غادة حلاوي
مثّل ما صرح به المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين من أن الغاز المصري سيدخل الأراضي اللبنانية قبل الانتخابات النيابية اللبنانية في آذار، ربطاً غير مبرر بين استجرار الغاز والانتخابات النيابية في لبنان، وكأن المطلوب اميركياً ان يشكل هذا المشروع جسر عبور ويحدث توازناً لحلفاء اميركا قبيل الانتخابات النيابية. وفي معرض حديثه لم تفته الاشارة الى وجود عقبات تعتري عملية الإستجرار، ربطها بعقبات تقنية بينما هي في الواقع أبعد من مجرد تعقيدات تقنية حيث تتداخل العوامل السياسية بالمالية ثم التقنية. حدد هوكشتاين الموعد في آذار"قبل الانتخابات" علماً ان الحكومة لم تحسم تاريخ الانتخابات بعد، وتحدث عن موعد جديد لاستجرار الغاز لم يلمح اليه المسؤولون عن الملف بعد.
كان على اساس ان ينتهي تجهيز خط إستجرار الغاز من مصر عبر الأردن وسوريا إلى لبنان اواخر العام الجاري، غير ان ما تظهره الوقائع التقنية والسياسية والمالية يعزز الشكوك باستبعاد انجازه في التاريخ المشار اليه. ويأتي في الاسباب المتداولة المسائل التقنية والحاجة الى صيانة خطوط النقل، والى قطع الغيار، وفي الاسباب الاخرى يتبين ان الاتفاق الثلاثي لم يوقع بعد، وان المصريين يطالبون بضمانات اميركية للسير بالمشروع، كما يحاذر الجانب اللبناني الذهاب بعيداً الا بعد جلاء الموقف الاميركي.
وتحدث المعنيون عن وجود صعوبات تعتري مشروع استجرار الغاز من مصر عبر الاردن وسوريا، سببها ان البنك الدولي لم يحسم قراره بالتمويل بعد، ولم يقرّ الآلية وانه اشترط على لبنان مجموعة خطوات قد تكون تعجيزية في المرحلة الراهنة ولا قدرة للسلطة اللبنانية على فعلها خصوصاً قبل الانتخابات النيابية كرفع تعرفة الكهرباء وتعيين الهيئة الناظمة التي تحتاج الى اتفاق سياسي ومجلس وزراء معلق انعقاده الى فترة غير محددة.
ويعتبر الجانب المصري انه لم يتلق ضمانات اميركية للسير جدياً بالخطوات العملية بل مجرد رسالة تطمين لا تفي غرضها في تجنيبهم العقوبات. ولذا لم يُصَر الى اتفاق نهائي مع لبنان على الكلفة بحديها الادنى والاقصى فضلاً عن التأخر في بت امور تقنية اخرى لا تزال عالقة بين الجانبين اللبناني والمصري.
وبعد زيارة تفقدية لوفد سوري لبناني يرافقه فنيون مصريون لمحطتي غاز الريان والدبوسية، للتحقق من جاهزية أنابيب الغاز ضمن مشروع نقل الغاز المصري إلى لبنان عبر خط الغاز العربي، كان يفترض ان يتولى الجانب المصري اعمال الصيانة الممولة من البنك الدولي، على اعتبار ان هناك اتفاقية شراكة لبنانية مصرية موقعة العام 2010-2011 للصيانة وتقديم الخدمات العينية، ليتبين لاحقاً ان هذه الاتفاقية صارت بحاجة لإعادة نظر إن بالنسبة للتكلفة او لبنود اخرى، وان تعديلها يستلزم في لبنان العودة الى مجلس الوزراء لنيل موافقته، وتعهد البنك الدولي بالتمويل.
وبعدما تبين لوفد فني لبناني سوري كشف على الخط السوري ان لا اعطال في الجهة السورية والخط جاهز من خلال شركة الريان، أخذ الجانب اللبناني على عاتقه اصلاح الاعطال الموجودة من الجهة اللبنانية ليتبيّن ان اصلاح هذه الاعطال يتطلب تغيير معدات اعتقد الفريق الفني انها موجودة لديه ليتبين لاحقاً ان بعضها موجود فيما القطع الاخرى يلزمها لشرائها رصد اعتمادات غير متوافرة حالياً ما يستوجب انتظار البنك الدولي مجدداً.
وفي لبنان يتم الترويج لوجود عقبات سورية واظهار وكأن سوريا تعيق تنفيذ ما سبق واتفق عليه مع مصر ولبنان فيما تؤكد مصادر مقربة من الجانب السوري ان سوريا جاهزة وقد قدمت ما يكفي من التسهيلات وهي تنتظر البدء بالتنفيذ. وتعيد مثل هذا الكلام الى اسباب سياسية بالدرجة الاولى.
وتؤكد مصادر متابعة للملف ان كل ما تقدم يلخص بعنوان سياسي مفاده غياب الخطوات الاميركية الكفيلة باستعجال انجاز المشروع، فالامنيات والتوقعات في مكان والوقائع في مكان آخر ومختلف، ما يؤشر الى ان الكلام عن تحسن التغذية بالتيار الكهربائي استناداً على استجرار الغاز من الخط العربي عبر مصر والاردن مجرد وعود لا تستند الى معطيات جدية اميركية على وجه التحديد، بما فيها تمويل البنك الدولي. لذا تؤكد المصادر ان الدول المعنية رهن الموقف الاميركي وان خطواتها العملية لا تزال خجولة.