من العتمة الشاملة إلى تضاؤل بصيص الأمل بانتشال البلد من أزمته تحت وطأة استمرار "حزب الله" في استخدام لبنان مطيّة لتصفية حسابات إقليمية مع المجتمعين الدولي والعربي، ومنصة لإطلاق التهديد والوعيد شرقاً وغرباً بشكل لم يترك للبنانيين "صديقاً وقت الضيق". وجديد تهديداته تجسد أمس بتوعّد رئيس مجلسه التنفيذي السيّد هاشم صفي الدين باجتثاث "الأميركيين" من الدولة اللبنانية، مشيراً إلى أنّ "الحزب" لا يزال متريثاً في الإقدام على "معركة إخراج الولايات المتحدة من أجهزة الدولة (....) لكن إذا جاء اليوم المناسب وخضنا هذه المعركة سيشاهد اللبنانيون شيئاً آخر".
وإذ تباهى صفي الدين بأنّ "حزب الله" أصبح "جزءاً أساسياً من المعادلة الإقليمية"، وجاهر بأنّ "موضوع دخول صهاريج المازوت إلى لبنان ليس فقط من أجل المازوت، وإنما هو أمر يتعلق بـ(حرب) البحار والمحيطات (بين إيران وإسرائيل)"، مشدداً على أنّ "الحزب" سيعمد "عاجلاً أم آجلاً إلى استثمار الإنجازات (الإقليمية) لأنّ لبنان ليس لديه حل وعليه أن يتموضع عندما يتغيّر وجه المنطقة"... برز على الضفة السيادية المقابلة كلام عالي السقف في مواجهة مسلسل استباحة الشرعية والحدود والقضاء في البلد، فقال البطريرك بشارة الراعي في عظة الأحد: "لا نستطيع أن ندعي الحفاظ على السيادة وندع المعابر الحدودية مشرّعة، والمواقف الغريبة المسيئة إلى السيادة من دون رد، كما لا نستطيع تأييد الشرعية والقبول بتعددية السلاح وازدراء المؤسسات وبإنشاء جيش تابع لدولة أجنبية على حد اعتراف أحد كبار المسؤولين في تلك الدولة"، في إشارة واضحة إلى تصريحات المسؤولين الإيرانيين الذي فاخروا في أكثر من مناسبة بكون "حزب الله" هو ذراع عسكري لطهران في لبنان.
أما الحكومة الجديدة، فدعاها الراعي إلى أن "تصد القوى التي تسعى إلى الهيمنة على مسارها وقراراتها"، مديناً في الوقت عينه صمت هذه الحكومة إزاء ما تعرض له المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار من تهديدات علنية، على اعتبار أن عدم جواز تدخل الحكومة في شؤون القضاء لا يتعارض مع "واجبها في التدخل لوقف كل تدخل في شؤون القضاء".
وحذر البطريرك الماروني في هذا المجال من أنّ "التدخلات التي يتعرض لها المحقق العدلي من شأنها أن تؤثر على مواقف الدول الصديقة تجاه لبنان بالإضافة إلى أنها تضعف هيبة القضاء عندنا"، مناشداً في المقابل "المرجعيات القضائية" بأن تبادر إلى "التحرك بجرأة، وتدافع عن ذاتها والقضاة وتحصّن الجسم القضائي ضد أي تدخل".