رمال جوني
طلاب الجامعة اللبنانية "إجر بالخوف وإجر بالوحل". تستيقظ سهام يومياً على أمل بدء العام الدراسي في الجامعة اللبنانية، طالبة العلوم السياسية جل ما تخشاه ان يضيع عامها الدراسي هباء نتيجة الاضراب المفتوح الذي بدأه الاساتذة والمتعاقدون في الجامعة للمطالبة بحقوقهم المشروعة، ولكن ماذا عن حق الطلاب بالتعلم؟ من يضمن لهم عامهم الدراسي؟
كل يوم يخيب امل سهام، فالاضراب ما زال قائما، ولا بوادر حل في الافق القريب، فيما الطلاب "طالعة براسهم" نتيجة الصراع الداخلي الدائر بين حكومة ليست بوارد تقديم تنازلات للاساتذة، وبين أساتذة لا يبدو انهم في وارد التنازل في ضوء الاوضاع الاقتصادية الراهنة حيث بات معاش دكتور الجامعة لا يساوي سوى 6 تنكات بنزين، ما يجعل الرهان على تعليق الاضراب امراً مستحيلاً، فيما الطلاب عالقون بين فكي كماشة الصراع، وعامهم الدراسي على المحك.
لطالما كانت الجامعة اللبنانية مكسر عصا السلطات السياسية على مر السنوات الماضية التي كانت أكثر دعما للجامعات الخاصة "التجارية" من دعم الجامعة الوطنية التي وصلت الى حال يرثى لها، فيما الطلاب من مختلف الاختصاصات يقفون على عتبة عامهم الحالي وعينهم على انطلاقه ولو بعد حين.
في الجامعة اللبنانية في النبطية حركة طلاب وافدين للتسجيل، بعضهم يتخوف من تعثر انطلاق العام، وآخر مطمئن ويبدو داعماً لمطالب الاساتذة، في حين ان المشهد مغاير على مقلب الجامعات الخاصة التي "تدعس" بقوة في عامها الدراسي وتقترب من امتحانات الفصل الاول.
على باب الجامعة يقف علي، يدقق في اوراقه قبل التوجه الى مكتب تسجيل الطلاب، فهو يرغب في دراسة علوم الاحياء والكيمياء، غير انه يبدو قلقاً على مصير عامه، فهو يعتبر ان الجامعة تأخذ الطلاب رهينة لها لتحقيق مطالبها، و"هذا ما يُعرّض مستقبلنا للخطر، سيما وأنها ليست المرة الاولى التي تستعمل الجامعة الطلاب رهينة لها". باعتقاده، أن بإمكان اساتذة الجامعة اعتماد طرق ضغط مغايرة، لا تقف في وجه مستقبلنا، لانه بنظره مستقبل لبنان، بل يجزم "أن الاضراب برمته يقف بوجه مستقبل تطوير الوطن".
صحيح ان علي يرفض الانتقال الى جامعة خاصة، لانه يؤمن ان تعليم الجامعة اللبنانية اقوى بكثير، غير انه يرى "أن استمرار الاضراب وسط غياب افق الحل يدفع بالطلاب للهجرة، اذ لا تكفينا الازمات الاقتصادية والاجتماعية وازمة النقل الحادة الا وإضراب".
عادة ما كانت الجامعة اللبنانية تقع فريسة التجاذبات السياسية رغم أنها جامعة الوطن، ويُشهد أنها "ملكة العلم من دون منازع" غير انها في السنتين الاخيرتين سقطت في فخ الاضرابات والاحتجاجات المطلبية التي هي حق مشروع للاساتذة، في حين لم تلق مطالبهم آذانا صاغية، ولا تحرك المياه الراكدة الحكومية في سبيل المعالجة، بل اعتمد نظام الترقيع الذي ادى الى انفجاره مع بداية الازمة الاقتصادية. وبالمحصلة طلاب اللبنانية في منازلهم ينتظرون الفرج، وعينهم على حل قريب، كما تقول الطالبة في العلوم السياسية سهام، لا تجد خياراً امامها سوى المطالعة والقراءة، علّها تكسب مزيداً من المعلومات بانتظار خروج دخان الحل الابيض من داخون الحكومة المعطلة اصلاً. وتسأل: " شو ذنبنا نحن؟ الاشهر تمر والعام الدراسي لم يبدأ والحكومة في خبر كان، فيما نحن نقف بين فكي كماشة الصراع"، وترى ان كثراً لا امكانية لهم للانتقال لجامعات خاصة، فيما الاساتذة المضربون يضعون اولادهم في تلك الجامعات، ويصارعون لحقوقهم على حسابنا، وهذا الظلم بعينه" وتدعو الى بذل كل الجهود لينطلق العام الجامعي.
ككل القطاعات الحكومية المأزومة، فحال الجامعة اللبنانية ليس أفضل حالاً، تواجه عواصف الاضرابات والازمات، والطلاب يأكلون حصرم المناكفات الراهنة، فمتى تأخذ الحكومة العتيدة الملفات الحياتية الساخنة وتعالجها بدلا من رميها في النار اكثر؟ فهل هدفها كسر شوكة الجامعة وتهجير الطلاب؟