راجانا حمية
يوماً بعد آخر، تصبح الأزمة في القطاع الصحي أكبر وأصعب. ويبدو أن الأيام التي ستأتي أسوأ بكثير من تلك التي مرّت، فالانهيارات في هذا القطاع لا حدود لها، ففي كل يوم ثمّة ما يحدث، سواء كان في توقف الكثير من الأقسام في المستشفيات أو توقف بعض العمليات بسبب فقدان الأدوية أو... فقدان مادة المازوت التي تهدّد القطاع بأكمله. أمس، علت الصرخة من مصانع الأمصال المحلية، حيث أعلنت شركة «ألفا» لإنتاج وصناعة الأمصال عن توقف الإنتاج فيها بسبب فقدان مادة المازوت. أخطر ما في ذلك الخبر أنه يحدث في أكبر المعامل الوطنية التي تغطي 70% من حاجة السوق، وتحديداً المستشفيات، من جهة، وفي أنه يحدث أيضاً في شركة «ألفا» للمرة الأولى منذ 40 عاماً! وهذا ما يؤشر إلى العمق الذي بلغته الأزمة المالية ــــ النقدية ــــ الاقتصادية.
لم يعد القطاع الطبي على شفير الهاوية، وإنما «وصلنا»، يقول نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة، سليمان هارون. الوصول، بحسب هارون، تجلّى أمس في «إفلاس» خزانات الوقود في معمل ألفا للأمصال، وهي التي كانت تكفي لحدود 6 أشهر، بحسب سعاد عقل، المديرة العامة في الشركة، مشيرة إلى أنها «كانت من أكبر الخزانات وتتسع لما يقارب 150 ألف ليتر». أما اليوم، فقد... أطفئت المحركات. تقول عقل إن الأزمة بدأت منذ شهرٍ من الآن، عندما باتت الشركة تنتظر «يوميّتها» من المحروقات. كانت «عالقد»، على ما يقال، إذ إنه بحسب عقل كانت تكفي لسدّ الحاجة اليومية التي كانت تقدر بـ 12 ألف ليتر، «وكنا نتلقى ما بين 10 إلى 12 ألف ليتر. لكن، منذ أسبوع تقريباً بدأت الأمور تتجه نحو الأسوأ، إذ بدأت الكمية تخفّ تدريجياً، إلى أن تلقينا اتصالاً أول من أمس من المورّدين يخبروننا فيه أنه لم يعد لديهم مازوت».
منذ تلك اللحظة، اتخذ القرار بالتوقف عن العمل بسبب العجز عن توفير مادة المازوت. ولئن كان نقيب أصحاب المستشفيات قد عمل «على تأمين حوالى 5 آلاف ليتر»، إلا أن هذه الكمية كانت كافية فقط لإنهاء الكميات المطلوبة ليوم أمس. وتقول عقل: «أمس أنجزنا عملنا وسلّمنا المطلوب وتوقفنا عن العمل». لا تعرف عقل كم تطول مدة التوقف، إذ إن ذلك يخضع لمعيار توفر مادة المحروقات، وخصوصاً أنها أساسية في العمل «الذي يقوم بكليّته على البخار والتعقيم بالبخار، وهذا كله يحتاج إلى المازوت». أما ماذا يعني ذلك؟ أن «لا أمصال في المرحلة القادمة»، وخصوصاً أن الخزين ليس واحداً لكل الأصناف، فبحسب عقل «هناك أصناف تكفي لشهرين أو 14 شهراً، لكن في المقابل هناك أصناف تكفي فقط لـ 14 يوماً، ومن بعدها لا أمصال وهذا يعني توقف بعض الخدمات الطبية ما لم يتم حل الأزمة».
حتى تلك اللحظة، يعني توقف معمل ألفا أن 70% من كفاية السوق المحلي قد توقفت، لناحية أن هذا المعمل هو أكبر المعامل الوطنية الموجودة. وفي التفاصيل، يوجد في لبنان 3 معامل للأمصال، معملان يغطّيان 100% من حاجة السوق (شركة «ألفا» وشركة الأمصال اللبنانية)، فيما المعمل الآخر، وهو «سيروم»، لم يبدأ بعد بالعمل. إذاً، معملان، أكبرهما «ألفا» الذي توقف أمس، فيما المعمل الثاني يفي بـ 30% من الحاجة. وبحسب عقل، فإن «هذا المعمل عاجلاً أو آجلاً سيعلو صوته مع انتهاء الستوك لديه».
إلى ذلك، تكمن أهمية معامل الأمصال في كونها «تشكل الخبز اليومي للمستشفيات»، على ما تقول عقل، إذ إن الأمصال تستخدم في كل العلاجات، في غسل الكلى وفي العمليات وفي العلاجات التقليدية وغيرها. وبالنسبة إلى معمل «ألفا»، فهو يؤمن ما بين «35 ألفاً إلى 50 ألف كيس مصل في اليوم الواحد للمستشفيات»، بحسب عقل، ما عدا الكميات التي توزع في السوق.