على بعد ايام قليلة من الذكرى الاولى لثالث اكبر انفجار في العالم... الانفجار الذي دمّر نصف "زهرة الشرق" وشرّد سكانها، ويتّم اطفالها، وشوّه اهلها... يتساءل الجميع وخاصةً اهالي شهداء المرفأ عن مصير التحقيقات في ملف انفجار مرفأ بيروت وعما اذا ستتحقق العدالة لاولادهم واحبائهم.
"حياتنا صارت تشبه الفحمة"... بهذه الكلمات وصف الاب المحروق، المكسور، والحزين بعد رحيل فلذة كبده في انفجار مرفأ بيروت الذي خطف ارواح اكثر من 200 شهيد وآلاف الجرحى.
هذا الرجل الذي ما زال ينتظر ظهور الحقيقة في ملف المرفأ وما زال يأمل ان تتحقق العدالة في بلد غاب عنه القضاء المستقل واختبأ زعماؤه خلف الحصانات.
"اندفاعه تيساعد رفقاته هو يلي قتله"... شربل متى، العريف في امن الدولة، كان يقوم بواجبه الوطني في نقطة خدمته في مرفأ بيروت. وبحسب الرواية التي رواها السيد عبدو متى، والد الشهيد شربل متى، لموقع vdlnews فبعد ان نشب الحريق الاول، اي قبل لحظات من الانفجار توجه شربل على متن دراجة نارية لمساعدة رفيقه الذي كان قد اصيب بجروح لنقله الى اقرب مستشفى، وبعد ان ركبا على الدراجة، توجها لمساعدة رفيقهما الثالث الذي قد اصيب ايضاً، ولكن ضغط الانفجار كان اقوى بكثير من قوة اندفاعه ورماه بعيداً و"شربل مات ورفقاته ضلن عايشين".
ووصف عبدو ليلة 4 آب بـ"الكابوس": "كنا نمشي بين الأشلاء وبين الدماء... كنا نشم رائحة الموت، كنا نرى الناس في الطرقات، وجوههم مغطاة بالدماء وتطلب المساعدة". وتابع: "اذا كنت مضيع تلفونك بتتعذب كتير تتلاقي، كيف اذا مضيع ابنك؟".
وايمان عبدو بالعناية الالهية كبير، وبحسب روايته فعندما كان في طريقه الى منزله الكائن في محلة زوق مكايل لتغيير ثيابه، مرّ امام تمثال "يسوع الملك" في زوق مصبح ونظر اليه وقال: "يا رب، طلب واحد بس، انو لاقي فرد شقفة".
وكأنّ الوجع الذي سبّبه موت شربل، لم يكن كافيا بالنسبة للعائلة، ولا لأهالي الضحايا. اتت الدولة لتفعل المزيد بهؤلاء.
ففي سياق الحديث مع العائلة، اكدت عمة شربل ان الاهالي تعرضوا للضرب من قبل القوى الامنية، كاشفة انه خلال آخر تحرك للأهالي امام مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة، طلبت النسوة من القوى الامنية التقدم اكثر وذلك لايصال صوتهن، كون السلطة لم ترد عليهم، فما كان الرد الا بالضرب والدفع الى الوراء ما ادى الى سقوطها ارضاً، متابعةً: "قمت وطلعت بي يلي دفشني وقلتلو، تخايل امك واقفي محلي وحاملتلك صورتك، بتريد ينعمل فيها هيك؟".. "ما شفت الا عيونو صارو كلن دموع وبلش يبكبي".
واشار عبدو الى ان تحركات اهالي الضحايا لن تتوقف، وفي 4 آب "نخطط لمسيرة تختتم بالقداس الالهي الذي يحتفل به غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي فقط لا غير، ولا نخطط لأعمال شغب كما يشاع".
وفي سياق الحديث، سكت عبدو... نظر الى صورة ابنه الموجودة على الطاولة وقال: "هيدا الشهر صعب، عيد مار شربل وعيد ميلادو وبعد كم يوم في 4 آب". ولكن غصة الاب المكسور منعته من ان يكمل حديثه، فتابعت رفقا شقيقة شربل بالقول: "كان كتير يحب عيد ميلادو، الغاتو والزينة والجمعة... ونحنا هل سنة رح نعيدلو عيد ميلادو بدونو"، متابعةً: "كان يقول رح خليكي تكوني فخورة فيي... انا بدي قلو انو انا فخورة فيه".
العائلة التي لم تتمكن من محو مشهد ذلك "الكابوس"، توجهت برسالة للمسؤولين في السلطة، ترجمت كلماتها بغصة الاب ودمعة الأخت والعمة. وتوجه عبدو الى وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي قائلاً: "يلي خايف من رد الفعل تبعنا وبي حط 200 عنصر قدام بيتو من بعد ما كذب علينا، ما بي خاف من عدالة السما؟"، وسأل المسؤولين: "ما كان فيكن تنبهوا الناس من الأول انو في مواد مشتعلة خطيرة نايمة بالمرفأ عنا؟ ما كان فيكن تخلو المنطقة وقت ولعت الحريقة؟".
وحتى لحظة ظهور الحقيقة، لا يبقى لنا سوى الأمل والرجاء والصلاة على امل ان تتحقق العدالة الارضية، فويلٌ لهؤلاء الذين يهربون من عدالة الأرض جاهلين ان عدالة السماء اقوى بكثير. "عقبال المية مع يسوع يا بابا"...
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا