أسامة القادري
جميع القوى في البقاع الغربي مربكة، لا تعرف ما اذا الانتخابات حاصلة فعلاً أم هي مناورة لتأجيلها، الا أن الارباك ينسحب أيضاً على آلية تحديد الأسماء وآليات التحالفات المبهمة وغير الواضحة المعالم بعد، ليبدو من خلال اللوحة السياسية في البقاع الغربي أن المعركة تدور حول مقعدين مسيحيين ماروني وارثوذكسي، وذلك لأن جميع القوى محددة الاحجام ومعروفة الأوزان رغم ما طرأ عليها من تبدلات في المزاج الشعبي، هكذا تبدو اللوحة فسيفسائية بحسب ما توحيه الصورة العامة.
فبعدما سقطت الاتفاقية التي كان عرابها نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي "بين تيار المستقبل وحزب الاتحاد الذي يرأسه النائب عبد الرحيم مراد"، أصبحت المعركة واقعة، لتأخذ الأمور منحى مختلفاً تدور فيها رحى المنافسة بين ثلاث لوائح للسلطة وأكثر من لائحة لقوى 17 تشرين ومستقلين. أي ربما بخمس لوائح. تتنافس جميعها على ستة مقاعد تتوزع على الشكل التالي إثنان للسنة، وواحد لكل من الموارنة والشيعة والدروز والروم الأرثوذكس.
ففي الغربي يعتبر تيار المستقبل القوة الأكبر من حيث عدد الأصوات والقدرة على التجيير، لكون هذه المنطقة تعد خزاناً شعبياً ويشكل مؤيدو الأزرق نحو 60 % من نسبة عدد الأصوات التي تقترع في القرى ذات الغالبية السنية فيها وهي الأكثر من حيث العدد رغم التبدلات في المزاج الشعبي، يليه حالة الوزير السابق عبد الرحيم مراد، فيما تأتي حالة "الثنائي الشيعي"، حركة أمل و"حزب الله"، وبعده الحزب التقدمي الاشتراكي، ومن ثم القوات والتيار الوطني الحر والنائب ايلي الفرزلي وطارق الداوود. وفي المقلب الآخر تأتي حالات اعتراضية بدءاً من قوى المجتمع المدني التي لم تستطع أن تشكل لنفسها نواة فعلية تجمع المعترضين والمتململين والمعتكفين عن التصويت في إطار واحد. تطمع كل قوة سياسية لأن تكسب أحد المقعدين المسيحيين بعد تحصيلها حاصلها الاساسي لتفوز بالمقعد الآخر بكسور بعد الحاصل.
وأمام هذه الخلطة يتم في أروقة تيار المستقبل الحديث عن خوض المعركة بمعزل عن أي تحالف بما فيه الاشتراكي، وقالت المصادر أن الرئيس سعد الحريري يضع فيتو على النائب وائل أبو فاعور ويتهمه بنقل وشايات ضده، ما يرجح فرضية خوض المعركة منفرداً وبتحالف مع أسماء مستقلين، وتشير مصادر مستقبلية أن التيار قادر على تأمين حاصلين وكسور، ما جعله يحسم خياره في ترشيح اسمين للمقعدين السنيين بعدما تحدثت معلومات عن انه سيخوض المعركة بمرشح سني واحد، وقالت المصادر ان النائب محمد القرعاوي مرشح ثابت، والاسم الثاني يتم البحث والتواصل والاتصال لغربلته من مجموعة أسماء مع فاعليات وقيادات بقاعية، اما المقاعد الاخرى، يتم التداول باسم الياس بطرس مارون عن المقعد الماروني، وما لم يحسم وضع النائب الفرزلي على لائحة مراد يرجح أن ينضم للائحة المستقبل بناء لطلب من الرئيس سعد الحريري، بحال لم يصل مع الاشتراكي الى تحالف يرضي الطرفين، اما المقعد الشيعي تشير المصادر أن المستقبل بصدد ترشيح إسم له لم يحسم بعد.
وتقول مصادر مقربة من بيت الوسط أن الرئيس الحريري عائد بعد اسبوع، وفور عودته سينطلق الى ترتيب البيت المستقبلي الداخلي بأن يعلن لوائح أسماء مرشحيه قبل نهاية تشرين الثاني.
وفي المقلب الآخر تشير الدلالات أن اللائحة الثانية لن تكون مكتملة وستضم كلاً من الوزير السابق حسن مراد عن أحد المقعدين السنيين، بالتحالف مع الثنائي الشيعي (حركة أمل و"حزب الله") وتوضح مصادر مقربة من الحركة أن المقعد لم يحسم بعد ما اذا يبقى مع الحركة أم يتم استبداله في البقاع الأوسط، وتابعت المصادر أن هذا المقعد يسبب بشرخ وانقسام داخلي في "أمل" انتقاداً واعتراضاً على قرار القيادة في كل مرة يعمدون الى ترشيح أشخاص من خارج البقاع الغربي، ليذهب البعض باعتباراته أنه اهانة لجمهور الحركة، وتابع المصدر أن هناك اشكالية في انجاز التحالف مع الوطني الحر، والذي يتحدث عن ترشيح منسق التيار السابق شربل مارون مما ينسف التحالف مع الحركة والفرزلي في آن معاً. لتستكمل مروحة التحالف مع طارق الداوود شقيق النائب السابق فيصل الداوود المحسوب على النظام السوري والذي اوصت القيادة السورية حلفاءها بدعمه للوصول الى الندوة البرلمانية، وبهزيمة ابوفاعور.
فيما اللائحة الثالثة للسلطة تتمحور نواتها بثلاثة أسماء الاول النائب أبو فاعور والثاني النائب السابق انطوان سعد عن المقعد الارثوذكسي والثالث للعميد المتقاعد انطوان منصور، بعدما فشلت مساعي التقارب والتحالف مع حزب القوات، وتؤكد مصادر مطلعة أن هذه اللائحة بهدف المناورة والضغط على "المستقبل"، على قاعدة إن أصرّ المستقبل على ترشيح الفرزلي على لائحته يرشح معه الماروني وبالعكس. فيما اللائحة الرابعة هي للمجتمع المدني وقوى 17 تشرين، فلم تتضح بعد الصورة حيث بدأ ازدحام المرشحين الذين يتبنون خطاب "الثورة"، من دون اعلان برامج والمجموعات التي ينتمون اليها، وتشير الاتصالات أن نواة لائحة المجتمع المدني بدأت تطل برأسها، ليكون اول المعلنين عن ترشحه الناشط علاء الدين الشمالي (مرشح سابق ورئيس لائحة المجتمع المدني في دورة 2018) وفق مسلمات الانتفاضة، داعياً الى توحيد الصفوف. كذلك هو الحال عند خالد العسكر والذي يعرّف عن نفسه كمرشح مستقل ويحمل مفاهيم وشعارات وثوابت 17 تشرين، كذلك المرشح عن المقعد الدرزي اياد قماش.
وتشير المعطيات الميدانية أن العديد من الاجتماعات عقدت بين قوى التغيير كمجموعات وأفراد للدفع نحو توحيد الصف ليتسنى للمعارضة لأن تخرق وتفوز بحاصل واحد باعتبار أن البقاع الغربي من الدوائر الانتخابية التي يعتبر فيها الحاصل الانتخابي الاقل عن العديد من الدوائر.