جهاد نافع - الديار
في توقيت اثار علامات استفهام عديدة، انطلقت تظاهرة لم تتجاوز العشرات من ساحة عبد الحميد كرامي ( النور)، وجهتها دارة الرئيس نجيب ميقاتي في الميناء، وكانت وجّهت دعوات مكثفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للمشاركة في التظاهر امام دائرة ميقاتي، وامام منزل وزير الداخلية القاضي بسام مولوي ...
التلبية الشعبية لم تكن على قدر الطموح، ولم تكن بحجم المعاناة الطرابلسية والجحيم الذي يعيشه الطرابلسيون جراء ازمات البنزين والمازوت والكهرباء والدواء والغاز، لعل الذين دعوا الى التظاهر ظنوا ان اللعب بالساحة الطرابلسية من بوابة الازمات الخانقة قد تحقق ثمارا سياسية تسعى اليها جهات غير خفية على احد ساءها تشكيل حكومة برئاسة ميقاتي، فيما كانت توقعات قوى سياسية محلية ان يفشل وان يكون مصيره كغيره الذين سبقوه الاعتذار.
اللافت، ان بعض المتظاهرين استعملوا شعارات تيارات دأبت على استعمالها في كل مناسبة شماعة لم تعد مقبولة لدى شرائح واسعة من المواطنين ، مثل «حكومة حزب الله»، «ميقاتي رئيس حكومة ولي الفقيه»، كل هذه الشعارات لم تعد تنطلي على احد، خاصة في هذه الحكومة التي تبدو البصمات الفرنسية واضحة لمن يعرف يدقق فيها .
الذين تجمهروا مساء امس، هتفوا وصرخوا وكالوا الاتهامات، ورفعوا مطالب طرابلسية هي لسان حال كل طرابلسي، لكن ما يشير اليه فاعليات طرابلسية ان الوجع الطرابلسي مزمن، وقد مضى على ازمات االدواء والبنزين والمازوت والكهرباء القاسية جدا اكثر من ثلاثة أشهر، ولم يتلمس المواطن الطرابلسي بادرة حل واحدة.
اعتقد اهل طرابلس ان تشكيل حكومة ابن طرابلس الرئيس ميقاتي، ستكون بادرة خير لحل ازمات طرابلس والشمال، غير ان هذه الازمات بدأت ملامح الانفراج في كل المناطق اللبنانية ما عدا مدينة رئيس الحكومة ومحافظة الشمال وتحديدا طرابلس وعكار والمنية والضنية.
فمحطات الوقود استمرت مقفلة، وتزداد السوق السوداء انتعاشا، وطوابير الذل تواصلت امام قلة من المحطات خارج طرابلس التي وحدها فتحت ابوابها لتستقبل باعة «الغالونات» وتجار السوق السوداء. ويصرّ اصحاب المحطات على الاقفال ، وينشط باعة «الغالونات» في التحكم بسعر «الغالون» الواحد الذي وصل سعره الى ٣٠٠ ألف ليرة، ( ثلاثمئة ألف ليرة) سعة ٩ ليتر ...
ويرد بعض اصحاب المحطات استمرار الازمة الى سوء توزيع الوقود من بنزين ومازوت، لكن رأي المطلعين جيدا على الازمة في الشمال يؤكد ان الازمة متواصلة نتيجة سقوط هيبة الدولة ومؤسساتها، وبسبب جشع التجار اصحاب المحطات وباعة السوق السوداء الذين يجنون يوميا ما يقل عن مليون ليرة للبائع الواحد.
وتشير المصادر المسؤولة الى ان حل الازمة يبدأ باجبار اصحاب المحطات على فتح ابوابهم على مدار الساعة وحتى نفاذ الكميات التي يخزنونها احتكارا وبانتظار رفع الدعم .
هذه الازمة وغيرها من الازمات الاساسية كالكهرباء والمولدات واستمرار فقدان الادوية وازمة غلاء الاستشفاء، كانت المواضيع الاساسية التي أثيرت امام دارة ميقاتي ودارة وزير الداخلية المولوي ، وهي قضايا محقة حيوية، وتعني كل مواطن يشعر بالغبن في طرابلس وعكار والمنية والضنية، لا سيما ان ابناء المناطق المذكورة باتوا على قناعة ان تهميشهم متعمد، وليسوا في اولويات السلطة والطبقة السياسية، وقد بلغت الازمات حدتها غير المسبوقة الى درجة الاختناق الحقيقي مع علامات استفهام كبيرة حول الخفايا الكامنة خلف استمرار هذه الازمات، بينما المناطق الاخرى تشهد انفراجات ملحوظة...
يعتقد المتظاهرون انهم بتحركهم قد اوصلوا رسالة المواطنين الموجوعين، وهو كلام حق، لكن برأي المتابعين ان في الافق ما يشير الى رسائل خفية تتجاوز المعلن.