لوحات وقطع فنية وتراثية تعود للحياة بعد انفجار المرفأ
لوحات وقطع فنية وتراثية تعود للحياة بعد انفجار المرفأ

أخبار البلد - Monday, September 6, 2021 6:01:00 AM

الأنباء الكويتية

جويل رياشي

ينهمك اللبنانيون في «ترميم» نظام حياتهم الذي اهتز نتيجة تداعيات عدة تمر بها البلاد، بدءا من احتجاجات 17 أكتوبر 2019 غير المسبوقة، ثم الانهيار المالي الكارثي للعملة الوطنية، فنتائج انفجار 4 أغسطس 2020 في مرفأ بيروت وما خلفه من دمار أصاب البشر والحجر والمحتويات المنزلية.

في البلد ورشة، كل على قياسه، لتخفيف الأضرار والحد من آثارها. وللورشة جوانب عدة، بينها ما يرتدي طابع الحفاظ على التراث والمقتنيات الأثرية الموروثة في غالبيتها، وتلك التي يهتم باقتنائها هواة جمع التحف من فنية وأثرية.

متاحف عدة وصالات عرض أصابها الدمار والخراب في انفجار المرفأ، البعض باشر الترميم والإصلاح مثل متحف سرسق في الأشرفية، و«غاليريات» عدة تهتم بعرض اللوحات الفنية وغيرها، والبعض الآخر من الأفراد، لجأ بدوره إلى الترميم بحسب قدرته، ذلك أن الأولويات في اليوميات اللبنانية معطاة حاليا لتأمين الأساسيات من مواد حيوية أبرزها المحروقات والطاقة والمياه والخبز والدواء.

لكن الإرادة تبقى أقوى لدى شعب ارتبطت صورته بحكاية طائر الفينيق الذي ينبعث من بين الرماد إلى الأعلى للتحليق مجددا نحو الشمس، لذا عمل البعض وفق الإمكانات المادية المتاحة على رفع الأنقاض وتحديد الأضرار في منازلهم وممتلكاتهم. وباشروا الإصلاح وصولا إلى ترميم مقتنياتهم من لوحات فنية وقطع أثرية وصحون بورسلان مزخرفة وغيرها.

إلا ان هذه الورش توقفت في الفترة الأخيرة، خصوصا لدى أفراد الطبقة الوسطى التي ترنحت بقوة بعد الانهيار المالي ـ الاقتصادي، في حين استمر أفراد الطبقة الغنية في محو آثار الدمار عن مقتنياتهم، والعمل على إصلاحها لبعث الحياة في منازلهم كما اعتادوا عليها.

الترميم له أربابه من محترفات مختصة وأفراد وحرفيين مختصين. والنتيجة المرجوة واحدة: محو آثار الدمار، وإعادة القطع إلى سابق عهدها، بفضل صبر الحرفيين أصحاب الاختصاص.

في هذا الإطار يتحدث عازار زكريا لـ «الأنباء» وهو أحد الشريكين في «مشغل زكريا لترميم التحف الفنية» في بلدة الفنار المتنية (المدخل الشرقي للعاصمة بيروت)، والذي يعنى بترميم التحف في شكل عام على اختلاف أنواعها، ويقول مشيرا في البداية إلى عدم مزاولته مهنة أخرى طوال أربعة عقود من مسيرته في الترميم ضمن مسيرة عائلية «نعمل حاليا على ترميم قطع لهواة الاقتناء وللذين ورثوها في بيوتهم القديمة عن أهاليهم. ويمكن القول إن كثيرين توقفوا حاليا عن الترميم متأثرين بالضائقة الاقتصادية التي تضرب البلاد بشكل غير مسبوق. إلا ان البعض يواصل تأهيل مقتنياته وقطعه ولوحاته النادرة، معتبرا ان في ذلك تلازما لعودة الحياة إلى طبيعتها في منزله (...) زبائننا أفراد حاليا، ولم نتلق طلبات للعمل من قبل متاحف وصالات عرض قطع فنية. أعمل في المشغل مع شقيقي الأكبر الياس الذي سبقني في هذا المجال. وقد تلقينا بعد انفجار المرفأ طلبات عدة لتأهيل قطع أثرية وغيرها من لوحات وبورسلان وأيقونات وكادرات قيمة. وكما ذكرت، ضرب البعض فرامل بسبب الأكلاف العالية، فيما اختار البعض الآخر المتابعة».

وأشار زكريا الى ان مشغله يعمل بطاقة قصوى، وتناول الوقت الذي يحتاجه الترميم لكل قطعة «يتراوح بين أسبوع وشهرين وأحيانا يتخطى ذلك»، أما الأكلاف فتشمل الوقت الذي يستغرقه الترميم والأشياء التي تحتاجها القطع من مواد لاصقة وريش لتنفيذ أشغال بالرسم وغيرها.

النتائج مضمونة في هذا المشغل، بحسب زكريا، الذي يؤكد «لم نعان مشكلة مع أي من زبائننا. لا بل اننا نعيد ترميم قطع قام البعض بإصلاحها لدى غيرنا».

وذكر ان غالبية الأشغال تتم في المشغل «لكننا ننتقل أحيانا للعمل موضعيا على تماثيل يصعب نقلها وأشياء أخرى مثل الجداريات في المنازل».

وللمشغل صفحة على وسائل التواصل الاجتماعي. لكن الصور نادرة على هذا الحساب «لأن أصحاب القطع لا يحبذون عرضها».

من قال ان إصلاح الحجر والمقتنيات يمكن فصله عن تأهيل المجتمع وإعادة بعث الحياة الطبيعية فيه؟

لعله قدر بيروت ومحيطها، حيث عبث الخراب جراء الحرب وقبلها عبر التاريخ بسبب زلازل ضربت العاصمة من دون أن تقضي عليها.

اليوم تبدلت آلة الدمار، واستمرت الإرادة في الترميم وبث الحياة.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني