لم يُخمِد الهدوء الحذر الذي يلف منطقة عكار في شمال لبنان بعد حادثة انفجار صهريج المحروقات فجر الأحد، النار المتوقدة تحت الرماد. الترقب يعم المنطقة، بانتظار دفن ضحايا انفجار خزان الوقود الذي وقع في بلدة التليل، ثم نتائج التحقيقات التي ينتظرها اللبنانيون وأهالي المنطقة وذوو الضحايا والمصابين.
يمتزج صوت عادل حاويك، خال وعم فقد ثلاث ضحايا في انفجار عكار، بالغضب والحزن. يتحدث بنبرة حادة وصراخ تارة وصوت تقطعه غصة الدموع تارة أخرى. «علي يبلغ من العمر 18 سنة، وإبراهيم 15 سنة، أما خالد فيبلغ من العمر نحو 22 سنة»، يقول بصوت مرتجف عن الضحايا الثلاث الذين سقطوا في انفجار عكار، ويضيف: «جهزوا أوراقهم وكانوا سيسافرون إلى الخارج... كانت مسألة أيام لإجراء فحص الـبي سي آر قبل السفر». حاويك، ابن بلدة الكويخات العكارية، كان له ولعائلته نصيب مر من مأساة عكار، ويترقب كباقي أهالي المنطقة نتائج التحقيقات، حسبما يؤكد لـ«الشرق الأوسط». يقول إن مشهد عكار يختلف بين الاثنين والأحد، مشيراً إلى أن «أعمال التكسير والحرق والتخريب التي وقعت الأحد كانت كردة فعل على كارثة انفجار خزان الوقود»، أما اليوم «فالترقب والحزن سيد الموقف ويغلب الغضب». ويقول: «منطقة عكار اليوم في حالة ترقب بانتظار تسلم جثث الضحايا من المستشفيات ودفنهم».
لم تستلم عائلة حاويك ضحاياها بعد، إذ إن الجثث متفحمة ويصعب على أهل الضحايا التعرف عليهم. تنتظر العائلة فحوص الحمض النووي بعد أن توجهت والدة علي وإبراهيم ووالدة خالد إلى مستشفى القبة لإجراء الفحص للتعرف على الجثث.
ويرفض حاويك أي محاولات لطمس الحقيقة، ويحذر من يحاول القيام بذلك، ويقول: «بداية نريد دفن ضحايانا ثم لكل حادث حديث».
الخال والعم المفجوع يجبر نفسه على التماسك، ففي المستشفى ثلاثة من أبناء أخيه ما زالوا على قيد الحياة ووضعهم حرج، بانتظار نقلهم إلى الخارج للعلاج. ويحمل حاويك نواب ووزراء المنطقة المسؤولية. يقول: «هؤلاء المتسترون خلف الحصانات هم من يقومون بالتهريب إلى سوريا وهم من أوصلونا إلى ما وصلنا إليه اليوم».
وإذ يوضح أن «حال آل حاويك كحال جميع آهالي عكار وأهالي الضحايا والمصابين، ينتظرون التحقيق، وبناءً عليه سيكون التحرك»، يؤكد «الثقة الكاملة والمطلقة بالجيش وقوى الأمن في لبنان»، ويقول: «يهمنا الجيش اللبناني ولا نريد أي حزب بتاتاً، بل الجيش فقط لأننا نثق به».
ولا يختلف صوت مختار بلدة الكويخات رياض الحايك عن صوت عادل حاويك، هو أيضاً يتحدث بغصة وألم. يؤكد الحايك لـ«الشرق الأوسط» أن الأمور ما زالت متوترة والغضب كبير، مشيراً إلى أن «أهالي الضحايا بانتظار نتائج فحوص الحمض النووي لتسلم جثث الضحايا ودفنهم».
ويوضح أن «أهالي الضحايا يطالبون بتحقيق شفاف لمعرفة كيف قتل أولادهم... شباب بعمر الورد»، مشدداً على أن الأهالي لن يتركوا «حقهم وحق شهدائهم ولن يمر الموضوع مرور الكرام». ويضيف «نحن اليوم في حالة ترقب والمطالبة جدية للإسراع بالتحقيق، وننتظر ما ستعلنه الأجهزة الأمنية والقضائية». ويشير إلى أن الضحايا علي وإبراهيم وخالد زاروه في مكتبه قبل فترة قصيرة، وطلبوا أن يحضروا أوراقهم للسفر إلى الخارج لتأمين مستقبلهم».