الإعلامي كريستيان أوسّي
من يتابع الحركة الفرنسية راهناً، يدرك سريعاً أن باريس وسعت مساحة تحركها حيال الشأن اللبناني، وبشكل جلّي وواضح.
فالعاصمة الفرنسية التي عملت سابقاً على خط طهران، من خلال التواصل الذي تمّ بين الرئيسين ماكرون ورئيسي، وعلى خط قمة بغداد التي ظلّ طيف لبنان حاضراً فيها ولو كان غائباً تمثيلياً عنها، أسهمت من خلال العمل المتناسق مع العاصمة الاميركية في تسهيل ولادة الحكومة اللبنانية، بعد إسقاط التحفظات غرباً وشرقاً، فسهّلت طهران، تماماً كما سهّلت واشنطن....
أما الحركة الفرنسية الراهنة فوسّعت قطر نشاطها في إتجاه المملكة العربية السعودية، محاولة منها في إسقاط القرار الحازم للرياض بالابتعاد عن المشاكل اللبنانية وعدم مدّ يدّ العون والمساعدة الى هذا الوطن، طالما هناك احزاب فاعلة فيه صارت هي المسيطرة على الدولة، ولا تتوانى عن انتقاد المملكة علناً او مهاجمتها او التنسيق مع مهاجميها...
مصادر في الخارجية الفرنسية وصفّت هذا الجديد الذي تقوم به باريس بأنه بمثابة المسعى الجدّي لإظهار القدرة على الإمساك بالملف اللبناني من كل جوانبه ،لإزالة المعوقات وتأمين الدعم اللازم لإخراج هذا البلد من أزمته العميقة ووضعه على سكة الخلاص.
ويقول متصلّون ببعض مصادر الادارة الفرنسية ان ما تقوم به جدّي للغاية، خصوصاّ وأن الفرصة متاحة أمامها راهناً، ويجب العمل الجدي على اقتناصها وإثبات حضور فرنسا كدولة عظمى في هذه المنطقة الحيوية والاستراتيجية من العالم، من حدود إيران الشرقية وصولاً الى حدود شمال اسرائيل، ولبنان جزء أساس في هذه الرقعة.
يفسّر هؤلاء هذا الإقدام الفرنسي بأنه الترجمة العملية لمرحلة ما بعد الاطاحة بصفقة الغواصات الفرنسية الى أستراليا، فواشنطن التي تعمل على حياكة تحالف عسكري فاعل في منطقة السوار الصيني، تهدف الى إثبات قدرتها على مواجهة التحدي الذي تظهره بيجينغ، تعمل في الوقت نفسه على عدم زعزعة تحالفاتها الأوروبية، ومن هنا أتت المقايضة في شكل تسهيل الحركية الفرنسية على الملف اللبناني – الشرق اوسطي، في مقابل الخسارة الجسيمة المادية والسياسية والاستراتيجية التي تسببت بها عملية اسقاط الصفقة الفرنسية -الأسترالية.
في المعلومات ايضاً ان الرئيس الفرنسي يسعى الى تحقيق خرق كبير خارجياً يفيده في معركته الداخلية انتخابياً، وما التحرك باتجاه الرياض الا حلقة في هذه السلسلة، وان تكن هناك افكار اخرى مطروحة، كمثل إعادة نفح الحياة في روح "مؤتمر سيدر"، بشكل او بآخر، بهدف ترجمته او ترجمة جزء من مقرراته، متى تلمّست باريس جدية الاصلاحات التي وعدت السلطات اللبنانية بإحقاقها، ناهيك عن العودة المحتملة قريباً لشركة "توتال" الى المياه الاقليمية اللبنانية.
هوذا ما تكشف عنه بعض الاوساط الباريسية، وهذا دليل على اننا أمام فرصة جديدة، فالحكومة الراهنة قادرة، إذا ظلّ المعنيون على وفائهم لعهودهم بدعمها، على وقف مسلسل الانهيار المتسارع، ليتسنّى لاحقاً البناء على توفير مخارج الانقاذ.
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا