ميسم رزق
لا يزال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب يبحث في الخيارات المتاحة أمامه في ما يتعلق باستدعاء القاضي طارق بيطار له لاستجوابه كمدعى عليه في قضية تفجير المرفأ. محامو دياب يميلون الى حضور الجلسة لتأكيد أن «ليس من صلاحية بيطار ملاحقته»
كل الفوضى التي تستبيح البلاد لم تُغيّب التطورات القضائية ــــ السياسية للدفعة الأولى من الادّعاءات التي أطلقها المحقق العدلي القاضي طارق بيطار على عدد من المسؤولين (رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، وأربعة وزراء سابقين وقادة أجهزة أمنية وقضاة) في قضية تفجير مرفأ بيروت.
فبعدما سلكَ المسار البرلماني طريقاً مسدوداً لبتّ قضية الحصانات التي طالبَ بيطار برفعها تمهيداً لملاحقة من يعتبرهم متورطين، علِقت الإجراءات في شباك السياسة مجدداً، بسبب الخلاف على مرجعية المحاكمة: القضاء العدلي أو المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. وهو ما أدى الأسبوع الماضي إلى تطيير الجلسة النيابية التي كانت مقررة لاتهام الوزراء المدعى عليهم تمهيداً لمحاكمتهم أمام المجلس الأعلى «وفقَ ما ينص عليه الدستور»، بعدما قاطعتها معظم الكتل النيابية الأساسية التي انخرطت في عملية استثمار انتخابي بالملف.
وإلى أن يتبيّن مصير رفع الحصانات، وما سيؤول إليه العِراك النيابي وتعامل القاضي بيطار مع هذا الأمر، تتجه الأنظار حالياً إلى تاريخ 26 آب، وهو الموعد الذي ضربه بيطار لاستدعاء دياب كمدعى عليه في الجريمة. فهل يذهب دياب إلى الجلسة، أم يكتفي بإرسال محامٍ عنه؟ وهل بدأ التحضير للمرافعة القانونية التي سيتقدم بها كدفاع عن النفس، أم أن تفاصيل جديدة ستغيّر في المسار؟
هذا بعض من أسئلة بدأت تُطرح، بينما يُصرّ فريق رئيس الحكومة على الإجابة بـ«لا جواب. لا تعليق»، وفوقَ ذلِك يعتبر أن «الأولوية هي لتأليف الحكومة»!
لكن نفي المقربين من دياب وجود أي تحضيرات ورفضهم التصريح في ما يتعلق بالاستدعاء، لا يلغي أن رئيس حكومة تصريف الأعمال بدأ منذ فترة فعلاً بعقد اجتماعات لمناقشة هذا الأمر. وبحسب معلومات «الأخبار»، يستمزِج دياب آراء عدد من المحامين في هذا الشأن، ويجتمع معهم لاتخاذ قرار بشأن الجلسة أو الطريقة التي سيتعامل بها مع الاستدعاء، وخاصة أن هذه المرة لم يحظَ دياب بأيّ غطاء طائفي كالذي ناله يومَ ادّعى عليه قاضي التحقيق السابق في قضية المرفأ فادي صوان. ففي ذلِك الوقت، سارَع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إلى زيارته في السرايا للتضامن معه. وعلّق على خطوة صوان بتغريدة له على «تويتر»، رأى فيها أن «التعدي على الدستور والادعاء على رئاسة الحكومة أمر مرفوض». كذلك «فاز» دياب بمواقف مماثلة من قبل نظرائه السابقين ومعهم دار الفتوى. أما الآن، وقد دخل الحريري شريكاً في عملية المزايدة بطرحه اقتراحاً لرفع الحصانات عن كل السياسيين وكبار الموظفين من خلال تعليق المواد الدستورية خوفاً من الحملات الشعبية وتحركات أهالي الشهداء، ما عادَ لدياب أي متراس مذهبي يحميه (مبدئياً). وقالت مصادر قضائية إن «دياب يُمكن استجوابه بدون أية عوائق قانونية»، مستبعدة أن «يذهب بيطار الى خطوة غير محسوبة بتوقيفه».
وفيما بدأ الوزير السابق يوسف فنيانوس ــــ وقد أعطت نقابة المحامين الإذن بملاحقته ــــ يعدّ العدّة لاستئناف قرارها، وفقاً للحق الذي أعطاه إياه القانون، يبقى أمام دياب خياران لا ثالث لهما، وهو ما يبحث بهما حالياً مع المحامين. الأول، «عدم الذهاب إلى الجلسة باعتبار أن المرجعية التي لها صلاحية محاكمته هي المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء بحسب المادتين 70 و71 من الدستور، حتى لو لم يجتمِع مجلس النواب ويؤكّد على ذلك». أما الخيار الثاني والذي يميل إليه محاموه (أمل حداد وناجي البستاني)، فهو أن «يمثل دياب أمام بيطار ويقدّم دفعاً شكلياً يقول فيه بأن لا صلاحية لبيطار بملاحقته وأيضاً وفقَ المواد الدستورية». إلا أن هناك من نصح دياب بعدم الوقوع في هذا الخطأ، لأن «مجرد الذهاب الى الجلسة يعني اعترافاً بصلاحية ما، وهو ما لن يغيّر في قرار القاضي غير القابل للاستئناف ولا رقابة عليه».