رنى سعرتي
رغم انّ البيان الذي أصدرته مؤسسة الكهرباء كان يهدف الى تسليط الضوء على احتمال انهيار الشبكة، بسبب ضعف الإنتاج المرتبط بكميات غير كافية من الفيول لإنتاج كمية آمنة تحمي الشبكة، الّا انّ ما تطرّق له البيان عرضاً بدا أكثر خطورة، لأنّه اشار الى استمرار احتلال محطات التحويل، وتحدّي الحكومة التي لا يبدو حتى الآن انّها تنوي وضع حدّ لسيطرة قوى الأمر الواقع على مؤسسة رسمية.
أشارت مؤسسة «كهرباء لبنان» في بيان امس الاول، الى انّ أحد اسباب إنهيار شبكة الكهرباء، بالإضافة الى توقف المعامل قسراً عن الانتاج بسبب نفاد مخزونها من مادة الفيول أويل، استمرار وجود محطات تحويل رئيسية خارجة عن سيطرة المؤسسة، هذا الوضع يقوّض إمكانيات المؤسسة لتأمين حدّ أدنى من التغذية الكهربائية بصورة عادلة على جميع المناطق اللبنانية، حيث انّ هناك قوى تحتلّ بعض محطات التحويل وتتحكّم بالتغذية الكهربائية لمناطق معيّنة، من دون أي حسيب او رقيب، ومن دون ان يوقفها أحد عند حدّها، مما ينعكس سلباً أيضاً على قدرة مؤسسة كهرباء لبنان في تأمين التيار بشكل مستقرّ، وتحت سيطرتها.
وكما حصل في آب الماضي، عندما كانت الامور متفلّتة تماماً ولا توجد حكومة فعّالة، حين أقدم عدد من المواطنين على السيطرة على محطات تحويل الطاقة بالقوة في بعض المناطق للحصول على ساعات إضافية من التغذية على حساب مناطق أخرى، ما أدّى إلى خروج هذه المحطات عن السيطرة، فإنّ بعض تلك المحطات ما زال «محتلّاً» كما جاء في بيان مؤسسة كهرباء لبنان الاخير.
في آب الماضي، خرجت 8 محطات بالكامل عن سيطرة مؤسسة كهرباء لبنان بعد ان تمّ الاعتداء عليها، منها محطات الحرج، البسطا، صور، بعلبك، المصيلح، الزهراني، وادي جيلو، والنبطية، حيث قام المعتدون بإفادة المناطق التي تتغذى من هذه المحطات من ساعات تغذية إضافية وصلت لمعدل أكثر من 12 ساعة في اليوم، بينما حُرمت مناطق لبنانية أخرى من ساعات التغذية الكهربائية المحدّدة لها بسبب هذه التجاوزات المستمرة في تلك المحطات، في ظلّ النقص الحاد في القدرات الإنتاجية المتوفرة على الشبكة الكهربائية.
كذلك تعرّض المناوبون في محطتي صيدا الجديدة وصيدا القديمة إلى التهديد بحصول مثل هذه الاعتداءات عليهما، فتمّ عزلهما مؤقتا ثمّ إعادتهما للعمل بعد تدخّل القوى الأمنية، كما سبق لمعملي الزهراني والجية ان تعرّضا إلى اعتداءات على هذا النحو، حيث دخل بعض المواطنين عنوة.
وبما انّ أزمة الكهرباء آخذة في التفاقم حالياً، والبلد مُهدّد بالعتمة الشاملة وبانهيار الشبكة في أي لحظة الى حين وصول الغاز المصري او فتح اعتمادات لشراء الفيول لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، فانّ مظاهر الاحتلال والدخول عنوة والسيطرة على مزيد من محطات التحويل قد تعود الى الواجهة.
وفيما التكتّم والتغاضي عن تلك الممارسات «الميليشياوية» خطر ويؤشر الى عدم قدرة الدولة على بسط سيطرتها في كافة المناطق وعلى كافة الاراضي اللبنانية، أوضح رئيس لجنة الاشغال والطاقة النائب نزيه نجم، انّه لم يتمّ التبليغ عن محطات التحويل «المحتلّة» من قِبل أي جهة معنيّة خصوصاً وزارة الطاقة، سائلاً: «ليه في دولة» لكي تضع حدّاً للمحتلّين؟ وهل انّ تلك المناطق تخضع لسيطرة الدولة أساساً؟».
رفض المازوت الإيراني
في سياق متصل، وعلى صعيد أزمات المولّدات الخاصة، أشارت معلومات لـ«الجمهورية»، الى انّ أصحاب المولدات في بعض المناطق الواقعة تحت سيطرة «حزب الله»، رفضوا عروضاً من اتحاد البلديات لتزويدهم بالمازوت الايراني بهدف تأمين التيار الكهربائي للسكان بكلفة اقلّ، مما اثار نقمة سكان تلك المناطق على أصحاب المولّدات الذين فضلوا شراء المازوت المستورد على السعر الرسمي عند حوالى 620 دولاراً للطن، وعدم استخدام المازوت الايراني الذي تبيّن انّ نوعيته مختلفة ويحتوي على معدلات كبيرة من مادة الكبريت، مما يتسبّب بأعطال وأضرار في المولدات على المدى البعيد، ويكبّد بالتالي اصحابها أعباء مالية بهدف الصيانة والتصليح، لا قدرة لهم على تحّملها.