مرتا مرتا، تطلبين اشياءً كثيرة، والمطلوب أمر واحد؟
هل ينطبق هذا الكلام على وضعية حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، التي ادخلها وزير الإعلام جورج قرداحي، الذي ظن للحظة انه «منظر استراتيجي، وخبير في مجريات الصراعات الكبرى، فأسقط الرهان على الحكومة، بضربة، يؤمل الا تكون قاضية، وادخلها في مأزق أضيف إلى مأزقها، كما ادخل الاقتصاد الوطني في مأزق مالي خطير، لا يكتفي بتهديد المواسم والانتاج، بعدما أقفلت الأسواق السعودية والخليجية الأبواب امام الصادرات الزراعية والصناعية، والتي وفرت دخلاً بمليارات الدولارات كانت تدخل شهرياً وفصلياً وسنوياً إلى البلد..
وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن الاتصالات بشأن معالجة أزمة العلاقة مع دول الخليج متواصلة لكن لا نتائج لها بعد بإنتظار الوساطات المطلوبة والقرار الذي من شأنه أن يعيد ترتيب الوضع إذا أمكن.
ورأت المصادر أن هناك تعويلا على بعض هذه الاتصالات على ان هناك خطوات داخلية مطلوبة لم تترجم بعد. وأوضحت هذه المصادر أن أي تأخير في الحل ستكون له تداعياته وانه إذا كانت المعالجة غبر المؤسسات فذاك يعني حكما مجلس الوزراء.
وأعربت المصادر عن اعتقادها أنه فور عودة الرئيس ميقاتي من قمة المناخ يباشر مجموعة من الاتصالات واللقاءات بشأن هذا الملف.
وعليه، فالذهاب إلى المكاسرة مع المملكة ودول الخليج المتضامنة معها، تجعل الحكومة مهددة وعلى طاولة الاستقالة، الأمر الذي ستكون له انعكاسات خطيرة على برنامج صندوق النقد الدولي.
وأشارت مصادر متابعة، الى ان المساعي والجهود تبذل على اكثر من صعيد، لحل الازمة المستجدة بين لبنان والمملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي.
نقلت عن اوساط بعبدا، ان رئيس الجمهورية ميشال عون، يعول على اللقاءات والاتصالات التي يبذلها ميقاتي، مع رؤساء الدول والحكومة العربية والصديقة للبنان خلال مشاركته بمؤتمر المناخ في غلاسكو في اسكوتلندا، ولا سيما مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وامير قطر .
واستنادا الى ما تسرب عن مضمون اللقاءات التي اجراها ميقاتي، علم ان هناك تجاوبا لطلب لبنان، لبذل مساعي للتوسط مع المملكة، وكل مايمكن من ان يؤدي إلى حلحلة الازمة القائمة، الا ان هذه المساعي، ووجهت، بمدى قدرة الحكومة اللبنانية، على تلبية الشروط والمطالب السعودية المعروفة.
واضافت المصادر ان رئيس الحكومة ابدى استعداده لبحث ومناقشة المشاكل المطروحة،بروح الانفتاح والحفاظ على مصالح البلدين الشقيقيين، والعمل بكل الامكانيات المتوافرة لحلها.
وبينما دخلت الازمة بين لبنان وبين دول الخليج العربي منعطفاً خطيراً، لتعذر إتخاذ الاجراءات الواجبة لطمأنة السلطات الخليجية بعدما تجاوزت الازمة موضوع المواقف التي أدلى بها وزير الاعلام جورج قرداحي عن حرب اليمن ودور السعودية فيها إلى إجراءات مقاطعة قاسية يُخشى ان تتطور اذا استمر التعامل اللبناني بخفة وتردد مع الحدث، استفاد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من مشاركته في قمة المناخ، في غلاسكو - اسكتلندا، فعقد لقاءات مهمة مع عدد من الزعماء العرب والاجانب، وسمع عبارات دعم عربية وأوروبية وأميركية للمحافظة على الاستقرار ولبرنامج الحكومة، مع التشديد على ضرورة معالجة تبعات أزمةمواقف قرداحي. لكن الاجراءات الخليجية استمرت ضد لبنان واخرها امس، منع السلطات السعودية دخول وارسال الطرود البريدية عبر شركة dhl من لبنان الى المملكة وبالعكس. ومغادرة البعثة الدبلوماسية الاماراتية بكامل أعضائها لبنان. وتردد معلومات عن وقف رحلات الطيران من ابوظبي الى بيروت، وثمة مخاوف من وقف تحويل اللبنانيين الاموال من بعض دول الخليج الى ذويهم في لبنان عبر عنها بعض المقيمين في الخليج.
وعلمت «اللواء» ان إتصالات تجري بالوزير قرداحي وحلفائه للتمني عليه «ان يأخذ مصلحة البلد بالاعتبار ويُقدِم على الاستقالة من تلقاء نفسه»، لأن إقالته غير واردة لأنها تهدد بفرط الحكومة كلها ويدخل لبنان في نفق مظلم طويل. لكن الاتصالات لم تؤدِ الى نتيجة لأن منطق حلفاء قرداحي ان المشكلة مع السعودية لا تتعلق بموقف شخصي للوزير قبل توزيره، بل بالموقف السعودي من لبنان ومن الحكومة ككل بسبب السياسات اللبنانية المتبعة، وبالتالي فإن استقالته لن تغير في الموقف السعودي ولن تفتح المجال لإستعادة العلاقات الى طبيعتها.
وقد عبر الرئيس ميقاتي عن حجم الازمة وخطورتها بقوله بعد وصوله الى غلاسكو: كنت قد ناشدت الوزير قرداحي بأن يغلّب حسه الوطني على أي أمر آخر، لكن مناشدتي لم تترجم واقعياً.
اضاف: نحن أمام منزلق كبير واذا لم نتداركه سنكون وقعنا في ما لا يريده أحد منا.
لقاءات ميقاتي
فقد أجرى الرئيس ميقاتي، في اليوم الاول لمشاركته في «مؤتمر الامم المتحدة السادس والعشرين للأطراف في الاتفاقية الإطارية بشأن التغير المناخي في مدينة غلاسكو في اسكتلندا، سلسلة اجتماعات ولقاءات عربية ودولية ، تناولت الوضع في لبنان وسبل دعمه للخروج من الازمة التي يمر بها.
وفي هذا الاطار التقى الرئيس ميقاتي امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وجرى البحث في العلاقات الثنائية بين البلدين.
وخلال اللقاء، أكد أمير قطر انه سيوفد وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الى بيروت قريباً، للبحث في السبل الكفيلة بدعم لبنان ولاستكمال البحث في الملفات المطروحة ولا سيما معالجة الازمة اللبنانية - الخليجية.وقد شكر الرئيس ميقاتي امير قطر «على موقفه الدائم الداعم للبنان».
كذلك اجتمع رئيس مجلس الوزراء مع نظيره الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح في حضور وزير الخارجية الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح.
واكد الرئيس ميقاتي «حرص لبنان على العلاقة الوطيدة مع دول مجلس التعاون الخليجي والعمل على معالجة اي ثغرة تعتريها بروح الاخوّة والتعاون».
بدوره اكد رئيس وزراء الكويت «حرص بلاده على لبنان وسعيها المستمر لدعمه في كل المجالات، وفي الوقت ذاته حرصها على وحدة دول مجلس التعاون الخليجي». وشدد على» ان لبنان قادر بحكمته على معالجة اي مشكلة او ثغرة وسيجد كل الدعم المطلوب من الكويت وسائر الدول العربية».
وتوج لقاءاته بإجتماعين مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد الظهر.
وأشار مصدر في الرئاسة الفرنسية إلى أن الرئيس ماكرون وخلال مباحثاته مع الرئيس ميقاتي كرّر دعمه له من أجل تحقيق وتنفيذ برنامج الإصلاحات، متمنياً أن تسمح الاحز اب اللبنانية لمجلس الوزراء بأن يجتمع على الرغم من الأزمة مع دول الخليج.
ودعا ماكرون الدول الخليجية إلى الالتزام من جديد بلبنان بهدف تحقيق الإصلاحات ولاستعادة سيادة البلاد.
ثم التقى مساء المستشارة الالمانية انجيلا ميركل، بمشاركة وزير البيئة ناصر ياسين وسفير لبنان في المملكة المتحدة رامي مرتضى.
كما عقد الرئيس ميقاتي اجتماعا مع رئيس وزراء اسبانيا بيدرو سانشيز، وجرى البحث في العلاقات الثنائية بين البلدين ودعم اسبانيا المستمر للبنان عبر المجموعة الاوروبية.
كذلك اجتمع الرئيس ميقاتي مع رئيس المجلس الاوروبي شارل ميشال، وبحث معه في دعم الاتحاد الاوروبي للبنان والخطوات الحالية والمتوقعة في هذا الصدد.
وعقد رئيس الحكومة اجتماعا مع المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا شارك فيه الوزير ناصر ياسين والسفير رامي مرتضى.
وفي خلال الاجتماع اكدت جورجييفا أن «صندوق النقد الدولي عازم على مساعدة لبنان للنهوض من ازمته الحالية»، واعتبرت» ان خطة التعاون التي يجري العمل عليها تشكل فرصة يجب انجاحها من كل المعنيين لانها باب الحل الوحيد المتاح».
كما عقد اجتماعات مع كل من ورئيس ارمينيا ارمين سركيسيان ورئيس وزراء ايطاليا ماريو دراغي.
عون يتواصل
من جهته تواصل رئيس الجمهورية ميشال عون امس، مع الرئيس ميقاتي، للتشاورفي الخطوات الواجب اعتمادها لمعالجة هذه التطورات، واطلع منه على نتائج الاتصالات التي أجراها مع عدد من المسؤولين الدوليين المشاركين في القمة، والتي تناولت الموضوع نفسه.
كمااجرى اتصالاته لمعالجة تداعيات القرار الذي اتخذته المملكة العربية السعودية وعدد من دول الخليج، بسحب سفرائها من لبنان والطلب إلى السفراء اللبنانيين فيها المغادرة، إضافة إلى بعض الإجراءات الاخرى.
بو حبيب والحوار
وعلى خط موازٍ، دعا وزير الخارجية عبدالله بو حبيب السعودية إلى الحوار لحل الأزمة الراهنة بين الدولتين على خلفية تصريحات لوزير الاعلام جورج قرداحي.
وقال بو حبيب: إن المشاكل بين الدول الصديقة والشقيقة لا يمكن حلها الا بالحوار والتواصل والثقة، ولكن ليس بإرادة الفرض وهذا يسري على لبنان والسعودية.
وأضاف: «لبنان يدعو السعودية إلى حوار لنحل كل المشاكل العالقة وليس الإشكال الأخير فقط، لكي لا تتكرر الأزمة ذاتها في كل مرة.
وكانت معلومات قد ذكرت ان الوزير بوحبيب ترأس امس إجتماعاً لخلية الازمة الوزارية بحضور السفيرة الاميركية دوروثي شيا، لكن مصادر الخارجية نفت حصول الاجتماع، بعدما اعلن الوزير مساء امس الاول ان اللجنة لم تحقق اهدافها ولن تعود للإجتماع.