حتى اللحظة، لا يزال احتمال تأليف حكومة جديدة يتساوى مع عدمه. العراقيل، ومنذ استقالة حكومة حسان دياب، على حالها، أبعد من توزيع الحقائب وأسمائها، لتطال توازنات حكومة ما بعد الشغور الرئاسي ودور جبران باسيل في تلك المرحلة المفصلية. ولهذا يسود بعض الاعتقاد أنّ حكومة دياب قد تكون آخر حكومات عهد ميشال عون. وقد تكون شاهداً على فوضى دستورية شديدة التعقيد يُرجى منها أن تؤدي في نهاية المطاف إلى تسوية كبرى تحمل تعديلات جذرية على الدستور.
ولكن سواء سلك هذا السيناريو طريقه إلى التنفيذ أم لا، فإنّ وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي يستعد لامكانية أن يُشرف من موقعه الوزاري على الانتخابات النيايبة المقبلة. هذا إن حصلت، على اعتبار أنّ الانتخابات الفرعية التي وقِعت موافقتها الاستثنائية من جانب رئاسة الحكومة ووضعت في أدراج رئاسة الجمهورية، طوّقت بالعراقيل والمعوقات لكي لا تُفتح صناديق اقتراع ستكون اختباراً صعباً للقوى المسيحية، وتحديداً "التيار الوطني الحر" الذي يعاني من تراجع في حضوره الشعبي (يتردد أنّه بات يمثل 25% من الشارع المسيحي)، فكيف بالحري الانتخابات الشاملة التي يُراد منها أن تغيّر وجه الأكثرية النيابية؟
ولأنّ ثمة مهلاً دستورية لا يمكن تجاوزها ويفرضها قانون الانتخابات، أقلّه بالشكل، بانتظار أن يحسم البرلمان الحالي الجدل، يعمل وزير الداخلية على أساس أنّ الاستحقاق جارٍ في موعده، ويسعى خلال المدة الفاصلة إلى تأمين الظروف الملائمة، سواء على مستوى القرارات الإدارية المفترض اتخاذها، أو على مستوى الاستعدادات اللوجستية، وأهمها التمويل. وهنا علّة العلل.
يؤكد فهمي لـ"نداء الوطن" أنّه جاهز لإجراء الانتخابات في مواعيدها الدستورية، أي قبل 21 أيار المقبل، موعد انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي، ولهذا يجري اتصالات ولقاءات مع ممثلي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لطلب مساعدتهم في تأمين الدعم المالي نظراً للعجز الحاصل في الخزينة العامة، لافتاً إلى أنّه يلاقي تجاوباً من هذه الهيئات الدولية لمساعدة لبنان في اجراء الاستحقاق.
واذ يرفض التعليق على الظروف السياسية التي قد تحول دون اجراء الانتخابات في موعدها يشير في المقابل إلى أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري أبلغه خلال لقائهما الأخير، اصراره على احترام المواعيد الدستورية وعدم تجاوزها تحت أي عنوان. ولهذا، ثمة ورشة جدية في وزارة الداخلية استعداداً للاستحقاق.
وعلى هذا الأساس، وضعت روزنامة أوليّة للمهل الدستورية المفترض التقيد بها لاجراء الانتخابات، وهي بمثابة خريطة طريق من 24 بنداً أو موعداً. أولى تلك المهل، هي موعد الانتخابات. وقد حدد وزير الداخلية موعداً مبدئياً وهو الثامن من أيار المقبل نظراً لتزامن أعياد الفصح المجيد وشهر رمضان في شهر نيسان، فارتأى فهمي اجراء الانتخابات في الثامن أيار، أو في حدّ أقصى في 15 أيار في حال استجدت تطورات تستدعي ذلك.
وبناء عليه وضعت روزنامة المهل الدستورية، على أي يكون 20 تشرين الثاني المقبل آخر مهلة لتسجيل الناخبين غير المقيمين، فيما يكون موعد 28 كانون الثاني من العام 2022 آخر مهلة لإرسال وزارة الخارجية أسماء الناخبين غير المقيمين، على أن تجرى الانتخابات في الدول الغربية يوم 24 نيسان المقبل وفي الدول العربية 29 نيسان المقبل. وتنصّ المادة 106 من قانون الانتخابات على أنّه "فور صدور هذا القانون، تدعو وزارة الخارجية والمغتربين بواسطة السفارات والقنصليات اللبنانية في الخارج، بالطرق التي تراها مناسبة، اللبنانيين الذين تتوفر فيهم الشروط المذكورة أعلاه، للإعلان عن رغبتهم بالإقتراع في الخارج وذلك بتسجيل أسمائهم، وذلك بحضورهم الشخصي أو بموجب كتاب موقّع ومثبت وفقاً للأصول، في السفارة أو القنصلية التي يختارونها مع كافة المعلومات المطلوبة المتعلقة بهويتهم ورقم سجلهم".
ولكن هل لدى وزارة الخارجية الاستعداد أو القدرة على تنظيم الانتخابات في الاغتراب؟
حتى الآن لم تبلغ وزارة الخارجية وزارة الداخلية عدم قدرتها اللوجستية على تنظيم الانتخابات في البعثات الدبلوماسية ولو أنّ الجميع يعرف أنّ هناك صعوبة في تحقيق هذا الأمر، ولكن هذا القرار يتطلب مشروع قانون تتقدم به الخارجية لتعديل هذه المادة، أو اقتراحاً من أحد النواب، مع العلم أنّ تعديل قانون الانتخابات هو حاجة ماسة فيما لو جرى التوافق على اجرائها، لإعادة النظر بأكثر من مسألة منها البطاقة الممغنطة، الميغاسنتر، ونواب الاغتراب.
وبناء على الموعد الافتراضي المحدد بالثامن من أيار المقبل، يفترض دعوة الهيئات الناخبة في السابع من شباط المقبل، ليكون يوم الثامن من آذار آخر مهلة لقبول الترشح، ويوم 24 آذار آخر مهلة للعودة عن الترشّح، على أن تكون آخر مهلة واردة في الروزنامة الأولية، في التاسع من حزيران المقبل وهي مخصصة لتقديم الطعون أمام المجلس الدستوري.