صحيح ان الدكتور ناجي حايك لا يتمتّع بأي صفة رسمية في "التيار الوطني الحر" بالرغم من حمله بطاقة انتساب، لكن مواقفــه مثيرة للجدل دوماً ـ كي لا نقــول للمشاكل ـ سواء داخل "التيار" ام خارجه. فكالعادة، ما ان دوّن تغريدة حول المــازوت الايرانـــي حتى فُتحت عليه ابواب جهنم، وبدأ يتلقى قصف "الاحباء" قبل قصف بيئة "حزب الله" وتعرّض لهجوم غير مسبوق. لماذا؟ في حديثه مع "نداء الوطن" يرى حايك في اجتياز قوافل المحروقات الايرانية المعابر السورية "امراً طبيعياً، مقبولاً ويستحقّ الشكر، لكن المرور عبر المعابر السورية ـ اللبنانية من دون حسيب او رقيب امر فيه نظر"، مما يدفعه لطرح سلسلة اسئلة يراها "مشروعة"، ولعل ابرزها: "هل ان شاحنات المازوت قد انجزت معاملات الجمارك؟ وهل انه تم التحقق من نوعية المازوت الايراني؟". ينطلق حايك في طرح اسئلته من نظرة عسكرية، وهو المقاتل السابق في صفوف حزب الوطنيين الاحرار والجيش اللبناني، ويبدي قناعته الاكيدة بأنّ رأيه "يعبّر عن رأي شريحة كبيرة من الشارع اللبناني والشارع المسيحي وكذلك شارع "التيار الوطني الحر".
يشكر حايك بداية "كل دولة تريد مدّ يد العون الى لبنان ومساعدة شعبه جرّاء الازمة الخانقة التي يتخبّط فيها المواطنون"، ولا يعارض "لا نفط ايران ولا نفط اي بلد، سواء كان بلداً عربياً او اجنبياً الا النفط الاسرائيلي طبعاً".
ويقول: "مشكورة دولة ايران ومشكور "حزب الله" على مبادرته، فنحن في ازمة وكتّر خيرن عم بيجيبو مازوت اليوم وبكرا بنزين، لكن ماذا إذا أرسلت دولة اقليمية ما قبيل استحقاق الانتخابات النيابية باخرة مازوت او بنزين الى فريق سياسي لبناني معين ليوزّعها على محازبيه؟ ماذا سيكون موقف "حزب الله"؟
وماذا اذا استوردت الـ"ان جي أوز" في الحراك بدورها المحروقات؟ فهل سيوافق الحزب ان تباع في السوق اللبنانية من دون ان تكون وزارة المال ممرّاً الزامياً؟ بالطبع لا، لأنه يعتبر نفسه بمرتبة ارقى من الباقين. هذه هي العنجهية بحدّ ذاتها".
حايك الذي يتفهمّ "اسباب صمت الدولة اللبنانية ازاء ما يجري"، لا يفهم "كيف ان الهبات التي تُعطى لها لا تمرّ بالآليات اللازمة، هذا اذا افترضنا ان النفط الايراني هبة من ايران الى لبنان، وفي حال العكس، فلا يمكن ان تفتح حدود بلدك مع سوريا امام مرور الشاحنات عبرها من دون ان تكشف عليها الدولة وتراقب حمولتها".
ويضيف حايك: "اما وان "حزب الله" قد اشترى المازوت الايراني وادخله الى لبنان بهدف بيعه، فإن إدخال البضائع وبيعها الى لبنان لها اصولها وآلياتها القانونية والطبيعية، فهل يدفع "حزب الله" الـ 11 في المئة ضريبة على القيمة المضافة المفروضة على المحروقات؟ ومن يسائله في الامر؟ ومن يقول انه يحق له عدم تسديد الضريبة المفروضة"؟ وهنا يحرص حايك على "لفت من يعنيهم الامر الى ان الوضع لم يعد يحتمل ان يتصرّف اي طرف على هذا النحو، فالناس "طالع دينها"، وتنادي بالركون الى الدولة وبأن تستعيد زمام المبادرة وتتأمل خيراً مع ولادة الحكومة الجديدة، فيأتي "حزب الله" وسط ذلك ليوزع المازوت كما يشاء، لم يعد في وسعه ان يعتبر نفسه فوق القانون لتسطير "بطولات".
فمن كلّفه؟ فاذا شاء تقديم الهدايا او المنح، فالهدية والمنحة تكون للدولة اللبنانية، واذا اراد ان يبيع المازوت بسعر ارخص يجب ان يدخله الى لبنان بطريقة رسمية لبيعه بسعر ارخص، لكنه لا يمكنه ادخال نفط الى لبنان من مازوت وبنزين من دون دفع الـ TVA الا اذا كان هذا النفط هبة للدولة اللبنانية". ويقول حايك: "اعلن "حزب الله" انه اشترى المازوت وسيتحمّل عبء نسبة كبيرة من قيمة الكلفة، لا بل سيبيعه بسعر اقل من سعر الكلفة، مشكور على كرم اخلاقه و"كتّر خيرو" لكنه بذلك يخلق سابقة لان هذا الامر لا يعفيه من ان يمر عبر الآليات والقنوات الطبيعية، ولا يمكنه التصرّف على هواه بمجرد انه يريد تقديم فعل خير".
ويشدّد حايك على ان "لا حصار نفطياً دولياً على لبنان، بل ان مشكلته تكمن في عدم توافر الاموال لديه لتسديد سعرها لأنه بلد مكسور بفعل نهبه طوال سنوات، كذلك لا حصار عربياً او خليجياً عليه لكن الدول العربية والخليجية اعلنتها صراحة انها لن تدفع قرشاً واحداً للبنان طالما انك تذمّ بها وتشتمها".
واذ يبدي حايك اخيراً تحفّظه على العروض العديدة لتسليح الجيش، يعرب عن اعتقاده بـ"أن ما من دولة تستطيع تسليح الجيش اللبناني الا الولايات المتحدة الاميركية" لاسباب مادية ولوجستية".