غادة حلاوي
وفد وزاري لبناني الى سوريا غداً. صارت الزيارة خبراً بعد القطيعة الرسمية بين البلدين التي استمرت ما يقارب 12 عاماً. يحتسب للسفيرة الاميركية في لبنان دورثي شيا انها كانت سبباً في اعادة العلاقات الرسمية بعدما أبلغت بيروت بقرار بلادها مساعدة لبنان للحصول على الطاقة الكهربائية من الأردن، بجانب تسهيل وصول الغاز المصري إلى شمالي لبنان عبر الأردن وسوريا. تلقف لبنان كلام شيا وبادر الى ابلاغ المسؤولين في سوريا رغبته بالبحث في امكانية استجرار الغاز من مصر عن طريق سوريا. لم يتضمن الطلب اي معلومات اضافية، مجرد ابلاغ عن نية الوفد بالزيارة دون تحديد رئيسه ولا جدول الاعمال لأن الوفد، المؤلف من نائبة رئيس حكومة تصريف الأعمال وزيرة الدفاع والخارجية زينة عكر ووزير المالية غازي وزني ووزير الطاقة ريمون غجر والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، لم يكن وحتى يوم امس اجتمع مع رئيس حكومة تصريف الاعمال او تباحث معه بتفاصيل الاجتماع واللقاءات المقررة. كأن لبنان يعيد انفتاحه على سوريا بحذر وخوف مستنداً الى بطاقة خضراء اميركية.
لكن الجانب السوري الذي حضّر جدول البحث مع الوفد اللبناني ابلغ انه سيتم استقبال الوفد اللبناني رسمياً عند جديدة يابوس بعد دخوله إلى سوريا وأن اللقاء الاساس سيكون مع وفد سوري يترأسه وزير الخارجية السورية فيصل المقداد في وزارة الخارجية بمشاركة الوزراء المختصين اي النفط والكهرباء ويحضره فنيون معنيون بملف الغاز بالنظر للبحث بأمور تقنية وفنية، في حين ان الوفد اللبناني الذي سيكون حكماً برئاسة وزيرة الخارجية بالوكالة زينة عكر لم يتضمن فننين في عداده. وسيحضر اللقاء سفيرا لبنان في سوريا وسوريا في لبنان وأمين عام المجلس الأعلى اللبناني السوري نصري خوري.
وسيحصر الجانب اللبناني البحث في مسألة استجرار الغاز من مصر وامكانية تفعيل الاتفاقية الرباعية الموقعة في العام 2009 والاتفاق مع السوريين حول امكانية المساعدة في استجرار الغاز من مصر عن طريق الاردن وسوريا استباقاً للاجتماع الرباعي المقرر عقده في الاردن عما قريب والذي ارجأه الى ما بعد زيارة الوفد الوزاري اللبناني الى سوريا للحاجة الى الاتفاق بين الجانبين السوري واللبناني على آلية التعاون والامور التقنية المتعلقة برسم الجعالة ورسوم المعابر والاسعار وما الى هناك كي يذهب البلدان بموقف موحد الى الاجتماع الرباعي. للوهلة الاولى يريد الجانب السوري الاستماع الى الوفد الوزاري اللبناني وطرح ما لديه من افكار حول امكانية استجرار الغاز المصري عبر سوريا وامكانيته وكلفته في ما يتعلق بالاتفاق الرباعي الموقع سابقاً او اعادة صيغة جديدة للتعاون تتوافق مع المتغيرات الكثيرة المستجدة.
والمعروف ان ثمة مذكرة تفاهم رباعية كانت وقعت العام 2009 تم التحضير لبحث امكانية تجديدها او استبدالها بمذكرة تفاهم جديدة بين الدول الاربع المعنية لكن ليس قبل ان يتفق لبنان وسوريا على آلية التعاون بينهما. وفي حين يتوقع ان يستقبل رئيس الوزراء السوري حسين عرنوس الوفد الوزاري اللبناني فالاجتماع مع الوفد السوري سيتضمن اعداد محضر عن نقاط البحث وما تم الاتفاق عليه موقع من الجانبين وهذه نقطة موضع تشكيك حول ما اذا كان الوفد اللبناني سيوقع على محضر اجتماعاته او انه سيكتفي بالاستماع والعودة بما تم بحثه للبناء عليه.
من الناحية السياسية فالزيارة اهميتها بالنظر الى كسر تابو العلاقة مع سوريا والانفتاح اللبناني الذي عاد بعد ضوء اميركي بدليل غياب ردود الفعل التي اعتادت الشجب والتهديد من مغبة عودة العلاقات، اما الناحية الثانية المؤسفة فهي التخبط اللبناني في التعاطي مع الزيارة والذي ظهر بغياب التنسيق المشترك بين الوزراء وبين رئيس حكومة تصريف الاعمال وعدم علم الوزراء بجدول اللقاءات ونقاط البحث. فالزيارة التي تولى ترتيبها المعنيون بملف العلاقات اللبنانية السورية عمل على اخراجها السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي ومدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم.
والمثير للاستغراب تقيد الوفد ببحث ملف الغاز فيما هناك الكثير من المواضيع العالقة ومن بينها الكهرباء وإعادة فتح الحدود بين البلدين والترانزيت واستيراد الالمينيوم والزجاج، كلها مواضيع يمكن ان يستفيد لبنان من الاتفاق بشأنها مع سوريا لكن وفده الرسمي سيبحث حصراً في الغاز المصري وعلى الهامش قد يطرح موضوع الكهرباء.
والاجتماع سيعقد بعد ان تبلغ لبنان موافقة سوريا على استقبال وفده الرسمي، لكن العبرة في التعاطي اللبناني والتعاون السوري بالنظر الى تراكم السلبيات في العلاقة والاعتقاد اللبناني ان سوريا ومجرد ان يطلب لبنان ستنزل عند رغبته في حين ان الامور من جهة سوريا اختلفت عن ذي قبل. كل تعاون صار يحتاج الى بحث مستفيض واتفاق مسبق والا وجدت سوريا صعوبة في المشاركة في الاجتماع الرباعي الذي سيعقد في الاردن قبل ان تحسم الامور التقنية مع لبنان. لكن تبقى اعادة فتح الطريق لتصبح سالكة على خط بيروت دمشق مبعث ارتياح للبلدين والعبرة في النتائج.