عيسى يحيى
عامٌ مضى على تفجير مرفأ بيروت ولا يزال هول الفاجعة راسخاً في أذهان كل اللبنانيين، ذكرى يتجدّد معها الحزن والألم كل عام، وعلى طول الأيام التي تمرّ يستذكر أهالي الضحايا أحبّتهم، يعيشون على أمل أن تبصر الحقيقة النور وأن يحاسب القتلة المجرمون، فيما يعيش السياسيون في وادٍ غير ذي مسؤولية أو تأنيب ضمير.
لم يترك الحزن منطقة او بلدةً لبنانية إلا وحطّ رحاله فيها إثر التفجير المشؤوم، نعوشٌ توزّعت على محافظات لبنان بأكمله، اختلطت فيه الدماء بعيداً من الطائفية والمذهبية، وإجتمعت على حب الوطن وفداءً له، في وقت لا تترك السلطة الحاكمة بكافة مكوناتها مناسبةً إلا وتكشّر فيها عن أنيابها لتقاسم الحصص والمغانم بإسم الطائفة والدين، يتهرّبون من المساءلة والمحاسبة، يتقاذفون التهم والمسؤوليات لتبقى حقيقة من دمرّ وفجّر ضائعة.
ولأن لبعلبك الهرمل حصّة في كل إستحقاق وطني، أبت إلاّ أن تشارك أخواتها المناطق اللبنانية كافة، وقدّمت ثمانية شهداء في تفجير آب توزّعوا على بلدات وقرى البقاع الشمالي، من القاع والشهيدة سحر فارس، إلى الهرمل وإبنها شهيد المؤسسة العسكرية حمزة إسكندر، وبعلبك وشهيدها هولو عباس والشهيد علي مشيك إبن بلدة قلد السبع، وبوداي التي إستقبلت شهيد الجيش حسن شمص، وشعث التي كانت على موعد مع إستقبال حمد العطار، لتلتحق بلدتا النبي عثمان وحربتا بركب قافلة تقديم الشهداء.
وفي الذكرى السنوية الأولى للإنفجار الجريمة، تأبى بعلبك إلا أن تكون في قلب الحدث، تشارك اللبنانيين أوجاعهم وإنتفاضتهم بوجه التأخير في التحقيقات ومحاسبة الفاعلين. وعليه، وجّه ثوار بعلبك الهرمل دعوة لمختلف الفئات والأطياف في المنطقة للمشاركة بمسيرةٍ راجلة تنطلق من ساحة المطران التي إكتسبت رمزيةً منذ ثورة تشرين جمعت خلالها أبناء المدينة من مختلف الفئات، إلى أمام قصر عدل بعلبك لتنفيذ وقفةٍ تضامنية مع أهالي الضحايا.
وتأتي الوقفة مساء الثالث من آب، أي على بعد يومٍ واحد من الذكرى إفساحاً في المجال للذين يودون المشاركة في التحركات التي ستقام في بيروت اليوم.
وتحت عنوان "ذكرى مأساة بحجم وطن، ذكرى تجسّد فساد منظومة كاملة، ورفضاً للتهرّب من المحاسبة والعدالة، وركوبهم الحصانات الوهمية، وكلنا ضحايا هذه المنظومة وآن وقت رحيلهم"، إنطلقت المسيرة التي نظمها ثوار بعلبك الهرمل والتي شارك فيها عشرات الشبان والشابات من مختلف الفئات والأعمار والإنتماء السياسي من ساحة المطران، حيث جابت السوق التجاري على وقع ترداد الشعارات المندّدة بالسلطة الفاسدة، والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن التفجير، وإنتهت المسيرة أمام قصر عدل بعلبك حيث ألقى الشاب زياد الديراني كلمة بإسم ثوار بعلبك الهرمل حيّا فيها الثوار على مثابرتهم في المعارضة التي إنطلقت منذ ثورة 17 تشرين، وأضاف أنه "يصادف يوم غد ذكرى 4 آب يوم إنفتحت ابواب جهنم على المرفأ وعلى الجزء الأكبر من بيروت وعلى لبنان، هذه الأبواب التي فتحها على لبنان واللبنانيين نظام الطوائف الرأسمالي الفاسد بكل أطرافه، المرتكب منهم والذي يغطي المرتكب، هذا النظام الذي يتحدّى العدالة، ويعجز عن تشكيل حكومةٍ تنقذ اللبنانيين من الإنهيار المعيشي".
وأضاف: "الحكومة المستقيلة وعدت بكشف الحقيقة خلال خمسة أيام ونحنا أمام مضي سنة، والمجلس النيابي رفض رفع الحصانات عن المشتبه بهم من المسؤولين، عن إحضار وتخزين وتهريب مادة الأمونيوم، هناك من ارتكب وهناك من غطّى عن المرتكب فالجميع مسؤولون"، وتوجه إلى أهل بعلبك الهرمل بالقول: "كي نفضح سوياً مسؤولية النظام الطائفي المسؤول إنزلوا إلى الشارع، تعالوا إلى المعارضة الشاملة كي ترتاح أرواح الضحايا ونفوس أهلهم، ويرتاح الجرحى والمهدّمة بيوتهم، وتتحقّق العدالة ونوقف الإنهيار المعيشي، ونستعيد لبنان الديموقراطي، انزلوا إلى الشارع ولنغادر الطائفية".