آلان سركيس
تدخل البلاد مرحلة جديدة من الصدام عنوانها الأساسي محاولة ضرب "حزب الله" و"امل" والحلفاء التحقيق في انفجار مرفأ بيروت وطمس الحقيقة وشلّ عمل الحكومة وتوتير الشارع والتهديد بالسلاح وبـ7 أيار جديد.
من عام 2005 إلى اليوم، يقف الفريق نفسه في المرصاد لضرب كل السبل التي توصل إلى العدالة، ويتذكر الشعب اللبناني جيداً كيف أن "حزب الله" والحلفاء حاولوا جاهدين ضرب التحقيق الدولي في جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وبقية شهداء 14 آذار.
وفي مقاربة أخرى، فإن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وإن لم تكن على قدر آمال جمهور 14 آذار، إلا أنها أصدرت حكمها أخيراً ودانت القيادي في "حزب الله" سليم عياش باغتيال الحريري، علماً أن المحكمة الدولية شُكّلت بقرار من مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السادس وليس السابع ولا تستطيع إدانة دول وأنظمة وأحزاب بل أفراد، ما يعني أن إدانة عياش تحمل دلالات واسعة حول الجهة التي تقف وراء إغتيال الحريري.
وشهدت المرحلة الماضية جدالاً واسعاً ومناكفات وصلت إلى حد تعطيل البلد تحت عنوان "شهود الزور"، فبعد إنتخابات عام 2009 تم تأليف حكومة جديدة برئاسة الرئيس سعد الحريري، وإستطاعت هذه الحكومة نتيجة التوافق العربي والدولي والأزمة المالية العالمية وتدفق الأموال إلى المصارف اللبنانية، تحقيق نمو وصل إلى حدود الثمانية في المئة في عهد الرئيس ميشال سليمان، لكن تمّ نسفها باستقالة وزراء 8 آذار و"التيار الوطني الحرّ" والوزير الملك عدنان السيد حسين في كانون الثاني من العام 2011 وأعلنوا الإستقالة من الرابية عندما كان الرئيس الحريري وأعضاء الوفد الوزاري المرافق يدخلون البيت الأبيض لمقابلة الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما.
وبعد هذه الإقالة القسرية للحكومة تحت عنوان "شهود الزور" تراجع الوضع الإقتصادي ودخلت البلاد في فوضى سياسية وأمنية عارمة وبات النمو سلبياً مع حكومة اللون الواحد التي ترأسها الرئيس نجيب ميقاتي.
ومع تقدّم المحقّق العدلي في قضية إنفجار المرفأ القاضي طارق البيطار في تحقيقاته يبدو أن البلاد أمام ملف جديد يريد "حزب الله" إستخدامه وربما يؤدي إلى نسف عمل حكومة ميقاتي وتوتير الشارع وجرّ البلاد نحو الفتنة. فعلى سبيل المثال إستلم "حزب الله" الحكم بعد إقالة الحريري عام 2011 فموّلت حكومته المحكمة الدولية ولم يصل إلى نتيجة في ملف "شهود الزور"، وبالتالي فإن محاولاته الحالية لا تدخل سوى في إطار الضغط من أجل طمس الحقيقة.
والمفارقة الأساسية أن إنتفاضة وزراء "حزب الله" و"أمل" و"المردة" تكاد أن تودي بالحكومة الميقاتية، لكن الوضع الآن مختلف عن السابق، خصوصاً وأن هذا التشنّج الحكومي رفع الدولار إلى ما فوق 21 ألف ليرة والبلاد تنهار إقتصادياً ولا تتحمّل ما تحمّلته سابقاً.
من هنا، فإن محاولات ضرب الإستقرار الحكومي الهش أصلاً والأمني ستدفع البلاد نحو المزيد من الفوضى، فيما الأساس يبقى بالنسبة إلى "حزب الله" عرقلة العدالة بالتواطؤ مع قسم من الفريق السياسي الذي يُصنّف نفسه أنه ضد مشروع "الحزب" وأنه يقف بالمرصاد لمشاريع "الدويلة".
وتبدو الصورة الحكومية ضبابية جداً، فميقاتي الذي يأخذ جرعات دعم من الحريري لا يستطيع عزل المحقّق العدلي لا قانونياً ولا شعبياً على رغم الرغبة بذلك. وفي المقابل لا يمكنه أيضاً عدم الإصغاء لتهديدات "حزب الله" وضغط الوزراء، وبالتالي فإن مشهد إعتكاف الوزراء الشيعة بعد حرب "تموز" للمطالبة بالثلث المعطّل قد يعود إلى الواجهة، ما يعني أن مسلسل التعطيل مستمرّ والأزمة في البلاد ليست إقتصادية فقط بل سياسية وهدفها ضرب الحقيقة في إنفجار المرفأ وإستكمال السيطرة على مقدرات الدولة.