بالمسكّنات و"إبر البنج" تستمر لعبة كتم الأنفاس وعضّ الأصابع بانتظار من يصرخ ويرضخ أولاً بين جبهتي بعبدا وبلاتينيوم، حيث يراهن رئيس الجمهورية ميشال عون على عامل الوقت في إعياء الرئيس المكلف نجيب ميقاتي واستنزافه لدفعه إلى التسليم بدفتر الشروط البرتقالي، بينما يتسلّح ميقاتي بعامل الوقت نفسه لكن من باب استعجال التأليف وحشره بمهلة زمنية محددة، لدفع عون إلى حسم خياراته ولجم شروطه تحت طائل المخاطرة بتلقي ثالث خطاب اعتذار على التوالي، وتثبّت المجتمع الدولي تالياً من استحالة الإنقاذ والإصلاح في ظل هذا العهد.
وعشية بلوغ التكليف الجديد شهره الأول غداً، سجلت بورصة التأليف هبوطاً حاداً في أسهم التفاؤل والإيجابية مع تعذر استئناف لقاءات قصر بعبدا تحت وطأة استمرار استعصاء العقد في عملية إسقاط الأسماء على الحقائب والحصص، ما دفع مصادر مواكبة للاتصالات الحكومية إلى التأكيد على كون العملية برمتها باتت موضوعة "على كف عفريت يعمل خلف الكواليس على تخريب الجهود وإجهاض الحلول"، مجددة الإعراب عن قناعتها بأنّ الساعات القليلة المقبلة "لا بد وأن تكون حاسمة وفاصلة بين الأبيض والأسود".
وفي هذا السياق، اختصرت المصادر المعضلة الأساس بكون رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل لا يزال "يحور ويدور" حول مسألة التسميات "للاستحصال على الثلث المعطل وضمان قدرته على التحكم بالحكومة وامتلاك حق الفيتو لنقض قراراتها"، موضحةً أنّ الكباش الأساس يتمحور حول هذه النقطة "وكل الباقي تفاصيل متفرعة منها"، ولفتت في هذا السياق إلى أنّ "باسيل يدير شخصياً دفة الحركة المكوكية التي يقوم بها موفدو بعبدا باتجاه الرئيس المكلف، لتدوير الزوايا في عملية تركيب "بازل" الأسماء والحقائب، من دون تسجيل المشاورات الجارية أي تقدم يُعتد به حتى الساعة يتيح منح الضوء الأخضر لاستئناف لقاءات بعبدا".
وإذ شددت على أنّ ميقاتي ما زال "صامداً في مواجهة المناورات ومحاولات التذاكي في تفخيخ الصيغة الوزارية بأسماء حزبية مموّهة تحت قناع الاختصاص"، نقلت المصادر نفسها عن مقربين من الرئيس المكلف تأكيد استمراره في سياسة "الانفتاح وعدم إيصاد الأبواب أمام أي إمكانية تلوح في الأفق، لترجمة رغبته في التجاوب والتلاقي مع تطلعات رئيس الجمهورية تحت سقف الالتزام بالمعايير التي وضعها للتشكيلة الوزارية العتيدة والتي على أساسها قَبِل مهمة التكليف".
وبناءً عليه، لم تستبعد المصادر أن يبادر ميقاتي إلى "وضع حدّ لكل تحليل أو تأويل لمصير المشاورات الحكومية عبر الإقدام على زيارة قصر بعبدا، وعقد خلوة مصارحة مع رئيس الجمهورية تضع النقاط فوق الحروف وتحسم التوجهات إيجاباً أو سلباً"، موضحةً أنّ الرئيس المكلف سيحمل معه مسودة تشكيلة وزارية "متكاملة" إلى عون، مبدياً أقصى استعداده لإنجاح "فرصة التأليف الأخيرة" وجهوزيته للتجاوب مع طلب إدخال "تعديلات طفيفة" عليها تطال بعض الأسماء المقترحة ضمن حصة العهد وتياره، لكنه في الوقت عينه سيكون حاسماً في التشديد على أنه "لن يقبل بأي شكل من الأشكال، بأن يكون الهدف من "اللعب على خريطة الأسماء" التأسيس لزرع ثلث معطل مقنّع في تركيبة حكومته".