فادي عيد - الديار
يلاحَظ الهدوء الجنبلاطي، وإن خرقته تغريدات تحمل رسائل ودلالات كثيرة، فذلك يدلّ على دقّة الأوضاع وصعوبتها، وفق ما يقرأه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، على مستوى البلد وصولاً الى الجبل، حيث الأمور مقلقة وصعبة على المستويات السياسية والإقتصادية، وربطاً بتفاعل الخلافات بين خلدة والمختارة، والتي تفاقمت في الآونة الأخيرة، وثمة معلومات بأن رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير الأسبق وئام وهاب، يقوم باتصالات بعيدة عن الإعلام مع الهيئة الروحية وكبار المشايخ في الجبل، بغية تهدئة النفوس والحفاظ على استقرار ووحدة الصف الدرزي، والذي يعتبره وهاب كما قال لأحد المشايخ، أنه «خط أحمر بالنسبة إليه، وأنه لن يقبل أن يدفع الناس الثمن في ظل ظروفهم المعيشية والحياتية الصعبة، وأنه على تواصل مع كل من جنبلاط وإرسلان من أجل استكمال المصالحات كما تم الإتفاق في خلدة»، وحيث حتى اليوم ليس هناك أي خطوات إيجابية. ولهذه الغاية، وبعد لقائه بإرسلان، يُتوقع أن يحصل لقاء بين وهاب وجنبلاط لهذا الهدف، وبمعنى آخر أن المسألة تُعالَج بمنأى عن الصراع السياسي والخلافات والتباينات بين القيادات الدرزية المقرّبة من القيادة السورية وحزب الله، وحيث لجنبلاط مواقفه المعروفة، إنما ذلك لا يمنع، كما يقول وهاب، بأن يبقى الجبل آمناً مستقرّاً، وأن تترسّخ وحدة طائفة الموحّدين الدروز بمعزل عن هذه الخلافات.
في السياق، يُنقل بأن جنبلاط لا زال يعاني على خط إطلاق الماكينة الإنتخابية لجملة ظروف وأسباب محيطة بما يواجه جولات المسؤول عن الماكينة الإنتخابية ومفوّض الداخلية في الحزب التقدمي هشام ناصر الدين من مواجهات مع محازبين من القدامى والشباب على وجه الخصوص، على خلفية ضرورة إبعاد البعض من الفاسدين، ومن ثم ضخ الحزب بدم جديد، وهناك ضبابية تتعلّق بالمرشحين، ويُنقل في هذا الصدد بأن جنبلاط قد يُبقي البعض في موقعه النيابي لما تحمله المرحلة المقبلة من تحدّيات ومواجهات مع بعض خصومه في الطائفة الدرزية، وتحديداً النائب إرسلان، مما قد يُبقي النائب أكرم شهيب في موقعه في عاليه نظراً لخبرته ودوره، وحيث هناك وزير عيّنه إرسلان من عاليه ومن عائلة النائب شهيّب، وذلك، في إطار التحدّي الحاصل بين جنبلاط وإرسلان، وعلى خلفية الخلاف المستحكم بين رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني»، والنائب شهيّب.
لذلك، فإن جنبلاط، وبحسب المحيطين به، يحاول في هذه المرحلة تدوير الزوايا لتجنّب أي صدام في الجبل، لا سيما بعد الأحداث الأخيرة في الشويفات وقبرشمون والبساتين، خصوصاً أن الإنتخابات النيابية باتت قريبة، وقد تكون المعركة بينهما والإحتقان السائد على خط خلدة ـ المختارة منطلقاً لرفع منسوب الإحتقان والخلاف، دون إغفال أن رئيس الإشتراكي، يدرك استراتيجية تحالفات خصومه مع قوى مؤثّرة داخلياً وإقليمياً، وفي ظل تشتّت التحالفات التي كان قد أقامها جنبلاط ضمن قوى 14 آذار مع تيار «المستقبل» و»القوات اللبنانية».
وثمة معلومات هنا، بأن هناك محاولات جارية على قدم وساق لإعادة صوغ تحالف بين «القوات» والإشتراكي و»المستقبل»، لمواجهة خصومهم بعدما وصلت أوضاعهم إلى حافة الإنهيار السياسي والإنتخابي وتململ قواعدهم وأنصارهم من التسويات التي أنجزوها. لذا، فالأسابيع القليلة المقبلة من شأنها أن تبلور وضعية الجبل بدءاً مما ستؤول إليه حركة وهاب على خط ضبط إيقاع الوضع بين القيادات الدرزية، ومن ثم على الصعيد الجنبلاطي ـ الإرسلاني وما ستصل الأمور بينهما، وكذلك ما سيقدم عليه جنبلاط من خطوات سياسية وانتخابية في وقت ليس ببعيد.