رنى سعرتي
أعلنت وزارة المالية انّ ملياراً و135 مليون دولار ستودِع اليوم في حساب خاص بها SUB account في مصرف لبنان، تحت إسم الخزينة اللبنانية ضمن حقوق السحب الخاصة. والسؤال اليوم يتمَحور حول الخطة لإنفاق تلك الاموال بالشكل الصحيح وبطريقة لا تؤدي الى هدرها.
بعدما كانت الحكومة السابقة تتوقّع حصولها على 860 مليون دولار من حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي، وكانت قد قسّمت طريقة إنفاقها قبل وصولها على طريقتها المعتادة لهدر الدولارات من خلال تمويل البطاقة التمويلية ومواصلة دعم الاستيراد، أعلنت وزارة المالية انّ ملياراً و135 مليون دولار ستودع اليوم في حساب خاص بها SUB account في مصرف لبنان تحت إسم الخزينة اللبنانية ضمن حقوق السحب الخاصة، وهي بدل حقوق السحب الخاصة للبنان عن العامين 2009 و2021. وحرص وزير المالية السابق غازي وزني على التوضيح انّ العميل المالي المسؤول عن حقوق السحب الخاصة هو وزير المال وليس مصرف لبنان، وانّ مَن يُحرّك حساب المليار ومئة وخمسة وثلاثين مليون دولار هو وزير المال وليس مصرف لبنان، وإنما بالتعاون مع المصرف. لكنّ السؤال يبقى اليوم حول الخطة التي سيضعها وزير المال يوسف خليل لإنفاق تلك الاموال؟
منذ إعلان صندوق النقد الدولي توزيع حقوق السحب الخاصة للدول ومنذ ان تبلّغ لبنان عن حصته منها، بدأت الجهات المعنيّة، كلّ وفقاً لمصالحها، في توزيع تلك الاموال، إنْ للبطاقة التمويلية بقيمة 300 مليون دولار، أو لدعم استيراد المحروقات اي مواصلة دعم المحتكرين والمهرّبين، في حين يعوّل مصرف لبنان على دعم احتياطه من العملات الاجنبية من خلالها استبدالها بالسيولة النقدية بالليرة لتمويل أي إنفاق قد تقرره الحكومة.
وفي هذا الاطار، علت الاصوات المحذّرة من كيفية استخدام تلك الاموال، وقد حمّل حزب القوات اللبنانية الحكومة الجديدة ووزير المالية «مسؤولية كل قرش يخرج من الحساب، وكل قرش سيُدفع من هذا المبلغ إذا لم يكن ضمن خطة عامة ودراسة واضحة ولن يؤدي إلى الاستنهاض والحلول الحقيقية التي سيستفيد منها كل اللبنانيين، كي لا نزيد هدراً على الهدر». واكدت «القوات» انها ستكون بالمرصاد لهذا الموضوع.
كذلك أكد النائب حسن فضل الله، في تصريح، انّ الانفاق من هذا المبلغ «يجب أن يكون خاضعاً لما تقرِّره الحكومة وفق الضوابط المحددة في القوانين المرعية، وخلاف ذلك يحتاج إلى تغطية قانونية من المجلس النيابي وهو ما سبق وطالبنا به في المجلس عند إبلاغنا بقرار الصندوق».
حداد
في هذا الاطار، اعتبر وزير الاقتصاد السابق سامي حداد انّ اموال حقوق السحب الخاصة يجب ان تستخدم لتمويل البطاقة التمويلية، موضحاً ان دعم المواطنين بشكل مباشر من خلال البطاقة سيترجم بزيادة في حجم الاستهلاك، اي سيحرّك العجلة الاقتصادية والنمو الاقتصادي. وقال لـ«الجمهورية» ان كلفة البطاقة التمويلية المحددة بالقانون، أي 550 مليون دولار، زهيدة جدّاً، ويجب ان ترتفع الى مليار وحتّى ملياري دولار، «لأن المبلغ الشهري المخصص للعائلة الواحدة والبالغ بالحد الاقصى 140 دولارا، لا يكفي ولا يُحدث فرقاً على صعيد الإنفاق الأسَري في ظل ارتفاع الاسعار والغلاء المعيشي».
واوضح حداد ان الحديث عن ان البطاقة التمويلية ستُسخدم انتخابياً هو كلام فارغ، لأن البطاقة ستصل الى مختلف مناصري الاحزاب وسيستفيد منها الجميع ولم تغيّر في انتماءاتهم السياسية، «كما ان مظاهر الفساد والتلاعب والتزوير قائمة في كافة برامج المساعدات، ليس في لبنان فقط، بل في أغنى دول العالم. وبالتالي لا يمكن منع الفساد أو تفاديه، داعياً الى عدم التأجيل الاضافي في اطلاق البطاقة التمويلية لأنها المنفذ الوحيد اليوم». واشار الى ان الولايات المتحدة تنفق تريليونات الدولارات اليوم لدعم المواطنين بشكل مباشر رغم انهم ليسوا بحاجة الى تلك المبالغ، «إلا ان تأثيرها في الحركة الاقتصادية والنمو هو الدافع الرئيس لذلك».
وحذّر حداد من امكانية تسديد قيمة البطاقة التمويلية بالليرة وليس بالدولار، لأنها ستفقد جدواها، معتبرا انه من الافضل عدم اعطاء البطاقة عن اعطائها بالليرة!
وردّاً على سؤال، أكد حداد انّ استثمار اموال حقوق السحب الخاصة في مشاريع أخرى غير قابل للتطبيق اليوم، لأنّ الاستثمار يكون من قبل الدولة، «وهو الامر الذي اختبرناه على مدى السنوات الماضية، وأيقنّا ان لا فائدة منه في ظلّ الطبقة الفاسدة الحاكمة. أما الاستثمار من قبل القطاع الخاص فهو يحتاج الى وجود الثقة والاستقرار، وهذا الامر غير متوفر حالياً».