رجاء الخطيب - الديار
لك الحرية في قراءة «الفاتحة» أو «الصلاة الربّانية» عند مرورك على إشارة ضوئية (مطفأة منذ زمن) في بيروت، ولكن إياك والإعتراض على ذلك. قد يتذرع البعض في الدولة المتهالكة بأزمة الكهرباء أو الدولار أو الأزمة الإقتصادية وغيرها من الحجج المعلبة الجاهزة والواهية، ولكن!
السلامة المرورية وصيانة الطرقات والاشارات الضوئية أمر من غير المقبول أبداً أن يتم التهاون به، فالتقاطعات في بيروت حفلات جنون لا يقدر عليها شرطي مرور واحد أو عشرة، والموت الذي ينتظر الجميع على هذه المفارق والتقاطعات إذا ما حدث، فإن أحداً لن يحاسب، حتماً!
فمن نحن لنحاسب الدولة التي هي أساساً غير قادرة على محاسبة نفسها؟
«الديار» قامت باستطلاع واقع السلامة المرورية والأخطاء الفاضحة والتقصير الإجرامي المرتكب بحق المواطنين مع أحد الخبراء في الأكاديمية اللبنانية الدولية للسلامة المرورية الذي أكد أن واقع السلامة المرورية في لبنان سيئ كما كان بالأساس ومنذ زمن كما أنه كان وما زال مصنفاً ضمن الأسوأ عالمياً، ولكن ما تغير هو أنه ساء أكثر مع دخول المكون الجديد وهو الوضع الاقتصادي الذي أثر بشكل مباشر على بعض الركائز التي تتعلق بالسلامة المرورية. الخبير أكد أن تداعيات الانهيار الاقتصادي لم تكن بالأمر الهين على هذا الواقع وهي وإن انعكست بشكل واضح، فإنها تتجه إلى المزيد من الانعكاس الأخطر والأسوأ.فمشكلة الإشارات الضوئية على سبيل المثال هي تمويلية بحتة ولكن كانت بالكاد تعمل بسبب غياب الاستراتيجية والرؤية والتخطيط بالتزامن مع انعدام في الاحترافية. أما عن مشكلة التمويل فقد أكد الخبير أن الموازنات لم تعد تكفي لا لشراء معدات جديدة ولا حتى للصيانة كونها هي بالعملة اللبنانية والمعدات بالدولار الأميركي من ناحية، بينما من ناحية أخرى يلاحظ لدى المتعهدين تردد في العمل في هذا المجال عند طرح المناقصات أو تقديم العروض من قبل الإدارة خصوصاً وأن المتعهد من غير المقبول أن يتقدم بالفواتير بالعملة الأجنبية وإذا ما تقدم به بالعملة الوطنية فقد تختلف مع الوقت وفرق العملة.
أما عن المسؤولية، فقد اعتبر الخبير أنه من الصعب تحميلها إلى طرف واحد أو جهة معينة في إدارة هذا الملف كون التقصير كان قائماً من قبل المعنيين منذ زمن ولكن اليوم الحجة جاهزة سواء بالتذرع بالأزمة الاقتصادية أم بالشح في المتعهدين. وعن أي مساندة مادية من قبل الجهات المانحة، أكد الخبير أنه في حال حاول أحد ما في الدولة اللجوء إلى هذه الجهات، فتوقع أن تكون العرقلة سيدة الموقف وسوف يتم التذرع أيضاً بحجج تتعلق بالحصول على الموافقات والأمور الإدارية.
ورأى الخبير أن لا أفق في حل ملف أزمة السير والسلامة المرورية أو أي حتى من الملفات الأخرى في البلد، علماً أنه إذا ما تم الاتفاق مع البنك الدولي في المستقبل فأن بعض الحلحلة قد تحصل ولكن لن تكون جذرية، وهو ما يحصل الآن مع بعض المشاريع التي استحصلت على الموافقة من البنك الدولي ويقوم مجلس الإنماء والاعمار بتنفيذها حيث يحصل المتعهد على مستحقاته بالدولار «الفرش» ويقوم بسداد معاشات موظفيه بالعملة اللبنانية على سعر صرف ٣٩٠٠ ليرة للدولار الواحد، وهو ما خلق عدم حماس لديه وأدى بهم إلى الانكفاء عن أداء واجباتهم وأعمالهم بالشكل اللازم. الخبير أكد أن المشكلة لا تنحصر ولا يجب أن تنحصر في اطارها الاقتصادي فحسب، حيث أن الادارات المعنية في هذا الملف من هيئة إدارة السير والمركبات، وزارة الأشغال، مجلس الإنماء والاعمار وغيرها لا تضع على سلم اولوياتها هذا الملف أو حتى سلامة الناس، وفي حل حصولهم على بعض الدعم فانهم لن يقوموا بصرفها على ملف السلامة المرورية كونه لم يتغير شيء لا في قانون المحاسبة ولا في قانون الشراء العام.
في الختام اعتبر الخبير أنه لا يوجد رقم منطقي أو واقعي في الإحصاءات التي يتم نشرها عن عدد الحوادث بسبب غياب قواعد البيانات والجمع العلمي لهذه البيانات، معتبراً أنه حتى اليوم لم يحدث أي تغير يذكر ولكن قد نشهده مع الأيام القادمة، حيث شدد على ضرورة الارتكاز إلى وعي المواطن الشخصي كونه الحامي الوحيد والأخير الذي قد يسهم في إبعاد الخطر عن المواطنين في ظل غياب للقوانين والمحاسبة خصوصا وانه في ظل تراجع الصيانة وتدهور حال الطرقات أكثر وتراجع حركة المرور على الطرقات الأمر الذي يسمح للبعض باغتنام الفرصة والاسراع أكثر وهو ما يمكن اعتباره مؤشرات قد تفضي في المستقبل القريب إلى ارتفاع في اعداد الحوادث.