حروب مرت، اغتيالات، هزّات أمنية، حوادث سير، حرائق وفياضانات وازمات اقتصادية مهولة... أحداث كثيرة خطفت "الغوالي" من أحضان الأحباء.... كلها مشاهد صعبة وثقيلة ولا شيء يشفي جروح الفراق.
ولكن تلك الغيمة المسمّمة التي كست سماء العاصمة في 4 آب 2020 عند الساعة 6 و 7 دقائق مساء، تلك الغيمة لا مثيل لها... هي التي حلت علينا عابقة برائحة الموت وأنزلت قدر شتاء السماء دموعا من عيون امهات فقدن أولادهن ونساء فقدن أزواجهن وأطفال فقدوا ذويهم... هي غيمة لا مثيل لقسوتها والألم الذي خلّفته!
وكأنه كتب على الأمهات في هذا البلد ان تلبسن الأسود حتى انقضاء الدهور... وكأن الظلم والفراق ثمن لا بدّ من دفعه مهما اختلفت أعمارنا... كيف ننسى؟ كيف ننسى رائحة الدم الذي أغرق شوارع بيروت في تلك الليلة المشؤومة؟ كيف ننسى الأيام التي بقيت فيها فرق الدفاع المدني والصليب الأحمر وكل من تطوع داخل المرفأ المدمر يبحثون بين أنقاض المدينة عن أعضاء مبتورة وعن جثث ضائعة علّ الحياة لم تتخلّ عنها بعد!
كيف لنا أن ننسى الصراخ والعويل ودموع الخوف والألم والموت... كيف ننسى غرباء حملوا أجسام بعضهم علّهم يخلصون ما تبقى منهم... كيف ننسى الزجاج الذي انفجر من النوافذ والسيارات وكسى الأرض على وسع بيروت... كيف ننسى جثث الأطفال وذعر الأهل.... لا لن ننسى! من أجل كل دمعة أب مكسور ومن أجل عيون أمهات لم تذق طعم النوم.. من أجل كل حبيب وصديق وعزيز وجار وجد وشقيق وغال... من أجل كل من خسر حياة او عضوا او منزلا او رزقا... من أجل كل من دفن قطعة من قلبه تحت حطام المدينة، لا بد أن نشارك في القداس الذي ينظمه أهالي الشهداء في المرفأ يوم 4 آب، في الذكرى السنوية على تلك الكارثة!
هناك حيث خسروا الحياة بما فيها، يجب أن نحتفل معهم بالذبيحة الالهية عن أرواح من غابوا... عند الساعة السادسة و7 دقائق يجب أن نشاركهم ألمهم وصلاتهم لأرواح طاهرة خطفوا منها الحياة بالرغم عنها...
هناك سنرى وجه ألكسندرا الصغير باسما في السماء وسنرى عيون غسان حصروتي المحبة تبحث عن عائلته... هناك سنرى سحر بفستان زفافها تلوح لخطيبها من فوق... سنرى أيادي جو نون وجو بو صعب ورالف ملاحي مفتوحة تنتظر غمرة كبيرة من الأحباء... هناك في السماء وفي تلك اللحظة بالتحديد سيومي جو عقيقي لوالدته باسما... في هذا القداس سيجتمع الشهداء جميعا لتشارك أرواحهم معنا من فوق الصلاة، هناك حيث الله يعلم كل شيئ.. من ذلك العلياء حيث أنصفتهم عدالة السماء... من هناك ومع الأهالي سنتشارك في الصلاة... وحتى يحين موعد الحق والحقيقة... المسيح قام!
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا