زينة طبّارة
رأى رئيس المجلس الاقتصادي شارل عربيد أن إمكانية لجم سعر صرف الدولار محدودة جدا، خصوصا ان احتياطي مصرف لبنان للتدخل في سوق القطع ضئيلة للغاية، ما يعني ان ارتفاع سعر صرف الدولار وهبوطه متروك لحاجات السوق غير الثابتة أساسا، أضف إلى ذلك ان التشنج والاشتباك السياسي القائم حاليا يؤثر سلبا على الواقع النقدي، ويؤدي بالعملة الخضراء إلى الارتفاع مقابل الليرة، مشيرا من جهة ثانية إلى ان 70% من حركة الناتج المحلي تدور حول محور الاستهلاك، فعندما تتراجع القوة الشرائية ويتفاقم الركود، تستفحل التداعيات السلبية على الاستهلاك والحركة الاقتصادية، وتؤدي إلى ارتفاع سعر صرف الدولار على حساب الليرة.
ولفت عربيد، في تصريح لـ «الأنباء»، إلى ان المرض الذي يصيب اقتصاد لبنان هو الركود التضخمي stagflation، أي ركود كلي في الحركة الاقتصادية عموما وفي حركة الإنتاج والاستهلاك خصوصا، مقابل ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية، فنحن نعيش اليوم تشوهات نقدية عميقة لن نتمكن من معالجتها، ما لم يصر إلى تنفيذ إصلاحات جذرية على المستويين المالي والنقدي، وذلك بالتوازي مع صدمة سياسية إيجابية تدعم آلية العودة إلى الحياة الطبيعية في الإنتاج والاستهلاك وغيرهما ضمن الحركة الاقتصادية. الأمور تتخبط لارتباطها ببعضها، وتنعكس سلبا على الواقع الاقتصادي.
وأشار إلى ان التوتر الراهن بين لبنان ودول الخليج العربي، يلعب دورا مباشرا في ارتفاع سعر صرف الدولار، وذلك لاعتبار ان اقتصاد لبنان قائم على الاستهلاك والتصدير والسياحة والتحويلات من اللبنانيين في الخارج، أي ان اقتصادنا يرتبط ارتباطا عضويا باقتصادات الدول، وخصوصا باقتصاد دول الخليج العربي التي تربطنا بها صداقات تاريخية، فعندما تتشنج العلاقة مع الدول الخليجية الشقيقة، وتصل إلى هذا الحد من التوتر والانفعال، يتأثر سلبا المناخ الاقتصادي في لبنان، الذي ليس باستطاعته ان يتحمل هذا الكم الكبير من السلبيات والضغوطات، وأخشى ما أخشاه هو انفلات الأمور والوصول بالتالي إلى الارتطام الكبير، الأمر الذي يستوجب رأب الصدع بأقصى سرعة ممكنة، وإيجاد إطار متين لعلاقات لبنان مع الدول الصديقة، وخصوصا مع الدول الخليجية الشقيقة، كي لا تكون هذه العلاقات عرضة لخضات وأزمات موسمية.
وردا على سؤال حول الأشد وطأة على الاقتصاد اللبناني بين الشلل الحكومي والتوتر مع دول الخليج العربي، أكد عربيد ان في الامرين ضغوطا عنيفة على الاقتصاد اللبناني، وعلى السياسة ان تكون في خدمة الناس لجهة عجزهم والحفاظ على كرامتهم، ويجب بالتالي انعقاد مجلس الوزراء لتسهيل أمور الناس وتسيير امور الدولة عبر سلسلة إجراءات سريعة تحافظ ولو بالحد الأدنى على استمرارية الحياة في لبنان، ومن بينها إطار جديد يؤكد على سلامة العلاقات مع الدول العربية عموما والخليجية خصوصا.