ميسم رزق
أكّد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، أمام مجلس القضاء الأعلى، أنه لم يرتكب أي مخالفات في التحقيقات التي يجريها في جريمة تفجير المرفأ، وأبلغ المجلس أنه مستمر في تحقيقاته وفق ما ينص عليه القانون.
هذه حصيلة «جلسة الاستماع» التي عقدها مجلس القضاء مع البيطار أمس، وتزامنت مع التأكيد على مراسلات سابقة لوزارة العدل إلى المجلس النيابي بشأن طلبات المحقق العدلي استدعاء وزراء ونواب إلى التحقيق، وأنه في حال عدم التزامهم المواعيد المعطاة لهم بواسطة المراسلة عبر وزارة العدل، سيصار إلى إبلاغهم لصقاً.
عملياً، لا يُمكِن وضع خبر استماع مجلس القضاء للمحقق العدلي في خانة إعادة تصحيح المسار، كما لا يُمكِن اعتباره أمراً تفصيلياً. المداولات انتهت في أقل من ساعة، وثبتت ما يوصف بـ«الحصانة» التي تمنع مساءلة المحقق العدلي أو محاسبته على أخطاء مسلكية يتحدث عنها خصومه من المدعى عليهم، أو قوى ومرجعيات سياسية تخشى على الاستقرار العام جراء ما يقوم به البيطار من إجراءات استنسابية في التحقيقات. وكان واضحاً للمتابعين أن رئيس المجلس القاضي سهيل عبود تولّى، قبل الجلسة وأثناءها وبعدها، توفير كل أشكال الحماية للبيطار، عاكساً مواقف أطراف أساسية في الدولة من بينها الرئيسان ميشال عون ونجيب وميقاتي وآخرون.
في الجلستين اللتين عقدهما مجلس القضاء قبل جلسة الاستماع أمس، جاهد عبّود لقطع الطريق على استدعاء البيطار. سبق الأولى (عقدت في 19 الجاري) اتفاق على أن يقوم القضاء بالدور المطلوب منه وإيجاد المخرج المناسب لقضية البيطار ومعالجتها. وكان على جدول أعمال الجلسة شكوى مقدمة من محامي الوزير السابق يوسف فنيانوس، طالب بإحالتها إلى المجلس العدلي. إلا أن عبود دفع نحو عدم مناقشة الأمر، وطالب بمزيد من الوقت لدرس الموضوع والاجتماع يوم الخميس (21 الجاري) للبتّ به. كانت تلكَ الجلسة الثانية التي شهدت نقاشاً بين عبود وأعضاء المجلس، استمر 4 ساعات سعى فيها عبود إلى عدم البتّ بأمر الاستدعاء. إلا أن إصرار الغالبية (الموافقون أقلّه على مبدأ استدعاء البيطار) حشر القاضي عبوّد، خصوصاً بعد اقتراح بطرح الأمر على التصويت، ما دفعه إلى اتهام الأعضاء بأنهم «مسيّسون». وبعد أخذ ورد، اتفق على استدعاء البيطار، من دون تدوين الاتفاق في محضر الجلسة الذي طالب عبّود بإبقائه مفتوحاً مع الجلسة إلى يوم أمس. وحين وجد عبود أنه مضطر لاستدعاء البيطار حاول أن يفرض شرطاً على أعضاء المجلس بأن يتم الاتفاق مسبقاً على الأسئلة التي ستُطرح على المحقق العدلي.
في جلسة أمس، كان الحرص كبيراً على استدعاء البيطار في اليوم نفسه، مخافة تطيير الاتفاق، خصوصاً أن عبود يغادر اليوم إلى فرنسا ولن يعود قبل يوم الأحد. لذا عندما بدأت الجلسة عند الساعة العاشرة صباحاً، ذُكّر عبود بالاتفاق على الأسئلة. وعند الساعة الثانية عشرة ظهراً تم الاتصال بالمحقق العدلي، إلا أن الأخير لم يحضر إلى الجلسة إلا بعد ثلاث ساعات، بحجة أنه ينتظِر جواباً من الأجهزة الأمنية عمّا إذا كان وضعه الأمني يسمح بالحضور.
مشاركون في الاجتماع أكدوا أن عبّود أدار الجلسة بما يمنع «المساءلة العميقة والدخول في التفاصيل»، إذ طرحت أسئلة شكلية أجاب عليها البيطار بطريقة مقتضبة وسريعة، مع التركيز من قبل البعض على ضرورة تعهد البيطار بالعمل على إنجاز التحقيقات وإعداد القرار الظني في أقرب وقت ممكن. مع الإشارة هنا، إلى أن زوار رئيس الحكومة نقلوا عنه أنه سمع أن القرار الظني سيصدر قبل نهاية العام، وسيضع حداً لسجالات كثيرة قائمة اليوم.
ولاحقاً صدر عن مجلس القضاء الأعلى بيان فيه أن «المحقق العدلي القاضي طارق البيطار حضر وتمّ الاستماع إليه والتداول معه بما هو مثار بشأن ملف انفجار مرفأ بيروت، وتمّ التشديد من قبل المجلس على العمل على إنجاز التحقيق بأسرع وقت ممكن، وفق الأصول القانونية، وذلك توصلاً إلى تحقيق العدالة وتحديد المسؤوليات بحقّ المرتكبين».