقد القى كاهن الرعية واكيم شيحان كلمة رحب فيها بغبطته على أرض اسوماتوس متمنيا "ان يعود للبلدة قلبها النابض".
من ثم القى المطران صفير كلمة قال فيها: "انها المرة الثانية يا صاحب الغبطة تزورون هذه القرية اسوماتوس وأنا شخصيا كنت في المرة السابقة كاهنا لهذه الرعية والقرى المجاورة، واسمحوا لي أن اتذكر اليوم كلمات داوود المرنم "أنت عوني وخلاصي" وهو مزمور الرجاء وانتظار الخلاص للقرى المارونية مع أب روحي موجود مع ابنائه، فنحن شعب يسير وينتظر العودة الى هذه القرية كي يعيش الافخارستيا والقداسة في حياتنا اليومية كما هي عليه روحانية هذه الزيارة".
ورد البطريرك الراعي بكلمة جوابية شاكرا وقائلا: "اوصيكم بأن تحتفظوا بأيام الأعياد والمناسبات الكنسية بتكريم الرب في هذه الكنيسة وتكريم القديس ميخائيل، ومن الناحية العملية فإن وجودكم يوم الأحد في هذه الكنيسة فهذا يعني ضمنا أنكم تطالبون بحقكم الاساسي لأنكم اذا غبتم تكون الكنيسة فارغة وعندها سيشعر ال?خر بأنكم تعيشون اللامبالاة تجاه الكنيسة".
كما كانت كلمة لمختار أسوماتوس الذي أبدى تعطشه وتعطش اهالي البلدة للعودة الى أسوماتوس مقدما للبطريرك هدية تذكارية عبارة عن مجسم لشجرة زيتون.
محطة ثالثة
أما المحطة الثالثة من زيارة الراعي فكانت عند رعية الصليب المقدس في كرباشا حيث اقيم لغبطته استقبال شعبي مهيب وسط حملة اغصان الزيتون وزينة الميلاد التي ارتدتها الطريق المؤدية الى كنيسة الصليب المقدس. وكان في استقباله والوفد المرافق كاهن الرعية الأب انطوان اسكندر وجمهور من المؤمنين. بعد الاستقبال، دخل البطريرك الراعي الى الكنيسة على وقع قرع الاجراس وانشاد التراتيل حيث اقام الصلاة على نية أبناء الرعية.
ثم كانت للمطران صفير كلمة أيضا رحب فيها بالبطريرك الراعي مثنيا على زيارته الرعائية وجدد النداء من اجل العمل على عودة الحياة الى كرباشا والقرى المجاورة. وقال: "ان هذه الضيعة المارونية هي ضيعة مرتبطة بالصليب، والصليب محور حياتنا ولذلك نتمنى القيامة بعد الالام والتهجير خصوصا للقرى المارونية".
بدوره قال الراعي: "ان ذخيرة الصليب هي ضمانتكم وكأنه يسمع صوتكم دوما، طالما انا هنا انتم ستعودون الى هنا. ونحن نسعى جاهدين ونتابع مع كل المرجعيات الدولية ونطالبها بعودة المهجرين الموارنة الى قراهم وتوحيد الجزيرة ليعيش الجميع فرح اللقاء والاحوة. ان تضامننا معكم هو اهم اهداف زيارتنا لكم."
وفي ختام الزيارة، قدم الأب انطوان سكر هدية تذكارية عبارة عن مجسم الصليب. في حين رست المحطة الختامية عند كنيسة القديس جاورجيوس في كورماجيتي حيث أقيم للبطريرك الراعي استقبال شعبي عند مدخل البلدة ورفعت اقواس النصر واغصان الزيتون وزينة الميلاد ابتهاجا وتهليلا.
وعند وصوله الى الكنيسة استقبله كاهنا الرعية جوزيف طرطق ويوسف اسكندر والاطفال باللباس الفولكلوري الشعبي وتراث البلدة. ثم، دشن وكرس البطريرك الراعي الكنيسة بعد اعادة ترميمها واقام القداس الالهي بمشاركة لفيف من المطارنة، السفير البابوي في قبرص والاراضي المقدسة المطران أدولفو ايلانا، القائم بأعمال السفارة البابوية في قبرص المونسنيور جورج بانمسوندل، اباء وكهنة، بحضور النائب موسى، والراهبات، وفاعليات البلدة وحشد من المؤمنين.
استهل القداس بكلمة القاها المطران صفير مما جاء فيها: "جميعهم في هذه الضيعة يحبونك يا صاحب الغبطة، جميعهم يريدون ان تعود البيوت والقرى، جميعهم يريدون من غبطتكم المساعدة، الكل يحبك".
بعد تلاوة الانجيل المقدس، القى البطريرك الراعي عظة رحب فيها بالحضور والمشاركين وقال: "في هذه الايام نحتفل باعياد ليتورجية وكنسية، الليتورجية هي عيدي القديسة بربارة ومولد يوحنا المعمدان، أما الاعياد الكنسية فهي زيارة البابا فرنسيس التي زرعت الرجاء في القلوب وحمل خلالها القضية القبرصية بصلاته. ثانيا: الزيارة الرعائية للبطريرك التي نظمها المطران صفير الى الرعايا القائمة في شمال قبرص، في حين ان العيد الثالث هو عيد تكريس هذه الكنيسة ما يدل ان هذه القرية تستعيد رويدا رويدا جمال بيوتها وأهلها مع سائر القرى المهجرة".
أضاف: "توجد مصابيح ثلاثة على كل واحد منا التمسك بها وهي مصباح العقل والارادة والقلب، والمصابيح الثلاثة يريدون زيت الايمان، الرجاء، والمحبة، وبالتالي عندما لا نتمسك بهذه المصابيح تكون مصابيح عتمة، فعلينا ان نتقبلها لتطور عقلنا وارادتنا".
في ختام القداس، توجه المطران يوسف سويف راعي أبرشية قبرص للموارنة سابقا بكلمة شكر للرب على عمله بهذه الكنيسة وعلى حضور البابا فرنسيس والبطريرك الراعي في جزيرة قبرص، وتمنى للمطران الأبرشية الجديد سليم صفير خدمة ورسالة مثمرتين. ثم تحدث بإسهاب عن المراحل التي مرت بها الكنيسة وصولا الى ترميمها مؤكدا أن الأهم كنيسة البشر.
بعد ذلك، القى أحد اعضاء لجنة الرعية كلمة شكر فيها البطريرك الراعي على حضوره ومباركته وتكريسه كنيسة القديس جاورجيوس في كورماجيتي.
أما النائب اللبناني الماروني جون موسى فقال: "نشعر بافتخار واعتزاز لأننا عدنا الى هذا البيت المقدس بعد 3 سنوات من الترميم، في هذا اليوم نجدد ايماننا امام مار جرجس. نعم انه المشروع العظيم تجديد الكنيسة الذي تحقق بعد كل الصعوبات والجهاد بفضل اشخاص آمنوا بهذا المشروع وعملوا بجدية حيث أخذ المطران يوسف سويف آنذاك القرار وبدأ الشروع في تنفيذ المشروع بالتعاون والتعاضد مع لجنة الكنيسة وسائر الاعضاء".
أضاف: "مار جرجس هو من قاد هذا المشروع واعادة تكريس الكنيسة بالنسبة الينا هو علامة ايمان وعودة الى قرانا. كما ان لهذا الحدث بعد وطني واسع لأن الكنيسة تعبر عن جهاد تاريخي طويل، والموارنة باقون ولن يتخلوا عن قراهم.
في نهاية القداس، قدم المطران صفير للبطريرك الراعي لوحة كنيسة القديس جاورجيوس. كما تم تقديم هدايا للمطارنة المشاركين والسفير البابوي ولمن ساعد في انجاز هذا البيت المقدس. في حين توج البطريرك الراعي زيارته للرعايا المارونية في القطاع التركي - قبرص بزيارة مقر المطرانية في كورماجيتي والتمس أبناء الكنيسة بركته الأبوية.
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا