النقيب السابق لمحامي الشمال، الوزير السابق رشيد درباس
أبدأ بتهنئة أنفسنا على انتخاب الدكتور فادي قمير رئيساً للأكاديمية الفرنسية العليا للمياه، بعد أن أذاقوه المرّ إبان توليه إدارة الموارد المائية والكهربائية في وزارة الطاقة التي لم تدّخر طاقتها في تشريد الكفاءات وتعميم الظلام وإنشاء السدود الخالية من الماء.
الدكتور فادي، ينتمي لعائلة شهابية كما صرّح، وهو ابن العميد المرحوم جورج قمير وشقيق الدكتورة نايلة ذات الباع والسمعة العالية والمؤلفات في التحكيم الدولي، وهو شقيق جرّاح الجهاز العصبي العالمي الدكتور يوسف قمير الذي يرفع رأس الطب فوق غصون الأرزة.
أحيّي الدكتور فادي وأذكّره ببيت المتنبي:
أنا في أمة تداركها الله غريب كصالح في ثمود
بعد هذا انتقل إلى مقالي الشهري الذي نشر في جريدة "النهار" يوم الثلاثاء الماضي بعنوان (الدولة لصقًا) وفيه تحدّثت عن المحنة القضائية ومعاناة القضاء مع سلطة تعمّم العتمة وتجفّف الماء وتمنع العدل، ثم تبرّر ذلك بكلمة "ما خلّونا"، وهم محقّون بقولتهم تلك لأنه كان على الشعب اللبناني ان "ما يخلّيهم" يفعلوا بالدولة ما فعلوه، وما هم متمادون بفعله.
وتطرّقت إلى ظاهرة الابلاغ لصقًا، حيث ثم ذلك بحقّ رئيس الوزراء أثناء سفره الذي يعرفه القاصي والداني، ولكن المباشر استسهل اللصق، كما استسهل بعد ذلك الالصاق بحق قائد القوات اللبنانية. ولقد ختمت المقال بهذه العبارة إذ قلت:
"قد تنشأُ الدُّوَلُ وتكبرُ وتصغرُ بلصقِ مساحاتٍ جغرافية أو بفصلِها. هكذا علّمنا التاريخ. أما أن يصبحَ الحكم في أي دولةٍ التصاقًا مزدوجًا بين سلطتين خافيةٍ وبادية، فذلك أدعى لأن تُبلَّغَ هذه الدولة لصقًا، للارتيابِ المشروع في محلِّ إقامتِها الفعلي، بانتظارِ أن تُعلَّقَ ورقةُ نعيِّها لصقًا على لوحة إعلانات الأمم. "
قبل أن ينقضي ضحى الثلاثاء تلقيت هاتفاً من العلاّمة القانوني والمثقّف الموسوعي العميد البروفسور فايز الحاج شاهين الذي قال لي كلاماً لمست في طياته بعضاً من العتب على غرار ما فعلت رفوف الطيور لفيروز في رائعتها "لملمت ذكرى لقاء الأمس بالهدب"، وعتب الدكتور فايز نابع من إيمانه الراسخ بلبنان، إذ رفض مني جملة: "بانتظار أن تعلّق ورقة نعيها لصقًا على لوحة إعلانات الأمم" واكد أن إعلان لبنان الكبير تمّ وسيبقى حفراً ونقشاً على ذرى الجبال ومتن الصخور.
هنا أتوقّف عند مفارقة طريفة إذ كثيراً ما تكون مسوّغات تعيين بعض الوزراء شهادة تفيد تخرّجهم من دور الحضانة وبراعتهم في سرد قصص الحيوان كما في كليلة ودمنة، في المقابل هناك مسوّغات أخرى للاستبعاد من التوزير، على غرار ما يحدث مع الصديق فايز، إذ لديه من العلم والرجاحة والنضج والصلابة والوطنية ما يجعله مستبعداً تماماً عن سدة الحكم، عملاً بالقاعدة المعروفة، إن هذا أجمل من أن يكون حقيقة... ومع هذا فإنني أقول له، لم أكن يائساً فيما قلت، بل منبهاً ومحذراً تماماً كما قلت لحضرة الرئيس الاول القاضي سهيل عبود الذي عاتبني أيضاً على السهام التي تضمنها مقالي بحق السلطة القضائية، إذ أكدت له انها ليست سهاماً، بل وخز بالابر الصيني لأنني ما زلت معوّلاً على إيقاظ مناطق الاحساس العميقة.
في الختام أقرأ عليكم مقاطع ثلاثة من قصيدة "كوخ في جوار اليقين"، بعد ان لمست منكم تشجيعاً، أو هكذا خُيّل لي:
تَرْجَمَتْني نَجْمَةٌ عَنْ لُغَتي المـُلْتَبِسَهْ
أيُّ نَصٍّ باتَ مَرْعى الأَحْرُفِ المـُسْتأنَسَهْ
إنَّهُ الرُّوحُ الذي يُمْلي علينا... حَدَسَهْ
جَدَّدَتْني لُغةٌ من فَرْعِها مُقتبَسهْ
يُطْلِقُ اللَّيلُ سَراحي وَهْوَ سَجَّانُ العِبَادْ
كُلُّ ما غَمَّ نهارًا يَتَجلَّى في الرُّقادْ
تَسْبُرُ العَيْنانِ في غَوْرِ تَلافِيفِ السَّوادْ
ثُقُبًا أبيضَ مَكْنونًا بأعْماقِ المِدادْ
إنْ لَبِسْنا اللَّيْلَ سِرًّا وَخَدَعْنا قَمَرَهْ
وَتَلَمَّسْنا النَّواحي... بالْبَنَانِ المـُبْصِرَهْ
وَسْهِرْنا... وَشَرِبْنا الرَّاحَ.. حتَّى الثَّرْثَرَهْ
طَبَعَ اللَّمْسُ على الأنمُلِ أُنْثَى مُضْمَرَهْ
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا