إستضاف "ملتقى التأثير المدني" حلقة نقاش مع دايزي جدعون، كاتبة ومنتجة فيلمEnough الذي عرض في مهرجان كان الدولي، للحديث عن أبعاده وخلفياته الثقافية والوطنية، بمشاركة فريق عمل الفيلم وحضور عضو مجلس إدارة الملتقى فيصل الخليل ومديره التنفيذي زياد الصّائغ وعدد من الصّحافيين والمهتمّين.
بعد دقيقة صمت على أرواح ضحايا تفجير مرفأ بيروت، وترحيب من الصائغ جرى عرض للفيلم الترويجي، ثم عرضت جدعون لمراحل ولادة فكرة الفيلم وصولاً إلى إنجازه، وقالت إن "كلمة Enough قد لا تكفي للإحاطة بوجع اللبنانيّين وخيباتهم وآلامهم، وللحديث عن قضيتهم المحقة، وهي التعبير الأقوى والأدق لوصف وضع لبنان ولإيصال صوت اللبنانيين والآلام التي واجهوها ويواجهونها".
وينتمي الفيلم، ومدّته ساعة ونصف، إلى نوعية الأفلام التوثيقيّة الحواريّة التي تهدف إلى أَرشفة الأحداث بحياديّة وموضوعيّة أساسهما الحقيقة، لكنها تتطلّع أيضاً إلى خلق رأي عام باتجاهات تغييريّة تاريخيّة، والمقصود هنا، من وجهة نظر جدعون، حثّ اللبنانيين، مقيمين ومغتربين، على تبني رؤية تغييرية والسعي لإنجازها بعمل متكامل وتراكميّ دفاعاً عن القضيّة الّلبنانيّة. وقد لاقى الفيلم أصداء إيجابية من لجان التحكيم وصانعي الأفلام بعد عرضه في "كان"، ويتمّ التحضير لعرضه في خمسة مهرجات دولية متخصّصة، قبل أن يطرح في صالات العرض الأسترالية والأميركيّة والكنديّة والأوروبيّة والعربيّة وصولاً إلى لبنان ابتداء من شهر تشرين الثاني المقبل.
وينطلق فيلم Enough من تفجير مرفأ بيروت في 4 آب 2020 كلحظة فيضان الحزن والألم والغضب الذي يختزنه الشعب اللبناني جرّاء ممارسات المنظومة الحاكمة منذ عقود، فيما تختصر كلمة "Enough is Enough" هذا الوجع. وإذا كان تفجير المرفأ حاضراً بقوة في سياق الفيلم، فإن سرديّته الرئيسية تستقي مادتها الأهم من ثورة 17 تشرين وخيبة أمل اللبنانيين من فشل قادتهم في كل شيء، خصوصاً وأن العمل على هذا المشروع انطلق منذ العام 2016.
تؤكّد جدعون أنّها لم "تهدف خلال عملها على الفيلم نقل وجهة نظر الأطراف السياسيّة، وخصوصاً الموقف من تفجير بيروت، إذ إنّ صناعة الفيلم استغرقت 5 سنوات، حيث كانت الرؤية الأولى تهدف إلى إجراء مقارنة عن لبنان الستينيّات والسبعينات، ولبنان ما بعد انتهاء الحرب والتحسن النسبي الذي طرأ في السياحة والإقتصاد والخدمات"، لكن تراجيدية لحظة تفجير 4 آب جعلتها تحضر بقوة في مسار الفيلم وإخراجه بشكله النهائيّ.
وتستذكر جدعون أنها أجرت عشرات المقابلات مع لبنانيين من مختلف الأطراف السياسية والأحزاب والطوائف والمستويات الاقتصاديّة والاجتماعية والأكاديميّة "وقد تفاجأت بأن الهواجس هي نفسها، وكذلك المخاوف ومعدلات اليأس والوجع بالرغم من مظاهر الحياة والرفاهية وحسن العيش الذي كان ماكياجاً لانهياراتٍ آتية، مع أهميّة وعي الهوّة في الصدقيّة بين السياسيّين والنّاس".
وتؤكّد جدعون أنّها و"من خلال خبرتها في عالم الكتابة والتسويق والإعلان أرادت إيصال صوت اللبنانيين للعالم. فاللبنانيّون يعرفون قضاياهم ومطالبهم جيداً لكن الأهمّ إيصال هذه إلى العالم والاغتراب. وهنا دور السينما والموسيقى وعملية التوثيق، بالإضافة إلى استنفار حماسة المغتربين اللبنانيين تجاه القضية اللبنانيّة قضيّة بلدهم الأم".
وتتوقف جدعون عند مفارقة لافتة وهي أن "غالبية السياسيين الذين التقتهم يتحدثون عن رؤيتهم للأوضاع ويقدّمون مقاربة تدّعي أنهم يضحون لمصلحة البلد، وأنّهم صادقون في عرض وجهة نظرهم!! تماماً كما يؤكد الثوّار في الساحات صوابية رؤيتهم.. وهنا تبرز مسؤولية كاتب الفيلم ومنتجه في عرض القضية بحيادية وموضوعية"، وتلخّص رؤيتها بالقول إن "التغيير ممكن، بل حتمي، وليس عن طريق الطبقة السياسية الموجودة، لكن من الضروري أن يقتنع الشعب بضرورة هذا التغيير، وأن يلجأ إلى الآليات والطرق الدستورية عبر الإنتخابات، للتغيير التدريجي وهذه مسألة تتعلّق بتحوّل عميق يحتاج وقتاً. وهذا ما أؤمن به"، ولذلك تسعى من خلال عرض الفيلم في بلدان الاغتراب الرئيسية إلى حثّ اللبنانيين في الإنتشار للمشاركة بالإنتخابات النيابيّة المقبلة للإسهام في عملية التغيير المطلوبة.
وإذ تترقّب جدعون مرحلة طلب السّماح بعرض الفيلم في لبنان بحذر، تجد ذاتها وكلّ الشعب الّلبناني معنيّين ببثّ رسالة أمل وسلام ومحبة وتنوّع وكرامة إنسانيّة من لبنان الرّسالة إلى العالم، مع قناعةٍ عميقة بأنّ الفاتيكان وعلى رأسه البابا فرنسيس يؤكّد على أنّ رسوليّة لبنان عميقة الجذور وهويّته لن تسقط فهي مباركة".
وفي الختام قدّم الخليل باسم الملتقى إلى جدعون أرزة رمز خلود لبنان، عربون تقدير وشكر لعملها المتميّز في خدمة لبنان على امتداد العالم.