لاحظت مصادر مواكبة للتطورات الجارية، انّ «في زمن الفراغ الحكومي لم تعدم المبادرات الخارجية والداخلية دفعاً لتأليف الحكومة، الأمر الذي لا يحصل اليوم في ظلّ جمود قاتل وغياب أي مبادرات تعيد الحياة إلى انتظام عمل المؤسسات، على رغم الارتفاع الجنوني للدولار والانهيار المالي المتسارع ومن دون سقوف ولا ضوابط، فيما لا بصيص نور حول معالجات للأزمة القضائية-السياسية التي عطّلت وتعطِّل انعقاد مجلس الوزراء، وما لم تلتئم الحكومة مجدداً فلا أمل بلجم ارتفاع الدولار ولا حلّ الأزمة المالية، إنما توقّع مزيد من الانهيارات، لأنّ الحلول تبدأ بانتظام المؤسسات مجدداً وعودة الاستقرار السياسي كمدخل للاستقرار المالي.
وقالت هذه المصادر لـ»الجمهورية»، إنّ على الرغم من الكلام عن نية رئيس الحكومة دعوة مجلس الوزراء إلى الإنعقاد، فإنّ من الواضح حتى اللحظة انّه لن يبادر في هذا الاتجاه قبل الاتفاق على الدعوة، تجنباً لمزيد من الانقسام والشرخ السياسي. ولكن لا مؤشرات بعد الى حلّ الأزمة التي عطّلت جلسات المجلس والمتمثلة بانفجار المرفأ، بين من يريد ان تتدخّل الحكومة لكفّ يد المحقق العدلي طارق البيطار، وبين من يرفض هذا التدخّل انطلاقاً من فصل السلطات بين السلطتين التنفيذية والقضائية، وما لم تُعالج هذه المسألة فإنّ التعطيل سيبقى سيِّد الموقف.
واعتبرت المصادر، انّ الحديث عن مخارج وأفكار واقتراحات ومساعٍ لا يعني انّ الأمور سلكت طريقها للمعالجة، في اعتبار انّ لا اتفاق بعد على تصور مشترك للحل، إنما مجرد أفكار لم تجد ترجماتها على أرض الواقع، وفي حال الاتفاق على مخرج للمسألة القضائية بما يتيح العودة إلى اجتماعات الحكومة، فإنّ الأزمة الأخرى المتعلقة بوزير الإعلام جورج قرداحي ما زالت معلّقة هي بدورها، في ظلّ من يريد استقالته ومن يرفض هذه الاستقالة، ما يعني انّ معالجة الأزمة القضائية لا تعني بالضرورة معالجة الأزمة الديبلوماسية، فيما المطلوب الوصول إلى تسوية جوهرها عودة انتظام عمل الحكومة، وإلّا فإنّ الانهيار سيواصل تدحرجه نحو الأسوأ.
وحذّرت المصادر من «انّ الناس لم تعد قادرة على الاحتمال ولا الانتظار بسبب غياب المعالجات، كما غياب الأمل بالنسبة إليها مع الإنسداد في الأفق السياسي وانعدام المبادرات والتسويات الداخلية والخارجية، ما يعني انّ الأزمة ستتطور فصولاً، ومن المرجح العودة إلى التظاهرات وإقفال الطرق، مع الدعوات التي بدأت تصدر من دون معرفة حجمها والاتجاه الذي يمكن ان تسلكه. ولفتت، الى انّه على الرغم من الحرص الدولي على الاستقرار في لبنان ومنع انزلاق الوضع نحو الفوضى، إلّا انّ هذا الحرص سيبقى في إطار التمنيات في حال استمر التعطيل وتواصل استخدام الدولار للضغط من أجل انتزاع تنازلات سياسية من جيوب الناس التي فقدت اي قدرة على الصمود والاحتمال.