فقدت 3 من أبنائها والرابع حالته يحيط بها الخطر، تركت بلدها وأرضها ورحلت لتربي أولادها بسلام وطمأنينة، وهناك خسرتهم، لحق الموت بعائلتها الى استراليا، وعلى يد رجل ثمل سرق من أولادها ثلاثة.
ليلى جعجع، هذه السيدة الجبارة التي ركعت على أرض لم يجف دماء أبنائها عنها بعد، وضعت الورود وحملت مسبحتها وبدأت بالصلاة من دون توقف، ومن يراها وهي تصلي يعلم أن في قلبها ايمانا يهز الجبال.
هذا الايمان ترجمته جعجع خلال مقابلة متلفزة معها، هناك في بلاد الغربة... من يراها، بجبروتها وصلابتها، يخجل من نفسه ويستضعف ايمانه.
ليلى جعجع أكدت أنها ستسامح قاتل أبنائها، لأن هذا التصرف هو ما يشبه ديانتها وايمانها... طلبت عدالة المحكمة لكنها سامحت!
وفي التفاصيل، قالت جعجع: "نحن بحاجة للصلوات من الجميع، سنموت جميعاً يوماً ما... أبنائي ملائكة في السماء، ونحن نحبهم كثيراً... أنا أشعر بهم يحضنونني".
وتابعت: "لطالما ركزنا على الناحية الروحية والدينية في حياتهم، علمناهم أن يصلوا المسبحة وأن يقرأوا الانجيل وأن يعيشوا ايمانهم... علمناهم أن يكونوا أشخاصاً جيدين في الحياة وأن يتشاركوا ايمانهم بالله"، مضيفة: "منذ أن كنت طفلة جلّ ما كنت أقوم به كان الصلاة، وطلبت من الله دائماً أن يجمعنا لنصلي معاً، لكنني لم أطلب منه أن يأخذ أبنائي مني، طلبت أن يأخذ كل شيء وأن يحفظهم لي!".
عندما تنظر الى عيني هذه الأم المكسورة، ترى حناناً ممشوحاً بالحزن، وكأن حب العالم بأسره وحزن الدنيا اجتمعا في نظراتها، ولكن ما كان أقوى من كل شيء كان ايمانها الثابت!
جعجع تحدثت عن مشاعرها بصدق تام، وقالت: "لأكون صريحة، أنا حزينة ومكسورة القلب، لكنني أشعر بالسلام لأنني أعلم أن أطفالي في مكان أفضل، أشعر بهم يحضنونني ويخبرونني أنهم برفقتنا".
وأكدت جعجع: "الموت سيطال الجميع في النهاية... هل رأيتم أحداً عاش الى الأبد على هذه الأرض ولم يمت؟ الأشياء التي في هذه الدنيا ستبقى فيها، لن نأخذ المنازل ولا الأموال… لكن ما يمكننا أخذه معنا هو ايماننا وديانتنا وصلواتنا وأعمالنا ومساعدتنا ومحبتنا للآخر وهذه هي الأمور الأهم في الحياة!".
الحرقة في صوتها المفجوع ترجمت الألم الذي في قلب جعجع، التي تابعت حديثها بالقول: "جميعنا نعلم أن المسيح مشى درب الجلجلة حاملاً صليبه وأنا أشعر أنني أمشيها مع صليبي اليوم.... أشعر بأن ما يحصل غير حقيقي وبأنهم لا يزالون معي! لا زلت أنتظرهم ليعودوا الى المنزل".
وأكملت: "ابنتي كانت اليوم في غرفة العمليات، وكان الأطباء يقطبون رأسها بعد الضربة التي تلقتها، لكن كل ما كنت أفكر فيه هو كيف سيدخل أخواتها ليطمئنوا عليها، لأنهم لطالما كانوا هكذا في كل مرة يحصل أمر ما يتحدون معاً ويدعمون بعضهم البعض".
"أنا أشتاق لهم، لدى أبنائي ايمان كبير، يوم الحادثة مازن كان في الكنيسة يصلي المسبحة وابنتي كانت تصلي مع ابني في السيارة... أنجيلينا نامت مرات عدة والمسبحة في يدها وأنطوني كان في كل مرة يفقد شيئاً يصلي للقديس أنطونيوس حتى يساعده على ايجاده! يمكنني أن أخبركم أموراً رائعة عن أولادي!"، هكذا وصفت جعجع الايمان الذي يعيشه أبناؤها، لتتابع: "أنجيلينا حلمت بمار شربل وأخبرها أنه يحبها... عائلتنا بوركت لكن لم أعتقد أنه سيأخذهم مني بهذه السرعة وفي هذا الوقت المبكر".
وشددت جعجع على أن "لا يحدث شيء الا اذا اراده الله أن يحدث وأنا أعلم ذلك، كما انني أعلم أن الرجل الذي صدم أولادي كان ثملاً وهو يجوب الشوارع... أنا الآن لا أستطيع أن أكرهه ولا أريد رؤيته، في قلبي سأسامحه لكنني أريد العدالة من المحكمة... لن أكرهه لأن هذا لا يشبهنا وليس ما يقوله لنا ديننا... أسامحه لكنني أريد العدالة وأعتقد أن الله يعلم ما هي العدالة لأن هذه مشيئته!".
هل رأيتم ايماناً أعمق من هذا؟ ليلى جعجع هي أم بطلة، فقدت أغلى كنوز حياتها لكنها لم تسمح للكره والانتقام أن يخرقوا جدار الايمان الذي بنته طيلة الحياة، أبقت الكره خارج حياتها، سامحت قاتل أبنائها! وكالعذراء مريم التي وقفت تحت الصليب تتأمل بصمت ركعت ليلى على الرصيف الذي رحل أبناؤها عليه وبكت بصمت... هذا هو صمت الايمان!
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا