شارك رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب عبر تقنية الفيديو في الاجتماع الثاني للمجموعة الإستشارية الخاصة بإطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمارالذي عقد قبل ظهر اليوم في السراي الحكومي وحضره الوزراء زينة عكر، راوول نعمه، ريمون غجر، مستشار رئيس الحكومة السفير جبران صوفان، نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي، سفيرالاتحاد الأوروبي رالف طراف، المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار، ممثلة البنك الدولي في لبنان منى كوزي، ومن أمانة إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار جاب فان ديغيليه، وعبرتقنية زوم منسق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير بيار دوكان، وممثلون عن الأمم المتحدة والبنك الدولي.
وألقى رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب كلمة جاء فيها:
"يشرّفني أن أرحّب بكم جميعًا لحضور الاجتماع الثاني للمجموعة الاستشارية الخاصة بإطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار(3RF). لا يخفى عليكم أنّ لبنان يعاني انهيارًا تاريخيًا على جميع المستويات. وعليه، يتعيّن التحرّك بسرعة لقلبِ مسار الانهيار وتسريع عمليّة التعافي والانتعاش. من الواضح أنه سيكون من الصعب جدًا على البلاد التعافي من هذا الانهيار غير المسبوق بدون مساعدة المجتمع الدولي ودعمه. وفي هذا السياق، أنتهزها فرصةً لشُكر جميع الدول المانحة والمنظمات الدولية التي سارعت لمساعدة لبنان عقب انفجار مرفأ بيروت.
لقد مرَّ ما يقرب من عام على انفجار مرفأ بيروت المروع، وقد كان عامًا صعبًا للغاية على عائلات الضحايا. من أجل هذه العائلات التي تعاني جروحًا لا تُمحى وجميع اللبنانيين الذين يلتمسون المساءلة والذين يحقّ لهم معرفة الحقيقة، نتوقّع أن تسود العدالة بعد إجراء تحقيق نزيه وشامل.
في وسط المساعي الحاليّة الرامية إلى تشكيل حكومة، تُعَدّ الانتخابات النيابيّة خيارًا رئيسيًا لتحقيق انفراجٍ من خلال السماح للبنانيين بتحديد الطريقة التي يريدون أن يُحكم بها بلدهم. وعليه، مع اقتراب موعد انتخابات عام 2022، فإنّ أيّ حكومة لبنانيّة، ملزَمة باحترام المُهَل القانونيّة المنصوص عليها في القانون الانتخابي الصادر عام 2017 لجهة بدء الاستعدادات للانتخابات المقبلة. كما تداولنا في خلال اجتماع بنّاءٍ للغاية عُقد مؤخرًا في السراي مع السيدة إيلينا فالنسيانو، الرئيسة السابقة لبعثة الاتحاد الاوروبي التي تولّت مراقبة الانتخابات النيابيّة في العام 2018، فقد بدأت العمليّة بالفعل، حيث أننا قمنا بمراجعة الإمكانيّات العمليّة والنفقات والمتطلبات الفنيّة والقانونيّة ذات الصلة بشفافيّة تامة بغية ضمان إجراء انتخابات حرّة ونزيهة تشكّل السِمة المميّزة للديمقراطيّة، باعتبارها الهدف النهائي لها. وسيتمّ إجراء الانتخابات وفقًا لقانون انتخابات عام 2018، ما لم يُقرّر مجلس النواب اللبناني خلاف ذلك. أغتنم هذه الفرصة لأشكر السيدة فالنسيانو وفريقها على الإشادة بما "أدخَله اللبنانيّون من تحديثاتٍ" وعلى إدارة الانتخابات البرلمانيّة الأخيرة "بطريقة منظَّمة وسلميّة وفعّالة وحياديّة". كما أننا نرحّب بتوصياتهم إذ توفّر لنا رؤى مستنيرة بشأن كيفيّة الارتقاء بالعمليّة الانتخابيّة المقبلة، ونأمل أن يستفيد لبنان أيضًا من دعمكم في تحقيق هذا الهدف.
حضرة السيدات والسادة، إذ نجتمع اليوم لتقييم التقدّم الذي تم إحرازه في تطبيق إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار منذ إطلاقه في آذار/مارس 2021، فإنني أودّ تسليط الضوء بإيجازٍ على بعض القضايا الهامة.
نظرًا للتدهور السريع في القوة الشرائيّة للعائلات اللبنانيّة، فإنّ الأولوية القصوى للحكومة اللبنانيّة في هذه المرحلة تتمثّل في تفعيل المشروع الطارئ لدعم شبكة الأمان الاجتماعي (ESSN). نقوم حاليًا بالتنسيق الوثيق مع البنك الدولي لتفعيل المشروع بحيث يمكن البدء بتنفيذه في أقرب وقت ممكن وفقًا للمعايير الدولية التي وضعها شركاؤنا الدوليّون.
من المسائل البالغة الأهمية أيضًا نذكر قضية الدعم. لسوء الحظ، لقد واجهَ برنامج دعم احتياطي النقد الأجنبي الذي بدأ العمل به في أيلول/سبتمبر 2019 مشاكل عدّة أدّت إلى استنفاد الاحتياطيّات الأجنبيّة للمصرف المركزي (مع بقاء 14٪ فقط). وقد حرصت الحكومة على إدخال نظام التحويلات النقديّة قبل رفع الدعم نظرًا للمصاعب التي سيُلحقها ارتفاع الأسعار بالأُسر اللبنانيّة. ولهذا السبب بالضبط جرى تحديد مبالغ التحويلات النقديّة بطريقة تعوِّض عن الخسارة في القوة الشرائيّة نتيجة رفع الدعم عن الأُسر المتضرّرة بشدّة.
كما صادقَ مجلس النواب مؤخرًا على قانون يغطّي إطار تمويل التحويلات النقديّة، استجابةً لخطة الحكومة اللبنانية المستندة إلى دراسة أجرتها وزارة الاقتصاد والتجارة بمساعدة فنيّة من البنك الدولي.
خطّتنا للمضي قدمًا هي التالية: لقد تمّ السبت الفائت توقيع الاتفاق الذي ينصّ على حصول لبنان على الفيول من العراق لصالح مؤسسة كهرباء لبنان. وعليه، نتوقّع أن تزداد التغذية بالتيار الكهربائي في الأيام المقبلة. أمّا بالنسبة إلى البنزين والغاز، فإنّ الشحّ والطوابير الطويلة هي نتيجة طبيعيّة لتقلبّ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية من بين جملة أمور أخرى. بطبيعة الحال، ستستمرّ الحكومة في محاربة ممارسات الأسواق غير القانونيّة وكذلك أنشطة التهريب. نحن ندرك أنّ هذه الخطوة في حدّ ذاتها غير كافية وينبغي أن تكون جزءًا من برنامج شامل يرمي إلى تحقيق استقرار الاقتصاد الكلّي ويتضمّن خطةً لشبكة الأمان الاجتماعي. وينبغي أن يُدرَج هذا الموضوع على رأس جدول أعمال الحكومة المقبلة كأساسٍ للتفاوض مع صندوق النقد الدولي.
في ما يخصّ مشروع إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار، الذي ستقدّم لكم نائبة رئيس الوزراء لمحة مفصّلة أكثر عنه، فسأحيطكم علمًا ببعض النقاط الرئيسية ذات الصلة. لقد تمّ إقرار قانون المشتريات العامة في 30 حزيران/يونيو 2021. كما بدأت لجنة برلمانيّة مناقشاتٍ في كانون الأول/ديسمبر الماضي حول مشروع قانون المنافسة، والذي يستند إلى حدّ كبير إلى المسودة المقترَحة من قبل وزارة الاقتصاد والتجارة. كما جرى تعديل قانون الوصول إلى المعلومات لعام 2017 في حزيران/يونيو 2021، ممّا أدّى إلى تعزيز الشفافيّة وفرصة اكتشاف الممارسات الفاسدة. ونشرت وزارة الاقتصاد والتجارة استراتيجيّة نموّ مدفوعة بالتصدير وقائمة على الإصلاحات لمصلحة لبنان. كما أدخلت الوزارة مفهوم النافذة الواحدة، وهي في طور إدخال خدمة الدفع الرقمي لجميع معاملاتها، ممّا يُشكّل خطوةً حاسمة في سبيل تعزيز بيئة ممارسة الأعمال. كما نعتزم العمل على جعل كلّ الوزارات والمؤسّسات العامة الأخرى تحذو حذو وزارة الاقتصاد.
أودّ في هذا السياق أن أعبّر عن امتناني للدول المانحة المساهِمة في صندوق الائتمان المخصَّص لتمويل عمليّة الإصلاح والتعافي والإنماء في لبنان، وللبنك الدولي على إدارة هذا الصندوق. سيكون مشروع إعادة بناء مؤسّسات الأعمال في بيروت بشكلٍ أفضل (B5) أول مشروع يتمّ تنفيذه، ونأمل أن يبدأ في صرف الأموال للمؤسّسات الفائقة الصغر والصغيرة والمتوسطة في الأسابيع القليلة المقبلة. وهذا من شأنه أن يَمنح هذه المؤسّسات متنفّساً وأن يعزّز استدامة مؤسّسات التمويل الصغير المؤهَّلة للاستفادة من المشروع.
وأخيرًا، فإنّ التزامنا الذي نُعيد التأكيد عليه مجددًا في هذه المناسبة، والقاضي بتنفيذ الإجراءات والإصلاحات ذات الصلة بالسياسات في حدود الصلاحيّات القانونيّة المنوطة بحكومة تصريف الأعمال، لا ينبغي بأيّ حالٍ من الأحوال أن يَطغى على ضرورة تشكيل حكومة جديدة جامعة على نحوٍ ملحّ. وقد أكّد أمين عام الأمم المتحدة على ذلك بصورةٍ بارزة في تقريره الدوري الأخير حول القرار 1701 والذي ذَكر فيه: "إنني ما زلتُ أحثُّ القيادة السياسيّة في لبنان، بالنظر إلى خطورة الوضع، على الارتقاء فوق المصالح الضيّقة والإسراع في تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ التدابير التي من شأنها وضع البلاد على طريق التعافي".
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا