ميسم رزق
جلسة جديدة تعقِدها اللجان النيابية المشتركة اليوم لمناقشة اقتراحات قوانين الانتخابات. الجلسات السابقة شهدت اصطفافاً طائفياً يشي باستحالة الاتفاق حول تعديل عدد من مواد القانون النافذ، بخاصة أن البعض ينظر إلى الاستحقاق المقبل باعتباره مدخلاً لإعادة تكوين السلطة
دخلت البلاد مرحلة التحضير للانتخابات النيابية المُقبِلة (إجراءً أو تأجيلاً). هذه هي حال لبنان المترنّح هذه الأيام فوق فوهة أزمات باتت القوى السياسية تتناولها من منظار انتخابي. فغالبية المواقف هي صنيعة هذا الاستحقاق الذي يُنذِر بتشققات تزيد إلى الصراع السياسي تعقيدات «طائفية»، إذ إن قانون الانتخاب الحالي، القائم على النسبية التي دعت لها معظم القوى السياسية باتَ محاطاً بمطالبات لتعديل بعض مواده. شكل الانقسام الحالي وعمقه بين هذه القوى، يشي باستحالة التوافق على هذه التعديلات في الفترة القصيرة الفاصلة عن دعوة الهيئات الناخبة، في ظل التسليم بأن هذه الانتخابات ستكون - على عكس سابقاتها - محطّة أساسية في إعادة تكوين السلطة وتحديد التوازنات داخل الحكم، بعيداً عن الأحجام والتحالفات التي انطوت عليها الانتخابات السابقة. فالأحداث في البلد منذ «انتفاضة تشرين» حتى اليوم، جعلت الانتخابات هذه المرة تكتسِب أبعاداً «وجودية» طائفية ومذهبية، بخاصة أن الحقيقة التي لا يُمكن أن يتهرب منها جزء من القوى أن هذه الأحداث فتحت لخصومهم فرصة لتقاسم النفوذ معها، ما سيؤدي إلى «تحجيم» زعامات معينة.
من الكواليس السياسية إلى مجلس النواب، ينتقل النقاش حول تعديل القانون الحالي إلى مرحلة أكثر جدية، حيث سيُطرح اليوم للمرة الرابعة على طاولة اللجان المشتركة، التي تقول مصادر نيابية إنها ستكون «متشنجة» وتعكس الأجواء المحمومة خارج أروقة البرلمان. من المفترض أن تبدأ الجلسة بعرض اقتراحات القوانين المقدمة من كتلة «التنمية والتحرير» وكتلة «الوسط المستقل»، على أن يطرح نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي النقاط التي عليها خلاف ومنها: إنشاء الـ«ميغا سنتر» (مراكز اقتراع يمكن الناخب أن يقترع فيها لا في مكان سجلّ قيده)، الصوت التفضيلي، وخفض سن الاقتراع وانتخاب 6 نواب يمثلون المغتربين (ينص القانون على تخصيص 6 مقاعد للمغتربين، ليصبح عدد أعضاء المجلس 134 نائباً، لمرة واحدة، على أن يُخصص لهم 6 مقاعد من أصل الـ128 نائباً في الانتخابات اللاحقة).
مصادر نيابية أكدت أن «هذه النقاط ليست هي الوحيدة التي ستكون موضع نقاش، لكنها ستعد بروفا لتبيان حجم الخلافات». حتى الآن، يتبيّن أن كتلة «القوات» التي تطالب بانتخابات نيابية مبكرة لا تزال على موقفها من القانون الحالي، فهي بحسب مصادرها «تتمسّك به كما هو لأنه يؤمن صحة التمثيل». الموقف نفسه يتبناه التيار الوطني الحر الذي يُصر على تقسيم الدوائر كما في القانون الحالي، وتقول مصادره أن «التيار ضد تغيير القانون، ونحن نرفض أي تغيير يتعلق بتقسيم الدوائر والصوت التفضيلي».
وفيما يتمسك حزب الله بمبدأ اعتماد لبنان دائرة واحدة، ويؤكد نواب في كتلته الانفتاح على النقاش في ما يتعلق بالنقاط الأخرى، تقول مصادر كتلة «التنمية والتحرير» أنها ستركز على «الدائرة الكبرى والنسبية»، لكن في حال «جرى التوافق على اعتماد المحافظات الخمس (الشمال، البقاع، جبل لبنان، بيروت، الجنوب) كمرحلة انتقالية، فإن الكتلة لن تعارض ذلك». أما في ما يتعلق بالصوت التفضيلي الذي يقال أن اقتراح «التنمية والتحرير» يهدف في المقام الأول إلى التخلص منه، فتقول المصادر أن «الموقف من الصوت التفضيلي يتحدد وفق الآلية الجديدة التي على أساسها سيتم اختيار الفائزين».
أما في ما يخص تيار «المستقبل» الذي سجّل حضوراً نيابياً هزيلاً في الجلسات السابقة لمناقشة قوانين الانتخابات، فلا يزال يتهرب من الإجابة بالتأكيد على أن «الأولوية هي لتشكيل الحكومة التي ستشرف على الانتخابات». فيما الحزب الاشتراكي الذي يرفض القانون الحالي بالمطلق فيعتبر أن «جلسات مناقشة اقتراحات القوانين هي طبخة بحص»، ويلمح إلى أن «النقاش في تعديلات يهدف البعض منها إلى تطيير الانتخابات»، في وقت يلفت نوابه إلى «خطورة هذه الجلسات التي شهدت اصطفافاً طائفياً»، بدلاً من «القيام بتعديلات تخفف من الترسبات الطائفية للقانون الحالي».
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا