آلان سركيس
يُعتبر هذا الأسبوع مفصلياً في ملف تأليف الحكومة، إذ إن الإتصالات مستمرة على رغم الهبّات التفاؤلية والتشاؤمية في آن واحد.
تبدو العقدة كامنة في وزارات "الداخلية" و"العدل" و"الطاقة" على رغم تسليم كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي بذهاب كل من "الداخلية" و"الطاقة" لفريق عون و"العدل" للفريق السني، لكن العقدة الأساسية تبقى أكبر من هكذا بكثير، فهناك مستقبل صهر عون، أي رئيس "التيار الوطني الحرّ" النائب جبران باسيل على المحكّ، وأيضاً هناك موقع الطائفة السنية داخل التركيبة يهتز بفعل تنازلات الرئيس سعد الحريري والضربات المتلاحقة للسنية السياسية من قِبل "حزب الله" وعون.
وفي هذا الإطار، فإن كل الإتصالات الناشطة لتأليف الحكومة والتي يقودها كل من عون وميقاتي مباشرة أو عبر موفدين أو وسطاء لم تؤدِّ إلى تصاعد الدخان الأبيض من قصر بعبدا لإعلان ولادة الحكومة الرابعة في عهد عون.
ويبدو أن "حزب الله" بدأ يعاني من أمر يخيفه وهو إنتفاضة البيئة الشيعية عليه، لذلك يحاول إستعمال "إبر المورفين" عبر إستيراد المازوت من إيران بينما ينشط التهريب إلى سوريا، البلد الفعال في محور الممانعة.
وتشير المعلومات إلى ان "حزب الله" يريد حكومة اليوم قبل الغد لأنها تساعد على ترطيب الأجواء وتهدئة النفوس المشحونة، وقد قالها الأمين العام لـ"الحزب" السيد حسن نصرالله في إحدى إطلالاته العاشورائية ودعا إلى تأليف حكومة بالحدّ الأدنى ولو كانت حكومة إدارة الأزمة وليس معالجتها.
وتؤكّد المعلومات أن "حزب الله" ممتعض من سلوك عون وباسيل، ويعلم أن التعطيل ينبع من عندهما وقد حاول في الساعات الأخيرة الضغط من أجل التسهيل، لكن مساعيه لم تصل إلى أي مكان بسبب تمسّك عون بمطالبه، لذلك فإن التقدّم في حلّ بعض المواضيع الخلافية يقابله تشدّد في مكان آخر. في المقابل، وعلى رغم إصرار "حزب الله" على تأليف حكومة والتي يعتبرها أمراً حيوياً، إلا أنه لن يضغط كثيراً على عون وباسيل لأنه لا يريد إغضابهما، بل يدعو الرئيس ميقاتي إلى الصبر وعدم الذهاب في درب الإعتذار. ويُبدي "حزب الله" كل الدعم لمسيرة ميقاتي في تأليف الحكومة ويعتبره شخصاً جيداً ووسطياً وقادراً على الكلام مع الجميع وله تجارب سابقة، وقد أبلغ "الحزب" ميقاتي أنه معه في كل الخطوات، حتى أنه لن يعترض على أي إسم شيعي ستتمّ تسميته شرط ألا يكون إستفزازياً.
وفي السياق، فإن "حزب الله" يمسك العصا من وسطها، فمن جهة يعلم أن حليفه عون يعرقل لكنه يتركه يفعل ما يشاء، ومن جهة أخرى لا يريد أن يخسر تكليف ميقاتي الذي كان حليفه سابقاً وترأس حكومة عام 2011 التي أُطلق عليها تسمية حكومة "حزب الله"، لذلك فإن الإستمرار في السياسة نفسها من قِبل الأفرقاء الممسكين بالسلطة يعني أن لا حكومة إلا إذا فُرضت من الخارج.