دموع الأسمر - الديار
هل اللبنانيون على موعد مع رفع الاجور مطلع العام الجديد؟ وهل تنجح محاولات تثبيت سعر صرف الدولار قبل رفع الاجور؟
رغم الجهود الكبيرة لابعاد الكأس المرّة عن اللبنانيين، الا ان الكارثة باتت أمرا واقعا الراتب لا يكفي ثمنا للوقود، ولا تزال محاولات السلطة السياسية تراوح مكانها ، خاصة في اعتماد البطاقة التمويلية التي لم تعد كافية اجرة للتنقلات، علما ان هذه البطاقة باتت في خبر كان، وتحتاج الى شحنة جديدة من الوعود القابلة للتنفيذ، بدلا من المراوحة والاتجار بها حسب الاستحقاقات الانتخابية التي تصب في مصلحة الطبقة السياسية.
لم يعد من حديث يشغل بال اللبنانيين في الآونة الاخيرة الا قيمة الرواتب التي اصبحت لا تتجاوز الخمسين دولارا، وفي احسن الظروف السبعين دولارا، مترافقة مع تساؤلات هامة تطرح، عن الاسباب التي تدفع الحكومة اللبنانية الى التغاضي عن تواصل انهيار الليرة اللبنانية، وعدم رفع الاجور لكل العاملين في القطاع العام، خصوصا بعد الترضية التي قدمت للمعلمين والمعلمات في المدارس الرسمية. مع التأكيد الى انه لا يمكن ان يشعر المواطنون بانحياز، وكما حصل القطاع التعليمي على دعم لا بأس به خصوصا تأمين بدل البنزين، وكان حريا بالحكومة ان تعمم هذا الاجراء، خصوصا ان الكارثة الاجتماعية طالت الجميع دون استثناء.
ورغم ان هناك تسريبات تشير الى ان الرواتب ستتخطى السبعة ملايين مطلع العام الجديد، وفي حال استمرت الليرة اللبنانية في انهيارها، لن يكون اي زيادة على الرواتب لها قيمة ولن تغير من الواقع المأساوي الذي حل بالبلد.
لذلك تكشف اوساط متابعة ان الحل الوحيد قبل زيادة الرواتب العمل على تثبيت سعر الصرف قبل اي اجراء آخر، خصوصا ان الحكومة الحالية وعدت في خطاب منحها الثقة العمل على فرملة الانهيار لكن الاشتباك السياسي الواقع في البلد حال دون تحقيق وعودها.
ومسألة الرواتب باتت الهاجس الاول لدى جميع المواطنين الرازحين تحت اثقال غلاء الاسعار التي لم تترك سلعة إلا وطالتها، حتى منقوشة الزعتر تجاوز سعرها العشرين ألف ليرة ومنقوشة الجبنة الثلاثين ألف ليرة، والفلافل الى ما يقارب العشرين ألفا حسب المحلات والمناطق، بمعنى ان لقمة الفقير باتت تساوي الدخل اليومي له، وبمفرده دون افراد عائلته...
الهوة السحيقة بين المدخول والراتب من جهة، والمصروف من جهة اخرى، ادت الى خلل معيشي اصاب معظم العائلات اللبنانية، وابناء الشمال اكثر من يعاني من هذا الخلل المريع الذي زاد من نسبة الفقر والجوع، عدا عن اتساع الهوة بين طبقة الاثرياء من جهة، والشرائح الشعبية بمختلف اشكالها من جهة اخرى، و اقدم العديد من عائلات الاحياء الشعبية على الغاء اشتراك الكهرباء لعجزهم عن تسديد الفاتورة التعجيزية وعادوا الى استعمال الشموع التي ازدهرت تجارتها، مما ادى الى ارتفاع اسعارها نظرا لزيادة الطلب عليها.
وفي ظل هذه الظروف القاهرة بات المواطن رهين العتمة ورهين الجوع الذي تسلل الى المنازل، واخطر ما في هذه الاوضاع ان الانفجار الاجتماعي بات قاب قوسين او ادنى، لا سيما ان حجم البطالة قد اتسع الى درجة ان مصير معظم العائلات قد دخل نفق المجاعة الحقيقية في طرابلس والشمال...