انتقل اللبناني من مرحلة "معك بنزين؟" الى مرحلة "معك تعبي بنزين؟"، فبعدما رفع الدعم كلياً عن مادة المازوت، بات سعر صفيحة البنزين يتقلب اسبوعياً حسب سعر صرف الدولار وبات الدعم شبه مرفوع عنه، فالسؤال كيف اصبحت حياة اللبناني بعد هذا الارتفاع الجنوني بسعر صفيحة البنزين؟ وما هي حصة البنزين من راتبه؟
اسئلة طرحناها على الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، الذي اكد اننا لم نلمس بشكل كامل حتى الآن تداعيات رفع الدعم عن مادة المازوت، فقد لمسناها بطريقة مباشرة في الفواتير المدفوعة من اشتراك في المولدات وغيرها.
واشار عجاقة في حديث لـ vdlnews الى ان طن المازوت، الذي حددت سعره وزارة الطاقة والمياه على اساس 540$ وهو امر غير قانوني، لا يباع بسعره وانما يتجاوز سعره الـ 600$ فعليا. واوضح عجاقة ان المازوت يستخدم بشكل كبير للتدفئة في فصل الشتاء وخاصة في المناطق الجبلية التي تسجل درجات حرارة متدنية نوعاً ما، لذا فإن الطلب سيزداد عليه مما سيؤدي الى ارتفاع سعره، وهذا يعتبر من تداعيات رفع الدعم عن المادة.
وفسّر عجاقة ان هذه الازمة التي سنشهدها في فصل الشتاء ستدفع بالمواطن الى اللجوء لقطع الأشجار بطريقة عشوائية "وقد يلجأ البعض الى بيع الحطب في السوق السوداء كما لجأ البعض الى بيع البنزين خلال ازمة الطوابير على المحطات".
امّا عن المازوت الايراني، فأكد عجاقة ان المازوت يريح نوعاً ما السوق اللبنانية وبخاصة المؤسسات التي تستفيد منه لكنه لا يكفي حاجة السوق اللبناني، فلبنان بحاجة سنوياً الى 360 باخرة نفط فهل سترسل ايران 360 باخرة؟
في سياق منفصل، لفت عجاقة الى ان ازمة البنزين ارخت بثقلها على اللبنانيين، فقد انخفضت القدرة الشرائية للمواطن اللبناني وبخاصة موظف القطاع العام لأن راتبه ثابت لا يتغير، لذا سيلجأ المواطن الى التخفيف من الصرف على الكماليات والاكتفاء فقط بالاساسيات. واعرب عجاقة عن قلقه في حال رفع الدعم كلياً عن المحروقات لأن راتب المواطن لن يعود يكفي حتى للاساسيات "وهناك الكارثة".
وشدد عجاقة على ان المحروقات هي من العناصر الاساسية في العجلة الإقتصادية وتغيير سعرها سيؤثر على كلّ العناصر المتبقية، ففي حال ارتفعت تكلفة النقل سيلجأ التاجر والمصنع الى رفع سعر السلعة والمواطن هو من يتحمل الاعباء.
واضاف: "اعتقد انه في حال اجبر المواطنون على دفع فواتيرهم بالدولار فنحن امام مشكلة كبيرة".
واشار عجاقة الى ان لبنان اقتصادياً موجود "بالقعر ومن الممكن ان تسوء الامور اكثر من ذلك في حال لم تضع الحكومة خطة انقاذية واضحة وبدأت بتنفيذ الاصلاحات"، لافتاً الى ان الحل الوحيد في الوقت الحاضر هو البدء بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي سيدخل الى لبنان كمية دولارات كبيرة في حال قامت الحكومة بالاصلاحات المطلوبة.
واوضح ايضاً انه هناك نوعان من الحلول، المباشرة والسريعة كوقف التهريب والسوق السوداء والاحتكار وغير المباشرة وهي الاصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي والتي تأخذ وقتاً اكثر من غيرها.
ورفض عجاقة مقارنة لبنان بفنزويلا، لأن فنزويلا في حالة عزلة اما لبنان فهو منفتح على كل الجهات وهو لا يعاني من عزلة لذا "ارى الوضع في لبنان اسهل بكثير من الوضع في فنزويلا ويمكننا ان نخرج من الازمة في وقت سريع في حال قمنا بالاصلاحات المطلوبة".
اذاً ازمة المحروقات لم تنته، فنحن ما زلنا في البداية وسيأتي الشتاء حاملاً معه الويلات والمزيد من المصائب للبنانيين، فهل ستسطيع هذه الحكومة انجاز الاصلاحات المطلوبة قبل حلول موعد الانتخابات النيابية؟