المحاميان زعتر: قانون البطاقة التَّمويليّة مناورة تضليليّة سياسيّة أم للتطبيق الجدّي؟
المحاميان زعتر: قانون البطاقة التَّمويليّة مناورة تضليليّة سياسيّة أم للتطبيق الجدّي؟

أخبار البلد - Monday, August 23, 2021 11:53:00 AM

بتاريخ 16 تموز 2021 أصدَرَ رئيس الجمهورية القانون رقم 230 المتعلّق بالبطاقة التمويليّة الالكترونية الذي أقرَّه مجلس النواب. والذي تمّ نشره في ملحق العدد 29 من الجريدة الرسمية بتاريخ 22/7/2021.

هذا القانون الذي وَصَفَتهُ الحكومة المستقيلة في الأسباب الموجبة له، كما عدَّلتها الهيئة العامة لمجلس النواب، بأنه يمثّل "ضرورةً قصوى لدعم القدرة الشِّرائيّة للشرائح الاجتماعية التي سوف تستفيد من البطاقة التمويليّة الالكترونية بما يوازي ما خسرته مقابل رفع الدعم وفق برنامج ترشيد له تعتمده الحكومة والوزراء المعنيين"،

هذا القانون المهمّ الذي يُفْتَرض أن يَستفيدَ منه ما يقارب ألـ /500/ ألف عائلة بمبلغ قيمته الوسطَية 93,3 دولاراً أميركياً وحدُّه الأقصى 126 دولاراً أميركياً"، مثلما جاء في أسبابه الموجبة أيضاً،

إنَّ هذا القانون ذو الأهميّة القصوى لتعلّقه بالوضع الكارثيّ لمئات الألوف من العائلات اللبنانية الفقيرة المنكوبة فوق نكباتها بما وَصَلَتْ إليه حالُ البلاد، لا يتَّسِمُ بالحدّ الأدنى من الوضوح والجديّة المفترضَيْن فيه، بل يبدو مناورةً سياسيّة تضليليّة بامتياز، ويطرح الكثير من الأسئلة المشروعة، منها ما يلي:

أوَّلاً: إقترحَتِ الحكومةُ في "الأسباب الموجبة" "إصدار بطاقة تمويلية إلكترونية لمدّة سنة واحدة، بقيمة /556/مليون د.أ. وسبب تحديد قيمة البطاقة التمويلية بالدولار الأميركي مردُّه، كما هو معروف ومتداول علناً في الصحافة الورقية والالكترونية، أن مَصْدَرَ التمويل الأساسيّ هو البنك الدولي الذي أكَّدَ على ضرورة إيصال المبالغ إلى مستحقِّيها بالدولار الأميركي (يراجع موقع الشرقBloomberg asharqbusiness.com في 4 تموز 2021). والسؤال المطروح لماذا أُدرِجَتْ قيمة البطاقة التمويليّة في الموازنة العامة لعام 2021 بالليرة اللبنانية مثلما جاء صراحةً في المادة الثانية من القانون الذي أقرّه مجلس النواب وأصدره رئيس الجمهورية بتوقيعه وتوقيع رئيس مجلس الوزراء المستقيل حسان دياب؟

ثانياً: والسؤال الثاني المطروح بإلحاح والذي يدلّ على خطأ فادح إرتكبَهُ كلُّ من اشترك بإقرار وإصدار هذا القانون هوَ: لماذا احتُسبَتْ قيمةُ الاعتماد الإضافي الاستثنائي البالغة /556/ مليون دولار أميركي بما يعادلها بالليرة اللبنانية بمبلغ 837,892,000,000 ل.ل. (ثمانماية وسبعة وثلاثين ملياراً وثمانماية واثنين وتسعين مليون ليرة لبنانية)؟ وبعمليَّة حسابيّة بسيطة يتبدَّى بوضوح أن سعر صرف الدولار الذي اعتمده مجلس النواب في هذا القانون هو /1507/ل.ل. (ألف وخمسمئة وسبع ليرات) للدولار الواحد. والسؤال المطروح في هذا المجال: لماذا اعتمد مجلسُ النُّواب لغايات قانون بهذه الأهمية القصوى، يتعلّق بالعائلات الفقيرة، سعرَ صرفٍ تافهٍ للدولار الأميركي مقارنةً بسعره الحقيقي في السوق الحرّة، أو على الأقل بسعرِه على منصّة صيرفة، أو على الأقل الأقل بسعره المحدد بتعميم مصرف لبنان رقم 158 تاريخ 8 حزيران 2021؟ ما هيَ الغاية الحقيقية من هذا الاحتساب الفاضح؟ ألا يُدرِك المسؤولون الذين أقرّوا هذا القانون وأصدروه خطورة ما تنطوي عليه عمليّة الاحتساب هذه الصادرة عن مجلس النواب في خضمّ البلبلة الضاربة أطنابها في البلد حول سعر صرف الدولار، وحول كون التسعيرات الصادرة له عن أيِّ مرجع إداري غير قانونية لعدم استنادها إلى قانونٍ صادر عن مجلس النواب. وعلى الرغم من أن هذا القانون (رقم 230) لا يتعلّق باعتماد سعر رسمي لليرة اللبنانية؛ وعلى الرغم من أنه لا يمكِنُ اعتمادُه أساساً لتحديد سعر صرف الدولار الأميركي إزاء الليرة اللبنانية؛ إلاّ أنَّه سيثير حتماً بلبلةً في هذا المجال، وسيستغلُِّه من لا ضمائر لهم في إيفاء ديونهم المختلفة المترتبة عليهم بالدولار الأميركي.

ثالثاً: والسؤال البديهي الذي يطرحُ نفسه، والذي كان على المسؤولين عند إقرار هذا القانون وإصداره أن يطرحوه، هوَ: لماذا لا يتضمَّن هذا القانون المهمّ في متنه مادةً واضحة وصريحة تنصّ على أن المبلغ الذي يُسدّد شهرياً للمستفيد يُدفع له بالدولار الأميركي أو بقيمته الفعلية بتاريخ الدفع، أي بقيمته في سوق الصرف الحرّة أو على الأقل بقيمته على منصّة صيرفة القريبة من قيمته الفعلية في السوق الحرّة؟ لماذا هذا الإبهام الذي لا مبرِّر له؟ أين ضمانةُ الإنسان الفقير والعائلة الفقيرة في بلد الحرف والنور والحريّة والإيمان والأديان والطوائف؟!

رابعاً: في ظلّ الأوضاع المأساوية المتردّية على جميع الصُّعد في لبنان، وتزايد أعداد الأسر الفقيرة يوماً بعدَ يوم، إنَّ قانوناً حيويّاً مهمّاً كقانون البطاقة التَّمويليَّة يحتاج إلى دراسةٍ علميّة شفافة من ذوي الاختصاص، على أساسها وفي ضوئها يبنى القانون العتيد. هناك أسئلة عديدة أخرى تُطرح في هذا السياق، لكننا اكتفينا بما سبق عرضه للقول بأن هذا القانون (رقم 230)، هو مجرّد نصّ سياسي لا يتسم بالجديّة المفترضة فيه وبالتالي فإنه لا يفي بالغرض الأساسي المفترض فيه أن يُعالجه.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني