بولا مراد - الديار
صحيح ان الخيبة تسيطر على كل اللبنانيين دون استثناء، مسيحيين ومسلمين، سنّة وشيعة وموارنة وارثوذكس والى اي مذهب انتموا. فالمسار الانحداري الذي يسلكه البلد والمستمر منذ العام 2019 من دون اي اشارات لقيامة قريبة، ارخى احباطا عاما دفع اللبنانيين حاملي الجنسيات الاجنبية للمغادرة دون تفكير، فيما البقية يحلمون يوميا بتأشيرة تخرجهم من الجحيم الذي يتخبطون فيه.
الا انه وبالتدقيق بأحوال كل مجموعة طائفية على حدة، يظهر وبما لا يقبل الشك، ان الشارع السنّي هو الاكثر امتعاضا من قياداته السياسية وبخاصة من «تيار المستقبل» ورئيسه سعد الحريري الذي لم يحسم حتى الساعة ما اذا كان سيترشح شخصيا للانتخابات وما اذا كان تياره سيخوض الاستحقاق بحزبيين او مستقلين.
التخبط الذي يعيشه «المستقبل» والذي لم يعد خافيا على أحد، يترك آثارا كبيرة في الشارع السنّي الذي يشعر كأنه متروك لمصيره، خاصة بعد الاجراءات السعودية الاخيرة والتي تأتي بعد مرحلة طويلة من الانسحاب من الساحة اللبنانية. وتقول مصادر سياسية مطلعة على احوال هذا الشارع: «يشعر السنّة في لبنان اليوم انهم متروكون لمصيرهم، فلا قيادة داخلية تهتم لشؤونهم، ولا دولة خارجية تجد نفسها معنية بهم. فبعد سنوات طويلة من شعورهم بالحماية السعودية وتظللهم بعباءتها، وجدوا انفسهم من دون غطاء، بعكس باقي المجموعات الطائفية، التي وان كانت جميعا تتخبط في نفس المستنقع، الا انها لا تزال تشعر بأن هناك من يقود شارعها».
لا شك ان هذا الفراغ على مستوى الشارع السني أشعر بعض الشخصيات كشقيق سعد الحريري، بهاء الحريري انه قادر على اقتحام الساحة السنية وارساء زعامة ما، ولو عن بُعد، الا ان الوقائع تؤكد ان حالات كحالة بهاء، غير قادرة على الاعتماد على اي قاعدة شعبية، وان الناس يستفيدون من خدماتها الا انهم لن يتبنوا مشروعها ومرشحيها للانتخابات المقبلة.
واذا كان البعض يعتبر ان التضعضع «المستقبلي» وفشل باقي الشخصيات السنية كرئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي ورؤساء الحكومات السابقين، فؤاد السنيورة وتمام سلام، يعبد الطريق امام مجموعات المعارضة والمجتمع المدني، فهو لا شك مخطىء. اذ تعتبر المصادر ان «المعارضة لم تستطع هي الاخرى بخرق الشارع السني كما هي الحال في الشارع الشيعي، لافتة الى ان تأثيرها محصور بالشارع المسيحي، وهذا ما ستثبته الانتخابات المقبلة».
وامام هذا الواقع، من المرتقب ان تتفاقم حالة الاحباط لدى سنّة لبنان، وهي حالة تقوم بشكل اساسي نتيجة المقارنة التي تحصل تلقائيا مع الشيعة الذين، ورغم الاحوال الصعبة التي يرزحون تحتها كما كل اللبنانيين، يشعرون بفائض قوة من خلال دعمهم لحزب الله. وترجّح المصادر انه في حال اتخذ الحريري قرار الانسحاب ان يتجه مناصروه وقسم كبير من الشارع السني لمقاطعة الانتخابات، وفي حال العكس ستبقى الاصوات السنية تصب لمصلحة «التيار الازرق». فرغم الخيبات الكثيرة التي يشتكي منها اهل السنّة في لبنان، الا انهم يُقرّون بأن الزعامة الوحيدة المقبولة اليوم لشارعهم هي زعامة سعد الحريري الذي يعيش شخصيا خيبات لا تعد ولا تحصى تجعله اقرب لاتخاذ قرار الانسحاب ولو لفترة من المشهد اللبناني بانتظار تغيرات اقليمية ودولية كبرى تعيد فرضه كحاجة لضمان نجاح اي تسوية. فالموقف السعودي منه والذي بات ينسحب على باقي دول الخليج، ابرز ما يجعله مترددا، خاصة بعدما ابلغه الاماراتيون رفضهم تقديم اي دعم له في الانتخابات المقبلة تجنبا لازعاج واغضاب السعوديين.