محمد دهشة
انتكس الوضع الامني في مخيم عين الحلوة لبضع ساعات عقب الاشتباك المسلح بين حركة فتح" وجند الشام"، على خلفية اعتقال مجموعة من قوات "الامن الوطني الفلسطيني" مصطفى الفران، وهو احد المطلوبين، في حي الطوارئ بين منطقتي التعمير اللبناني ومخيم عين الحلوة، ما ادى الى جرح 4 اشخاص واحتراق 5 منازل، وتضرّر عدد من الشقق السكنية والسيارات والممتلكات، قبل ان تنجح الاتصالات الكثيفة للقوى السياسية الفلسطينية واللبنانية في التوصل لوقف اطلاق النار.
وكشفت مصادر فلسطينية لـ"نداء الوطن" ان "الامن الوطني" اعتقل المطلوب الفران في حي الطوارئ الملاصق لمنطقة البركسات، حيث مقرّات حركة "فتح" ومركز ثقلها العسكري، قبل ان يتم نقله الى البركسات وتسليمه الى مخابرات الجيش اللبناني عند النقطة العسكرية المؤدية الى الفيلات، حيث بوشر التحقيق معه على خلفية أمنية وجنائية.
وبدا مشهد الاشتباك محكوماً بوقف اطلاق النار من دون تطوره منذ اللحظات الاولى، سياسياً لتوقيته لبنانياً عشية انعقاد مجلس النواب لمنح حكومة "العزم والامل" برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي الثقة، وتالياً الحرص اللبناني السياسي والامني على عدم توتير الاوضاع في اي منطقة لبنانية ومخيماتها. ولتوقيته فلسطينياً، بعد مرحلة من الهدوء يعيشها مخيم عين الحلوة ونجاح القوى في تفكيك كثير من التوترات وصولاً الى اجراء مصالحات لقطع الطريق على اي فتنة، خاصة في ظل المعاناة المتفاقمة نتيجة الازمات المعيشية والاقتصادية وانعكاساتها المضاعفة على ابنائه ومع تفشي وباء "كورونا" المتحور بنسخته الهندية "دلتا".
وفي الوقائع الميدانية، بدا الاشتباك محكوماً بوقف اطلاق النار، اذ بقي محصوراً في محور واحد (الطوارئ –البركسات)، من دون ان يمتد الى محاور أخرى في ارجاء المخيم كما تجري العادة سريعاً، حتى في الشارع التحتاني الملاصق لمنطقة الطوارئ نفسها، حيث يوجد مقر "القوة المشتركة" الفلسطينية وبعض المراكز العسكرية لقوات الامن الوطني، بقاء كل طرف في موقعه من دون اي تقدّم او اقتحام للطرف الآخر بالرغم من كثرة الشائعات عن اقتحام من هنا او هجوم من هناك، وتالياً اطلاق النار عن بعد، ناهيك عن رغبة القوى الفلسطينية الجدّية بعدم تمدّده او المشاركة فيه، بل الدخول على خط الاتصالات واللقاءات لتطويقه، حيث عقدت القوى الاسلامية اجتماعاً مع مسؤولي "الجند" قبل ان ينفجر الاشتباك فجأة.
وبالرغم من ذلك، فإن الاشتباك جاء عنيفاً واستخدمت فيه الاسلحة الرشاشة والمتوسطة وقذائف "آر. بي جي" بكثافة، ما أدّى الى جرح 4 اشخاص نقلوا الى مستشفيات "النداء الانساني" داخل المخيم، و"الهمشري" في المية ومية و"الراعي" في صيدا، وتضرّر عدد كبير من المنازل واحتراق بعضها من جهة، والى نزوح عدد كبير من العائلات الى مدينة صيدا أو الى مناطق أكثر أمناً، وخاصة الى قاعة "الموصلي" في التعمير المجاور بانتظار وقف اطلاق النار الذي دام نحو اربع ساعات كان يشتدّ حيناً ويخبو احياناً، وطال رصاصه الطائش شوارع واحياء في المناطق في المدينة من دون سقوط اي جريح نتيجته، بينما كان اللافت قيام فاعليات وناشطين برفقة الفرق الطبية والدفاع المدني الفلسطيني وسيارات اسعاف "الهلال الاحمر" وجمعية "الشفاء" و"الهلال الاخضر" بجولة في منطقة الاشتباك تأكيداً على وقف اطلاق النار لتقديم المساعدة لاي محتاج.
واكدت مصادر فلسطينية لـ"نداء الوطن" ان فاعليات لبنانية نيابية وسياسية وروحية وامنية شاركت في جهود التهدئة، ابرزها من النائبين بهية الحريري واسامة سعد ورئيس "الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة" الشيخ ماهر حمود، الذين أجروا مروحة اتصالات مع مختلف القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية، ومع سفير دولة فلسطين في لبنان اشرف دبور، لوقف اطلاق النار.
وحثّت الحريري جميع الاطراف "على بذل ما أمكن من جهود من اجل وقف نهائي لإطلاق النار حفاظاً على سلامة أهلنا في المخيم والجوار، وصوناً لقضية الشعب الفلسطيني ولحقوق لاجئيه في العيش الكريم حتى العودة إلى أرضهم، لا سيما في هذه الظروف الدقيقة التي يمرّ بها لبنان". ولمست لدى جميع الأطراف "حرصاً على اعادة الهدوء الى المخيم ومعالجة اي اشكالات عبر الأطر المشتركة".
واوضح قائد القوة المشتركة الفلسطينية في المخيم العقيد عبد الهادي الاسدي لـ"نداء الوطن" ان "الوضع الامني في المخيم عاد الى طبيعته وحركة الناس عادية"، مشدداً على "ان كل القوى الفلسطينية حريصة على امن المخيم واستقراره وعدم تفجيره، وان اي خلاف قابل للحل بالحوار والتفاهم"، بينما طالب الاهالي المتضررون بالتعويض عن خسائرهم، قائلين "بيكفّي الرعب والخوف الذي عشناه جرّاء الاشتباك، ولا يمكن لنا ان نتحمّل الخسائر المادية".