عمر حبنجر
حالة من الترقب والحذر، خيمت على الأجواء الأمنية والسياسية في لبنان، بعد "خميس الطيونة" الدامي، فالجيش اللبناني يمسك بنواصي الشوارع الفاصلة بين المحاور القديمة المتجددة، في محلتي الشياح وعين الرمانة، أما الحراك السياسي، الذي كان يجب ان يبدأ بجلسة طارئة لمجلس الوزراء، فمازال هامدا، بانتظار معالجة الشروط المتبادلة، وأبرزها شرط حزب الله، "قبع" المحقق العدلي في انفجار المرفأ طارق البيطار، وتوقيف مطلقي النار على المتظاهرين، قبل عقد أي جلسة للمجلس.
وستشهد الأيام القليلة المقبلة المزيد من المهاترات السياسية، والتي ستكون بديلا عن استخدام السلاح وان كانت أشد إيلاما، فبعد تهديدات رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، خلال تشييع ضحايا المواجهة في الطيونة "بالوصول الى الحق في الدماء التي سفكت، وبأن الأيام المقبلة ستشهد على ذلك"، واتهاماته لرئيس القوات اللبنانية د .. سمير جعجع بالمسؤولية المباشرة عما حصل، رفض جعجع اتهامات حزب الله و"حركة أمل".
ونقلت "الوكالة الوطنية للإعلام" اللبنانية عنه قوله، في مقابلة مع صوت بيروت انترناشيونال: "يمكن لهم اتهامنا قدر ما يشاءون إلا أن هذا الأمر غير صحيح".
وحول تقرير قناة "المنار" الذي قال إن القناصين القواتيين معروفون بالأسماء، أوضح جعجع أن "هذا غير صحيح وليسلموا الأسماء التي يزعمون أنها معهم للجيش".
وأضاف جعجع: "سمعت أن رئيس الجمهورية ليس موافقا على مسألة تغيير القاضي البيطار، لذا كان لابد من 7 مايو عند المسيحيين تحقيقا لهدف إقالة أو قبع القاضي البيطار من أجل قتل التحقيق في انفجار مرفأ بيروت".
ولفت إلى أنه ليس لديه أي فكرة واضحة عن سبب إصرارهم على قتل التحقيق، موضحا أن كل هذه المسألة بدأت منذ 4 أشهر وليس اليوم.
ورأى جعجع ان حكومة ميقاتي بخطر، وإذا تعدى أحد علينا فسندافع عن أنفسنا ولن نموت وأعيننا مفتوحة.
وعصراً رد رئيس التيار الحر جبران باسيل على الحملات التي استهدفت موقف التيار ورئاسة الجمهورية، سواء من جانب رئيس القوات اللبنانية، أو من جانب حزب الله مباشرة، أو عبر المحسوبين عليه، خصوصا ما يتناول تناغمه مع الأميركيين، من اجل رفع العقوبات عن باسيل نفسه.
على ان الموقف الحاسم المرتقب، هو للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم غد. ويبدو أن تشدد نصرالله هو لاستيعاب استياء جمهوره لسقوط الضحايا في الطيونة وعين الرمانة، سيواجه بتوافق رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي، على التمسك باحترام مبدأ فصل السلطات، وبالتالي ترك معالجة قضية القاضي البيطار الى وزير العدل والمرجعيات القضائية. وقد عقد ميقاتي أمس اجتماعا مع وزير العدل القاضي هنري خوري ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات في مكتبه. ونقل بيان صادر عن مكتب ميقاتي تأكيده أن "الحكومة حريصة على عدم التدخل في أي ملف يخص القضاء، مشيرا إلى أن الملف الكامل لما حصل في الطيونة في عهدة الأجهزة الأمنية بإشراف القضاء المختص".
وذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام" أن ميقاتي بحث خلال الاجتماع، ملف أحداث الطيونة، وضرورة الإسراع في التحقيقات لكشف الملابسات الكاملة لما حصل وإحالة المتسببين بهذه الأحداث إلى القضاء المختص.
وأفادت وسائل إعلام لبنانية بأن الاجتماع دام نحو الساعة وتقرر خلاله دعوة طارق البيطار إلى اجتماع الثلاثاء مع مجلس القضاء الأعلى للبحث في التطورات الأخيرة.
أما عن ارتدادات هذه التطورات على وضع الحكومة، فإن المصادر المتابعة أكدت لـ"الأنباء" ان الحكومة باقية مهما بلغ العصف الكلامي حدة، لأنه في حال طارت حكومة ميقاتي، طارت الانتخابات النيابية بالتأكيد ومعها الانتخابات الرئاسية حكما، ولذلك، لن تطير الحكومة ولن يطير المحقق البيطار، انما النقاشات القانونية منشغلة بالبحث عن مخرج يرضي مختلف الأطراف.
وعن خطاب نصرالله المنتظر غدا، قالت المصادر، ان السيد نصرالله سيكون مضطرا لرفع الدوز الكلامي، خصوصا ضد سمير جعجع، إرضاء لمناصري حزب الله، وستكون هناك جلسة لمجلس الوزراء، قبل نهاية الأسبوع.
على ان التفاعلات الخارجية مع الحدث اللبناني المستجد، كانت أكثر حرارة من السجالات المحلية، خصوصا بعد كلام صفي الدين.
وأبرز هذه التفاعلات، إعراب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود عن قلق المملكة بشأن الوضعين الاقتصادي والسياسي في لبنان، داعيا الى التحرك لإنقاذه، معتبرا ان الأحداث تظهر الحاجة إلى تغيير حقيقي، ناحيا بالمسؤولية على الزعماء.
بدورها، الخارجية الفرنسية أبدت قلقها جراء التصعيد الحاصل، ودعت الأطراف اللبنانية الى ضبط النفس والتركيز على الإصلاحات الضرورية، وخصوصا قطاع الكهرباء.. في حين حمل مصدر فرنسي رفيع حزب الله مسؤولية الأحداث المأساوية، داعيا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى الصمود.
ويعقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعا لبحث الملف اللبناني يوم غد. في وقت أعلنت فيه مندوبة فنلندا في الأمم المتحدة تضامن بلادها مع الشعب اللبناني عموما، لاسيما الذين تضرروا من أحداث الطيونة، وتحدثت عن خطة لمناقشة الوضع اللبناني في الأمم المتحدة، نهاية الأسبوع المقبل.