جويل بو يونس - الديار
هي جولة جديدة كسبها امس المحقق العدلي طارق البيطار في الحرب المفتوحة التي يشنها بعض السياسيين عليه والتي ستشتد بالايام القليلة المقبلة وصولا لموعد الانعقاد العادي للمجلس النيابي في 19 الحالي، والذي يعوّل عليه المدعى عليهم ليستعيدوا معه "حصاناتهم" الحائلة دون مثولهم امام المحقق العدلي، وهم لهذه الغاية "رح يضلوا يجربوا" تماما كما يقول مصدر قضائي متابع للديار بدعاوى طلب رد المحقق العدلي عن التحقيق بافظع جريمة عرفها لبنان علهم يكسبون الحرب من هنا حتى بلوغ موعد 19 الحالي، وبعدها "لكل حادث حديث".
ليس المدعى عليهم وحدهم من يحاول كسب الوقت فالمحقق العدلي يحاول بدوره الاستفادة من كل يوم وساعة تمر بالفترة الفاصلة عن 19 الحالي حتى ان المعركة باتت معركة سباق محموم مع الوقت والسؤال من سيربح في النهاية؟
صحيح ان البيطار كسب الجولة الاولى بعد رفض طلب الرد المقدم سابقا من النائب نهاد المشنوق امام محكمة الاستئناف المدنية نظرا لعدم اختصاصها، والجديد الذي برز امس هو كسب البيطار الجولة الثانية وهذه المرة بمطرقة رئيسة محكمة التمييز المدنية، الغرفة الخامسة، القاضية جانيت حنا، والمستشارين القاضيين نويل كرباج وجوزف عجاقه والذين رفضوا طلب الردّ المقدّم من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر ضد المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار.
اللافت في قرار محكمة التمييز هذه المرة انه اتى سريعا جدا ومن دون ان تحتاج القاضية حنا لتبيلغ البيطار به اذ قررت وبعد أقل من 24 ساعة عمل على تقديم الطلب ظهر الجمعة رفض الطلب واسقاطه شكلا امس الإثنين.
فحتى ساعات قبل ظهر الامس لم يكن اصلا القاضي البيطار قد تبلغ بدعوى طلب الرد وهو لم يكن قد حضر الى مكتبه في العدلية، هذا القرار الصادر عن محكمة التمييز والذي لم يرق لوكيلي الدفاع عن النائبين غازي زعيتر وعلي حسن خليل، علقت عليه مصادر الوكيلين بسلسلة ملاحظات شرحها الوكيل المحامي رشاد سلامة في اتصال مع الديار فاعتبر ان هناك خطأ ورد في تاريخ تقديم طلب الرد وخطأ اخر تمثل بان قرار القاضية حنا استند الى المادة ١٢٣ بينما طلب الرد المقدم مستند على المادة ١٢٨.
واستغرب سلامة حضور القاضية جانيت حنا يوم الاثنين إلى العدلية في حين أنها لا تحضر سوى يوم الاربعاء، كما استغرب كيف تم رفض الطلب من قبل القاضية جانيت حنا قبل حتى ان يتم تبليغ القاضي المعني بطلب الرد، اي البيطار.
الا ان مصادر قضائية في محكمة التمييز اوضحت عبر الديار ان هذه الخطوة مبررة لان القاضية حنا بررتها في سطور الحكم الصادر عنها فاشارت الى انها لم تبدأ باتخاذ اية اجراءات لانها اعتبرت انه ليس من حقها وضع يدها على الملف، الذي يبدأ بابلاغ القاضي المطلوب ازاحته وهنا اي القاضي طارق البيطار، وبالتالي تقول المصادر ان القاضية حنا اعتبرت ان محكمة التمييز بغرفتها الخامسة والتي ترأسها غير مختصة بالنظر شكلا بالملف حتى قبل المضمون فاصدرت قرارها.
على اي حال فالتذاكي ولعبة اللعب على الوقت مستمرة ومعها المواجهة السياسية مستمرة وهي تستعر بالايام المقبلة، وابلغ دليل انه ما كادت مطرقة القاضية جانيت حنا تضرب رفضا لطلب الرد حتى سارع، بحسب معلومات الديار، وكيلا علي حسن خليل وغازي زعيتر لتقديم طلب رد جديد بحق المحقق العدلي لكن هذه المرة عند قلم الرئيس الاول لمحكمة التمييز رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود، الذي يعود له ان يحولها للغرفة التي يراها مناسبة للنظر بطلب الرد الجديد.
لكن حتى مساء امس وحتى لحظة كتابة هذه السطور، لم يكن القاضي بيطار بحسب ما تؤكد مصادر موثوقة قد تبلغ اي جديد او اي طلب جديد برده عن التحقيق من قبل غازي زعيتر وعلي حسن خليل، وبالتالي حتى الساعة لم يجمد بعد التحقيق ولم تكف يد البيطار عن القضية.
الى ذلك، اكدت مصادر متابعة للملف أن وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي رفض اعطاء اذن بملاحقة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ورده شكلا بحجة عدم وجود اي معطيات موضوعية تبين تبدلها بين الطلب المقدم في عهد وزير الداخلية السابق محمد فهمي والطلب الثاني.
وفيما كانت الانظار تتوجه الى 12 و13 الحالي، المواعيد التي حددها البيطار لجلسات استجواب كل من علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق، فكل المعطيات تؤكد بان الوزير السابق علي حسن خليل المدعى عليه لن يمثل ولن يحضر الجلسة المحددة في العاشرة من صباح اليوم وكذلك سيفعل كل من زعيتر والمشنوق بعد غد االاربعاء.
وبالانتظار، يبدو ان الكباش طويل والمسار الذي تأخذه القضية يظهر ان البيطار يواجه اشرس المواجهات مع طبقة سياسية اعتادت التحايل والتذاكي على القانون والقضاء ولو حتى في ابشع انفجار وجريمة ارتكبت في الرابع من اب، صحيح ان الكباش مفتوح على مصراعيه وصحيح ان المدعى عليهم لن ييأسوا ولن يستسلموا وهم لن يتوانوا عن افراغ ما في جعبتهم من وسائل لكف يد البيطار، وفي هذه الجعبة التي لن تفرغ الكثير الكثير، كما تقول مصادرهم لكن الصحيح ايضا في المقابل ان البيطار الذي يصفه عارفوه بالقاضي "الجريء البطل" لن يستسلم هو ايضا، وهو سيكمل بالمواجهة حتى النهاية وصولا للحقيقة والعدالة وسيلجأ لكل الوسائل القانونية المتاحة امامه، كما انه ينتظر ويترقب كيف ستسير الامور اليوم فهل يفعلها البيطار ويصدر قبل تبلغه طلب الرد الجديد مذكرات احضار بحق خليل، لكون الأخير تبلّغ بجلسة الاستجواب لصقاً بحسب ما تؤكد مصادر قانونية؟ او يصدر البيطار مذكرة توقيف غيابية بحق علي حسن خليل الذي لن يحضر جلسة استجوابه اليوم؟ فتكون المذكرة الغيابية الثانية بعد المذكرة الأولى التي سبق وأصدرها بحق الوزير السابق المدعى عليه يوسف فنيانوس ؟ وهل يلجأ البيطار الى اصدار مذكرات توقيف غيابية تطال ايضا كلا من الوزيرين السابقين المشنوق وغازي زعيتر اللذان لن يحضرا ايضا جلستي الاستجواب المحددة لهما بعد غد الأربعاء؟ وماذا عن رئيس الحكومة السابق حسان دياب المدعى عليه ايضا في الملف والذي حدد له البيطار 28 تشرين الحالي موعدا لاستجوابه؟
تكثر الاسئلة في اصعب مهمة تولاها القاضي طارق البيطار، لكن الاجوبة عليها قد تتبلور مع الايام القليلة او الساعات القليلة المقبلة؟ فهل يكسب البيطار الحرب القضائية بوجه الحرب السياسية؟
على اي حال فغدا (اليوم) لناظره قريب تقول مصادر متابعة للملف قبل ان تختم بالقول: "البيطار سينتظر كيف تسير الوقائع اليوم وبعدا بيشوف شو بيصير واذا بتتسهل معو" فهو يقوم بما عليه و"الباقي ع الله"!