الاعلاميّ بسّام برّاك
عذراء. تنتقلين الليلة الى ضياء السماء ونحن عتمُنا مديدٌ في وطن تتسع مطارحُ ظلمَتِه بسبب ظُلمِ حكامِه حتى يموتَ ناس لبنان كبارًا وشبّانًا وصغارًا ما عدا رؤساءَ هذا البلد كونَهم سارقي الضوءَ إلى قصورهم المعفّنة كقلوبهم ليرموا العتم في بيوتنا المضاءة بالإيمان وحدَه.
لبنان، لم يعد له مهربٌ من أعداء يكمنون في الداخل، وأسماؤهم تُعرَف من صفاتهم... ونحن لم نعد نريدهم، ولا نصدق تبرؤ بعضِهم من فساد بعضهم.
هم خطأةٌ أكثرُ من البشر العاديين، يلزمُهم سنواتْ من الاعترافات ليُصفحَ عن سرقاتهم وجرائمهم وخبثهم. وها نحن نرميهم خلفنا ونجيئك بأسباب تشتُّتِنا وتفَرقِنا، عساك
يا مريم في يوم عيدك السماويّ وكونك الأم الأعلى في حياتنا، تعلنين وجعنا ووجعنا لدى الرب. وها هو قبل أن يسألك الله بماذا جئتِ من لبنان، وأيَّ طرَفٍ من ثوبك أبقيتِه للّبنانيبن، سارعي يا أمنا قبل الجواب أن تسائلي خالق الدنيا: "لماذا جعلتَ وطن اللبنانيين تقتنيه الأوطان الأخرى تحفةً لديارها، بأرض يشتهيها الموت، وبشمس السماء تمسي لديهم عتمًا؟" أخبري الرب وابنه يا أمّنا أنّ الشموع في لبنان تنتهي بسبب انطفاء الأنوار حتى في قلب الكنائس وأعلى المساجد، وأنّ أبناءَ الوطن غابت وجوهُهم عنهم لأنهم لا يرَون ملامحَهم وسط عتمٍ يلفّ الوطن في كلّ بلدة وبيت، ما عدا بيوت السياسة والحُكّام.
حلَّ شهرُ انتقالك فانتقلنا بفضل السياسيّين من أدنى وجع الى الأكثرِ ارتفاعٍ وجعيٍّ ، وتحوّلنا بخطايا حكمائنا من موت بشريّ اعتياديّ إيمانيّ في وقته صوب السماء الى موتٍ اقتصاديٍّ ماليٍّ ثمّ موتٍ تفجيريٍّ وتعَمُّديّ لننحدر تحت التراب قبل الأوان.
فها هم الرؤساء والحكّام وأهل الساسة يقدّمون لنا الجوعَ مشفوعا بالدم، ويمدّوننا بالجراحِ من سيفِ خطاياهم، ممَّن يعتبرون أنه لا يجوز شتمُهم لأنهم أنصاف آلهة وهم لا يُنصِفون الشعب، ممَّن لا يريدون حرقُ صورِهم فيُجاز لهم حرقُ البلد، ممَّن لا يصحُّ للناس طردُهم من عباءة الحكم، فيما هم يَطردون المواطنين من أعمالهم وأرزاقهم وأحلامهم ولا يرفُّ لهم جفنُ ضمير في غمرة عتماتنا .
لا يا مريم يا أمّنا... لن نبقى صامتين... وأنت يا أمنا أخبري ابنك يسوع أنك بدأتِ تحسبين لكل ضيعة مطفأة في لبنان ضوءًا بين أضواء الناصرة، وكل موقع مغمَض العينين تحت ناظريك سينال نورا من جبل زيتون، وكل بيت يناجيك بلحظة نور ستمدّينه بنور بيت لحم فتلتقي الأنوار بنا حيث أضاء يسوع قيامتَه .
... يا مريمُ أمّنا، بالله عليك، أصعِدي لبنان بعتماته بين ثوبك المشعّ ...أصعديه معك بناسه وشعوبه من الأديان المختلفة، فكل أبناء الديانات يذكرونك وإليك يلجأون... أصعدي وطننا -ونحن معك- الى السماء اليوم وابقِ سارقيه وناهبيه ومطفِئيه في قصورهم حتى تنهار العتمة عليهم بيد الله..
إرفعي بلدنا الى فوق وقرّبيه من وحيدك يسوع لنمسيَ نيّة وحيدةً الليلة فيضيئنا وينير مطارحَنا ثم نعود إلى أرضنا في نهار عيدك فرحين مضائين... فلبنان منذور على اسمك يتشبث برائحة ثوبك وعطر مرورك وأزرق وشاحك... أبناؤك هنا يتمَريمون بكل حرف من اسمك بين عتمة وأخرى...، فبالله عليك يا مريمَتَنا أطلّي علينا الآن من شبابيك السماء لقد قطفنا لك الورد من بين أشواك وطننا وأيديننا تنزف الدماء ...وها نحن نتناثر ونموت....فبالله عليك خذينا معك هذه الليلة الى السماء وأعيدينا غدا الى ابنك لبنان المُضاء بأمومتك، كي لا تبعدَ المسافة أكثر بين صعودك وانحدارنا لنرتفع معك كما الأموات القائمون من رقادهم العتيق ونرجع الى وطننا نحييه حين يغادره كلّ مَن يُميته ويقتل مطارحَه وأبناءَ.
"مَريمِينا" يا عذراءُ بكِ، مُدّي ثوبَكِ السماويّ على أرضنا واحمينا من فراغٍ يملأنا.
...وحين تصلين لدى ابنك، أجيبيه إن سألكِ عن خيط ثوبِك أين تركتِه، وعن لون أزرقِك أين نشرتِه، وعن نبض قلبِك أين خفقتِه، وعن زهرك في أيِّ رماد غرستِه، وعن نور عينيك أين أضأتِه؟ أجيبيه إن سألك: هل في الوطن المكلوم المنفجر المتروك والمغدور من حُكامه، والمعتَم بأياديهم السارقة الأضواء... هل هنالك أبقيتِ الكثيرَ منكِ وجئتِ إليّ بالقليل؟
...بالله عليكِ يا مريم لا تنسي أن تجيبيه لأجلنا: " يا ابني تركت كثيرا من أمومتي وسأظلّ في كلّ سنة أُبقي الكثيرَ من أمومتي في لبنان... نعم!
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا