إيفا أبي حيدر
بإعلان المديرية العامة للنفط انّه يمكن «لكلّ من يرغب الإفادة من شراء مادّة الديزل أويل غير المدعوم»، يكون الدعم رُفع نهائياً عن المازوت، وقد أصبحت التسعيرة الرسمية وفق ما حدّدته المديرية 540 دولاراً أميركياً للطنّ، أي ما يعادل 10.4 دولارات للصفيحة الواحدة (20 ليتراً)، تُضاف اليها عمولة النقل 112 ألف ليرة لكلّ كيلومتر. وعليه تكون حقبة الدعم طويت نهائياً، بانتظار ان يُعلن عن رفع الدعم عن البنزين في الفترة المقبلة.
لعلّ اول القطاعات التي ستتأثر بالتسعيرة الجديدة هي تسعيرة المولّدات التي تطال المواطنين في حياتهم اليومية، وربما لهذا السبب اتخذ وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال راوول نعمة قراراً استباقياً منذ حوالى الأسبوع، ألزم بموجبه أصحاب المولدات الكهربائية الخاصة بتركيب عدادات الكتروميكانيكية للمشتركين لديهم على نفقتهم الخاصة، وذلك خلال مهلة 6 اشهر من تاريخ نشر هذا القرار، وفي حال تكفّل المشترك بشراء العدّاد على نفقته يتوجب على صاحب المولّد حسم ثمنه على دفعات متساوية من فاتورة الاشتراك الشهري، وذلك خلال مدة لا تتجاوز 6 اشهر.
هكذا تكون وزارة الاقتصاد قد أعدّت من جهتها الأرضية استباقاً لقرار رفع الدعم وحماية للمواطنين. وفي السياق، أكّدت مصادر في وزارة الاقتصاد لـ»الجمهورية»، انّه أُعطيت مهلة الـ6 اشهر، لأنّه ليس من السهل تركيب عدادات في كل لبنان، ولا علم لدى الوزارة إذا كانت العدّادات متوفرة في السوق بالكميات المطلوبة، لكنها جزمت انّ العدّادات توفّر ما لا يقلّ عن 50 % من الفاتورة على المشتركين، خصوصاً اذا كنا نتحدث عن فاتورة المنازل على عكس المعامل والمصانع والسوبرماركات والميني ماركت، فلهؤلاء المقطوعة اوفر.
وأكّدت المصادر، انّ مديرية حماية المستهلك لا تزال تتلقّى وتتابع شكاوى المواطنين، عن أصحاب مولّدات يرفضون تركيب عدّادات، وهي للغاية باشرت العمل بالتعاون مع البلديات ومنها بلدية بيروت، ووضعت خطاً ساخناً في تصرف سكان بيروت، كذلك تعاونت مع بلدية الضاحية لحسن تطبيق القرار، وبلديات جبيل وبعض قرى كسروان والجنوب. وهناك بلديات عدة بدأت تنشط في تطبيق هذا القرار، والتأكّد من التزام أصحاب المولّدات بالتسعيرة الصادرة عن وزارة الطاقة.
من جهة أخرى، وبعد صدور التسعيرة الرسمية غير المدعومة لأسعار الديزل اويل، أبلغ بعض أصحاب المولّدات المشتركين، انّ المازوت بات متوفراً، وانّ ساعات التغذية سترتفع بشكل ملحوظ، الّا انّه وتداركاً منهم للكلفة الباهظة التي ستترتب على المشتركين سيستمرون باعتماد برنامج تقنين.
وفي ظلّ هذه الأجواء، ومع ارتفاع فاتورة المولّد التي أدّت وستؤدي الى استغناء العديد من اللبنانيين عن هذه الخدمة، ما سيكون مصير قطاع المولّدات، وهل تقضي هذه الأزمة عليه؟ وهل سيحددون برنامج تغذية بهدف الحفاظ على زبائنهم؟
يؤكّد رئيس تجمّع أصحاب المولّدات عبدو سعادة، انّ تأمين تغذية كاملة غير ممكن خصوصاً بعد تحرير أسعار المحروقات وعلى سعر الدولار، بما يطرح أسئلة عدة. لكن بداية لا بدّ من التأكيد انّ السير بهذه الخطوة كان يجب ان تسبقها حلول، لأنّ رفع الدعم من دون حلول يخلق ارباكاً في السوق، ولا شك انّ هذه الخطوة ضربت 80% من الشعب اللبناني الذي بات فقيراً، وفي هذه الخطوة تمييز بين الفقير والغني، فالاول سيعود الى العتمة او الشمعة اذا تمكن من شرائها، والثاني سيتنعم بالكهرباء.
وكشف سعادة، انّ «خلال اليومين المقبلين سيتواصل أصحاب المولّدات مع المشتركين لمناقشة الإمكانية، وإذا كان القطاع قادراً على الاستمرار، خصوصاً وانّ 80% من أصحاب المولّدات لن يكون في إمكانهم تأمين ثمن المازوت لتعبئة المولّدات. ويمكن القول انّ القطاع انكسر. في السابق كان صاحب المولّد يؤمّن المازوت بـ100 مليون ليرة على السعر المدعوم، اما اليوم وبعد رفع الدعم، بات المطلوب تأمين 500 مليون ليرة. فمن أين سيأتي أصحاب المولّدات بهذه المبالغ؟».
وأوضح، انّه بعد رفع الدعم اعتبرنا انّ السعر الوسطي لسعر صفيحة المازوت 250 الفاً، لذا قُدّرت كلفة الكيلوواط ما بين 7000 و 8000 ليرة، اما اذا كان سعر الطن 11 مليوناً فهذا يعني انّ سعر الصفيحة حوالى 220 الفاً، ما يعني انّ كلفة الكيلوواط 5000 ليرة في الساحل و5500 ليرة في الجبل، وفي كلا الحالتين السعر مرتفع. وقال: «لا يمكن تحديد كمية الكيلوواط التي يحتاجها المواطن لأنّها تختلف من منزل الى آخر، وفق مصروفه وكمية استعماله للكهرباء. لكن اذا اعتبرنا انّ هناك معدل استعمال وسطي شهرياً لكل عائلة لحوالى 300 كيلوواط في الشهر، فهذا يعني انّ الفاتورة لن تقلّ عن مليون و500 الف ليرة شهرياً».
وشكا سعادة من انّ الشركات المستوردة للنفط لم تلتزم بالتسعيرة الرسمية الصادرة عن وزارة الطاقة، والتي حدّدت سعر طن المازوت بـ540 دولاراً (تصبح بحدود 550 دولاراً اذا اضفنا كلفة النقل)، الّا انّ الشركات باتت تبيع الطن بما بين 570 الى 590 دولاراً للطن. متسائلاً، من سيتحمّل كلفة فرق 40 دولاراً في الطن الواحد، بما يوازي حوالى 800 الف ليرة بالطن على دولار 20 الفاً؟ وطارحاً في الوقت نفسه، هل يجوز ان يدفع أصحاب المولّدات التسعيرة بالدولار ويجبون من المواطنين بالليرة، ووفق اي تسعيرة دولار، طالما سعر الصرف غير ثابت ومن دون سقف؟ ماذا لو وصل سعر الصرف الى 30 الفاً، كم سيصبح سعر الكيلوواط؟ ما يعني انّ لا كهرباء في القريب. مبدياً تخوفه من عدم القدرة على الاستمرار «لأنّ القطاع سينكسر».
وعن اي برنامج تغذية يمكن ان يقدّمه أصحاب المولدات كي تبقى فاتورة المولد ضمن المقبول يقول سعادة: «إذا أمّن أصحاب المولّدات 6 ساعات تغذية كحدّ ادنى يومياً على مدى 30 يوماً (شهرياً)، اي تأمين ما مجموعه 180 ساعة تغذية في الشهر، وإذا ما اعتبرنا انّ كلفة الكيلوواط 5000 ليرة (وفق سعر طن مازوت 570 دولاراً) ومصروف المشترك الوسطي حوالى 300 كليوواط/شهر، فهذا يعني انّ الفاتورة ستكون حوالى مليون و500 الف ليرة. أما اذا وصل استهلاك المواطن الى 200 كيلوواط /الشهر مع العداد، فالفاتورة ستكون حوالى مليون ليرة».